بين زلزالين سقطت إنسانية الغرب المفتعلة - الارشيف

 

السكة – خاص – كتب عبد الله شقير

لا يزال الزلزال الذي ضرب كلا من تركيا وسورية يوم السادس من فبراير حديث الساعة في كافة وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء. صحيح أنه لم يكن الأقوى على مستوى العالم، لكنه كان الأقوى على مستوى اللإقليم ، وقد أشار مراقبون أنه بالنظر للطبيعة الجيوسياسية للمناطق التي ضربها يمكن وصفه بالزلزال الأكثر فرادة في العقود الأخيرة، إذ سرعان ما تحول الى زلزال شامل، جيولوجيا، وسياسيا، واجتماعيا، واقتصاديا.

إذ ما أن استفاق العالم على الكارثة حتى تدحرجت كرة الثلج من جهات الأرض الأربع لتقديم الدعم، وارسال المساعدات، والإعلان عن الإستعداد لتقديم مساعدات مالية بالمليارات .

وقد عُدّ هذا الزلزال هو الأقوى في تاريخ الزلازل التي ضربت هذه المنطقة  . وفي الإحصائيات فقد تجاوز عدد الضحايا في كلا من سوريا وتركيا الخمسين الف قتيل وقرابة الستين الف مصاب، بينما تجاوز عدد المتضررين من الزلزال ما يقرب من الثلاثين مليون إنسان!.

وهذه الأرقام وفق سلطات البلدين مرشحة للزيادة مع استمرار عمليات البحث والإنقاذ المستمرة عن ضحايا وناجين ، إذ لا زالت فرق الإنقاذ مستمرة في انتشال العالقين بين الأنقاض حتى صباح اليوم مع تضاؤل الفرصة لإيجاد ناجين بين الركام.

وفي أعلنت تركيا ظهر أليوم الأحد 19- 02 2023 وقف عمليات الإنقاذ، ما تزال فرق الإنقاذ السورية في سباق محموم مع الزمن للبحث عن ناجين.

وقد أحدث هذا الزلزال صدعا أرضيا يزيد طوله عن 100 كيلو متر مما ينذر بحصول زلازل أخرى في المناطق المجاورة لهذا الصدع الواقع بين الصفيحة الأناضولية والعربية والأفريقية حسب ما صرح به الجيولوجيون .

وفي حين ضجت وسائل التواصل بالمقارنة بين عمليتي البحث والإنقاذ في كل من سورية وتركيا ، إلا أنه لا مجال لهذا النوع من المقاربات نظرا للفرق الشاسع في ظروف كل من البلدين .

فسورية التي تدخل عامها الثالث عشر في مواجهة حرب هي الأكثر دموية، وشراسة من بين كل الحروب بالوكالة التي عاشتها المنطقة في العقود الأخيرة ، واجهت تحديا تمثل في وقوع مناطق شاسعة من تلك التي ضربها الزلزال  في المناطق التي تسيطر عليها “المعارضة السورية” ، والتي قامت بدورها بتأخير وصول فرق الإنقاذ لاعتبارات أمنية وربما لغيرها من الاعتبارات ، وذلك بمنأى عن معاناة المنكوبين وما تبع ذلك من ضياع الفرصة لإدراك من كان حيا بين الركام .

ولكن الأمر الذي أوجع القلب وغُصَّ به صدرُ الإنسانية تلك المعايير المزدوجة، وسياسة الكيل بمكيالين، في التعامل مع الكارثة من قبل دول لطالما ملأت الفضاء بالصراخ حول الحقوق والعدل ، والمساواة، وعلى رأسها أمريكا التي لا زالت تمطرنا بوابل من التوجيهات ،والمحاضرات في الإنسانية وضرورة التمسك بها ، وذهبت أدراج الرياح كل الدعوات التي أطلقها ساسة، وباحثون، ومثقفون، ونقابيون، وحزبيون على مستوى العالم لرفع الحصار عن سورية، والكف عن تسييس الكارثة.

من قبل من يتغنون  بالإنسانية في كل محفل ، وظهرت ازدواجية المعايير في التعامل مع هذا الوضع الإنساني فيما بين سورية وتركيا بأقبح صورها ، حيث صم العالم أذنيه عن صرخات الأطفال تحت الأنقاض لاستدرار عطف هذه الدول المتزعمة للدور الإنساني في إشارة جلية واضحة لموت الضمير.

اترك تعليقا