من ذاكرة السكة – قصة عشق يمنية .. حكاية أغنية من الروائع - الارشيف

السكة – محطة ثقافة وفنون – الأرشيف

حكى في احد الأيام وبسبب شظف العيش في المكلا حزم ابن المكلا سالم حقائبه مهاجراً لإحدى الدول الإفريقية وكانت وجهته هي مومباسا في كينيا
في ساحة الميناء وقف الثلاثة سالم وزوجته فاطمة وابنتهما مريم بنت الربيع السابع
الوقت يجري بسرعة وحدقات الأعين تمتلئ بالدموع وفجأة يرسو قارب صغير لنقل المسافرين إلى ظهر الباخرة
لحظات عصيبة قلق توتر آهات وحسرات حتى أتت لحظة الوداع وترجل سالم على ظهر القارب الصغير ويبحر القارب متوجهاً صوب الباخرة الناقلة للمسافرين وتبقى الزوجة فاطمة والبنت مريم يودعان الوالد
كانت فاطمة تلوح لزوجها يد تودع بها زوجها ويد تمسح بها دموعها تجهش ابنتها مريم بالبكاء فتحتضنها الام وتربت على كتفها وخدها لتهدئتها وتطمينها بعودة والدها قريباً محمل بالهدايا
غادرت الأم وابنتها الميناء إلى البيت بنفوس حزينة وقوى خائرة استسلمتا للقدر
بعد شهر ونصف تصل أول رسالة لفاطمة من زوجها سالم بالوصول وبعد أشهر من وصوله مومباسا ابتسمت له الدنيا وضحكت له الحياة..ويرسل الرسالة الثانية والاخيرة وليضيع في تخوم التجارة ودهاليز الحياة في مومباسا وينسى بنته وزوجته ولينقطع تواصله طيلة ثلاثه عشر عام تزوج خلالها من امرأة افريقية ذات أصول عربية
حتى أتى يوم وتقدم للبنت مريم عريس الأم في حيرة من امرها الوالد في حكم المفقود وظروفهم المالية تحت خط الفقر كانت فاطمة بين فترة واخرى تذهب للتجار المتعاملين بالبضائع من مومباسا وتسألهم عن زوجها سالم فيردون بأنهم لايعرفونه حتى أتى يوم وقابلت أحد التجار من أهل المكلا وهناك وجدت ضالتها فالتاجر المكلاوي يعرف زوجها تمام المعرفة واخبرها بأنه مسافر إلى هناك فألهمها قلبها بفكرة وذهبت للشاعر حسين المحضار وحكت قصتها له وان زوجها الذي تزوجها بعد قصة حب طويلة انشغل بتجارته وتركها…

فكتب لها هذه القصيدة :

عاد قلبي معك أو رميته
والهوى ذاكره أو نسيته
خذتنا ملك و الملك ريته كان مدفوع
ما مع العاشق بصر غير الدموع

ياحسين النظر رد برده
لا تخلي رفيقك لوحده
بيننا ليه حبل المودة دوب مقطوع
ما مع العاشق بصر غير الدموع

حسبك الله ياخل حسبك
ريت قلبي يقع مثل قلبك
راح مني طبيبه وحبك فيه مطبوع
ما مع العاشق بصر غير الدموع

إنت غاية مرادي وقصدي
لك تخلصت واخلصت ودي
ما يقولوه العداء فيك عندي غير مسموع
ما مع العاشق بصر غير الدموع

قلت للقلب اقنع و اصبر
قال لي في القنع لا تفكر
المحبة لها عند كل حر عهد مشروع
ما مع العاشق بصر غير الدموع

ياحبيبي تشفّق بخلك
وارحم المبتلي قبل يهلك
ريت في القرب شملي وشملك كان مجموع
ما مع العاشق بصر غير الدموع

وذهبت للتاجر وحملته الرسالة التي بثت فيها أيضا كل اشواقها وحبها وخبر خطبة البنت وقليل من حلويات بن عبيد في المكلا والتي كان يعشقها زوجها لعلها تكون جرس يرن في وادي الزوج النسيان
استلم سالم الرسالة ومرفقاتها وقرأها عدة مرات واجهشت عيناه بالبكاء وتكاثرت اشواقه وحن ورن قلبه المحزون واثارت نار فؤاده وحركت غرامه واشواقه قرر سالم السفر والعودة الى أرض الوطن فحزم حقائبه وانجز اجراءات سفره واخبر زوجته وكل اصحابه واخذ معه مبلغ ليس بالقليل رضاء ووفاء للزوجة وفرحة ابنته العروس وبالفعل وصل عدن ومنها الى المكلا ليجتمع شمل الأسرة من جديد
اشتهرت كلمات القصيدة في الستينات حتى وصلت للفنان أبوبكر سالم فكانت من أفضل أغانيه
الروايه من صفحة عبود، الاموي.

اترك تعليقا