الفيلم الكندي المرشح للاوسكار ”حديث النساء“: ثورة في وجه الظلم والاضطهاد

السكة – كتبت تغريد سعادة

  فيلم الدراما ”حديث النساء“ واالمرشح لاوسكار عام 2023 لافضل تصوير ونص مقتبس، هو عمل ينتمي لما اصطلح على تسميته سينما المرأة. اخرجته الكندية سارة بولي، وهو مقتبس عن رواية تحمل نفس الاسم للروائية الكندية ميريام تويوز وصدرت عام 2018.
والرواية مستوحاة من أحداث حقيقية وقعت في مجتمع مينونايت البعيد والمعزول في اوليقيا في عام 2009. ومينونايت مجتمع تقليدي له زيه الخاص، وعادات خاصة، معزول ولا يتصل بالمدن الحضارية ومتدين.
كاتبة الرواية كانت تعيش بمثل هذه المجتمعات والموجودة ايضا في كندا. اي ان الواقعة حدثت في عصرنا هذا، وان ظهر على الشاشة الكثير من البساطة كأننا نعيش في العصور الوسطى. لا تلفزيونات، ولا موبايلات، ولا سيارات، ولا اي ادوات حضرية، وهو عالم زراعي بدائي. الا ان المخرجة وكاتبة السيناريو بولي، اختارت افتتاح الفيلم بجملة “ما يلي هو فعل من خيال النساء.“ دون تحديد المكان.
وتبدأ احداث الفيلم حينما يتم الكشف عن الرجال الذين اغتصبوا نساء المستعمرة لسنوات بعد ان يرشهن بمادة كيميائية تخدرهن وتستخدم لتهدئة الحيوانات. شرطة المدينة تلقي القبض على ستة منهم خوفا على حياتهم من النسوة الغاضبات. وفي نزوح جماعي، انتقل غالبية رجال المستعمرة لدفع كفالة للرجال المعتدين في المدينة، ومنحت النساء يومان ليقررن مسامحة الرجال المدانة حتى يضمن مكانتهن في الجنة. تجتمع مجموعة من النسوة نيابة عن نساء المستعمرة ومن مختلف الاجيال، لبحث ما يجب فعله وتتصمن ثلاثة خيارات، لا يفعلن شيئا، ان يغادرن المستعمرة، او يبقين ويقاتلن. غالبية الفيلم، ومدته 104 دقيقة، كان في موقع تصوير واحد وحوار طويل بين النسوة كبيرات السن وصغيرات وفتيات، يبحث بما يجب عمله بعد سرد كل المعاناة اللاتي عشناها على مدار سنوات، وذلك الخوف وعدم الشعور بالامان الذي تمكن منهن. كأنهن يتحدثن عن جانب حقيقي من واقع المرأة في العالم والذي اغتصب حقوقها. الراوية في الفيلم تخبرنا ان رجال المستعمرة قالوا لهن ان ما يرونه صباحا من كدمات واغتصاب و تكسير الاسنان ودم هو بفعل الشيطان عقابا لهن على خطيئتهن، او من الجن او من تخيلاتهن، او لجذب الانتباه.
هذا يشير الى مدى تحكم الرجال في المجتمع وسطوتهم. مرت سنوات وكن يحملن بلا زواج ويتم انتزاع الطفل واعطائة لعائلة المغتصب. الكثيرات يعيشن مع اطفالهن بلا زوج. حوار غير ممل امتزج فيه الايمان الصافي، وحلقات الذكر، والفكر الثوري، والكياسة، والعقل والمأساة، والانفعال، والصمت. لقد تباحثن بكل جملة وكل فعل. ورغم ان تلكن النسوة لا يعرفن الكتابة والقراءة، حيث التعليم يقتصر على الرجال، الا انه ثمة تساؤلات عميقة طرحنها خلال النقاش، حتى من الصغيرات اللاتي نضجن قبل ان يدخلن سن المراهقة. هؤلاء المعتدون لم يتركوا اي انثى بحالها، ولم تفلت حتى ابنة الاربع سنوات من وحشيتهم. ذكريات قاسية، وغضب كبير، وانفعال، هو ما قعلته المحاورات . كن يهدأن بعضهن البعض وينفعلن تارة اخرى على بعضهن. لا تملك الا ان تعيش معهن اللحظات المؤلمة. واستقر الامر في نهاية المطاف على قرار مغادرة المكان ومعهن كل ما يردن، قبل ان يرجع رجال المستعمرة من المدينة وتركوا كل من هم فوق 15 سنا من الرجال. غادر معظم نساء المستعمرة بموكب واحد. وكأن المخرجة تقول ان حال المراة لن يتغير الا بالعمل سويا. عمل يستحق المشاهدة وهو مكتمل العناصر. انجزته المخرجة بولي من خلال التعاون مع طاقم ممثلات مبدعات وشارك بعضهن بانتاج الفيلم وهن الامريكية روني مارا (بدور اونا) ، البريطانية كلير فوي (سالوم)، الايرلندية جيسي باكلي (ماريش) ، الامريكية جوديث آيفي (اجيتا)، والمنتجة والممثلة الامريكية فرانسيس مكدورماند (سكارفيز، المسنة التي بقيت في المستعمرة)، الممثلة الكندية ميشيل ميكلود (ميجال) ، والكندية الشهيرة شيلا مكارثي (جريلا المسنة التي كانت وراء قرار المغادرة)، ولاول مرة الشابة الكندية من السكان الاصليين كيت هاليت والتي جاءت بدور الراوية في الفيلم (اوتجي) وحققت نجاحا باهرا بالدور. الممثل البريطاني بن ويشاو والذي جاء بدور اجست، المعلم والمزارع الفاشل، كان الرجل الوحيد في الاجتماع، يضفي بعد اخر مطروح في الفيلم حينما تولى كتابة محاضر اجتماعاتهن، و ليكون الشاهد على هذا النقاش والانجار، تركنه ليعلم الاولاد الطريق الصحيح ويحتفظ بمحاضر الاجتماعات لعله يستخدمها في المستقبل. في الوسط الفني الكندي ثمة همس علي الظلم الذي لحق ببولي لانه كان من الاولى ان ترشح لافضل مخرج، خاصة انه لم يكن من المرشحين نساء. في انتظار اعلان النتائج هذا الشهر والدي يعتبر شهر النساء حيث الاحتفال بيوم المرأة العالمي في الثامن من الشهر الجاري، وعيد الام في 21 من الشهر .
عن جريدة الكرمل

اترك تعليقا

NEW