المرأة غير ملزمة بارضاع طفلها - الارشيف
- رماح خاطر
- 28 فبراير، 2023
- كتاب السكة, محطة المرأة
- 0 Comments
بين البابا والإمبراطور .. من يقود من؟ .. وما بين الفقيه والفيلسوف من مرجعية من ؟ …
بين الخليفة وبين الفقيه في التاريخ العربي الإسلامي؟ .. بين راما بوذا .. وبين كريشنا.. من قاد تاريخ الهند ؟
بين السلطة السياسية وبين السلطة الدينية لمن الكلمة الأخيرة ؟
تلك الأسئلة ذهبت بعيدا في خيالي …
من أجل سؤال قد يبدو بسيطا في الظاهر .. لكنه على ما يرى بعض الفلاسفة يرتبط مباشرة بسؤال الوجود في مقابل العدم …
وفي حالة يتضائل فيها السؤال الكبير إلى مستوى قد يراه البعض هامشيا , على منصات التواصل الإجتماعي، حول الزامية المرأة بإرضاع ابنها من عدمها ؟
(انا مش ملزمة بالرضاعة) هكذا كتبت السيدة المصرية (نهاد أبو القمصان) على فيس بوك، لتثور بعدها موجة بين الغضب والتأييد والرفض، فمن أين اتت السيدة الفاضلة بهذا الكلام؟ هذا الكلام يبدو متفقاً عليه او الاختلاف حولهُ بين المذاهب الأربعة بقولهم بوجوب الاسترضاع على الأب، ولا يجب على الأم إلا في حال لم يكن لدى الأب مال يستأجر بهِ من ترضع ابنه، او امتنع الطفل عن الرضاع من غيرها، وبقولهم بوجوبه ولا تؤجر عليهِ المرأة إلا في حالة الطلاق.
وحول اختلاف المذاهب واتفاقها بقضايا المرأة، نجدها كذلك تتفق حول عنل المرأة داخل المنزل، فتذهب المذاهب الأربعة الى أن المرأة غير مُلزمة بالخدمة؛ (طبخ تنظيف ..)الخ فتُنادي امرأة: هذا هو الشرع، الستم تريدون الشرع؟ ولكن ما الذي يحصل هنا اذا ما استخدمت المرأة (حقوقها) الشرعية؟ سيبدأ الصياح من طرف الذكور، وسيقولون: ولكن أين الفطرة؟ حتى الحيوانات تطعم صغارها!!
نعم يا عزيزي ولكن أيضاً أؤكد لك بأن هذا هو الشرع حتى لو جئت بكلِّ مثل. الرجل يمتلك من الجرأة أن يقول لزوجته: أنا غير ملزم بإخبارك أين أذهب ومتى أعود! وغير ملزم بأخذ رأيك في حالة أردتُ الزواجَ ثانيةً! وغير ملزم بمساعدتك في شؤون البيت! وغير ملزم بمشاركتك انفاقي! على الرغم من أن كل عدم الالتزامات هذه التي يلقيها في وجه المرأة ليتحلل من التزاماتهِ ناحيتها، غير شرعية، وليس لها سند ديني.
جميع النساء يُرضعنَ أولادهنّ، هذهِ حقيقة، وجميع النساء يطعمنَ أولادهن ثمرة أفئدتهنّ، وهذه أيضاً حقيقة. وجميع النساء تعتني بالبيوت؛ تُنظّف وتطبخ وترعى وتكنس وتمسح وترتق جراحات الأطفال والكبار وتداوي وتسهر، وتفعل كل ذلك من دون أي منّية، ومن دون أن تُراجع (بالموطأ) لتتأكد إن كان ذلك من ضمن واجباتها أم لا (على الرغم من أنها بالشرع ليست واجباتها، بل هي واجبات الزوج بإحضار خادم وأن يسترضع للولد).
سيرُد قائل: وما هي واجباتها بالله؟؟ تجلس ملكة لا تفعل شيء؟ أقول لك: اذهب واسأل المُشرّع لا تسألني أنا، وإن كان لديك اعتراض قدمهُ لدائرة الإفتاء في بلدك واعترض على الشرع فأنت بالفعل قد بدأت الاعتراض. انا شخصياً لستُ ضد اعتراضك، فلكل من الرجل والمرأة واجبات ومسؤوليات والتزامات تجاه البيت وتجاه بعضهم البعض. وبصراحة لا أنتظر الشرع ليقول لي أن أعتني أو لا أعتني بأطفالي وبيتي، ولكن سأمارس مسؤوليتي التي أشعرها تجاههم ببساطة. ولكن ماذا عنك؟ ماذا عنك وأنت تتبجّح على المرأة بحقوقك الشرعية عليها؟
هل ستقف وتراجع نفسك حول الأمر؟
وهل ستتقدم باعتراض لدائرة الفتوى في بلدك حول هذه (الحقوق)؟ إن أردتَ أن نُناقش بعضنا على أساس الدين فالدين قالَ للمرأة اطلبي المهر الذي تريدينه، اطلبي منهُ سواري كسرى لو شئتِ! ولكن لو شئتَ النقاش على أساس الزمن والوقت الحاضر وما يتطلبهُ الوقت والحضارة الإنسانية، فستكتفي منكَ بخاتم فضة. ولكن أرجوك لا تعُد بعد سنة أو سنتين بالكثير لتعايرها : (لقد أخذتكِ بخاتم فضة)!! تقنعها بالخطاب الحضاري، ثم بعد ذلك تلف وجهك لتضحك على ضحكك عليها مرتين!
مرّة حين صدقت، ومرّة حينَ وفّرت عليك بالفعل! مرّة حين أرضعت ومرّضت وسهرت وطبخت واعتنت ونظّفت واحرقت نفسها في غمرةِ شؤون البيت، ومرّة حين لم تراجع كتب الفقه التي يبدو أنك تحفظ النصوص المتعلقة بحقوقك فيها! سأقول لكَ دائماً يا عزيزي الرجل، لا تحتاج لأن تكون بكل هذا الذكاء حيال مطالب النساء، فأنت الذي تدفعها للنبش في الشرع مثلما دائماً عوّدتها بإصرار نبشك واستقوائك بنص شرعي وبقوّة علوية تبيح لك وتحرّم عليها، لتقول لك: تريد شرع؟ حسناً! شرع بشرع اذاً.
انت تحتاج الى أن تتقيأ حليب الرضاع مملوءاً بالتفوق والاستعلاء، الذي شربتهُ طفلاً، بينما كانت النساء ترضع حليب الذل والخنوع! تحتاج الى فهم معنى التشارك والاحترام! تحتاج للتمرّد على مُلكٍ جائر! تحتاج للقوة لتتمكن من كل ذلك. بوح أخير: وعلى الرغم من ثقتي بأنهُ قد لا يفهم معظم الذكور معناه الماوراءي بقدر تمسكهم بحيثياته، ولكن سأقولهُ وأجري على الله: هل تعرف لماذا لا تبدو المرأة متمسكة بحقوقها الشرعية أمام الرجل؟ لأن هذه الحقوق، تشبه حقوق العبد المملوك، والمرأة رافضة من الأصل أن تكون عبداً مملوكاً، لذلك تبدو غير معنية أصلاً بالقاعدة التي تقف عليها تلك الحقوق، لأنها ترفض القاعدة أصلاً واساساً وابتداءاً. لذلك تراها تجادل بأن المهر (تسليع) للمرأة، على الرغم من أنهُ بالشرع (حقوق). وتجادل بأن القوامة استخفاف بالمرأة وقدراتها، على الرغم من ان القوامة بالشرع (حقوق). وهي لا تعدو أن يكون الرجل خادماً قوّاماً على شؤون المرأة. ولا يعنيها حق الاسترضاع لطفلها، لأن هذا طفلها، وهي ليست مجرد وعاء. عليكَ يا صديقي الرجل أن تسارع بالخروجِ من الكهف، إنهُ مرهق للمرأة أن تستمر بالشرح عن روعة الشمس وما تحدثهُ من بناء ضوئي للطبيعة وللحياة، لشخص يمكثُ في الكهف.