السكة – خاص – كتب محمد أبو رحمة
لمن لم يعش في الأردن ، ولم يعرف عن قرب هموم مواطنيها واهتماماتهم ، فإنه على الأرجح لن يجد في مسألة ” البحث عن الدفائن ” قضية مهمة ، لكنها في الحقيقة أحد أكثر القضايا التي لا تكف عن الصعود إلى الواجهة منذ عشرات السنين ، إنها تلك القصة الموجودة دائما وراء ستارة الحياة وتجارب الناس ، وبالذات في الظروف التي يتراجع فيها الإقتصاد وتشيع البطالة ، وتتبخر فرص العمل ومعها الأمل .
كلما عثر على أثر قديم تندلع الشائعات عن العثور على ذهب ، كلما بنى أحدهم بيتا في سفح جبل وظهرت مغارة طبيعية في طبقات الأرض أثناء الحفر فلا بد أن فيها ذهب ، كلما اغتنى رجل وظهرت عليه آثار النعمة ورغد العيش فلأنه عثر على ذهب ،
لا بل دخل الفاسدون والمحتالون والسراق على الخط فبات كل من سطا على مال عام ، أو احتال على الناس يشيع أن ثراءه ناجم عن عثوره على ذهب .
وتكاد تزدحم ذاكرة البسطاء بقصص أشخاص تحول البحث عن الذهب عندهم إلى هوس لا شفاء منه ، فمنهم من باع ذهب زوجته أو قطعة أرضه ، أو خسر عمله الخاص أو وظيفته وهو يطارد الذهب ، ثم دخل على الخط أدعياء الدين وفك السحر والطلاسم فزعموا أن لديهم قدرة على ” فك الرص د” ذلك الجني الذي غالبا ما يظهر على شكل ثعبان ورصدته العفاريت لحماية الذهب المدفون ، حسب الخرافة السائدة .
دون أن يسأل أحد من المصابين بذلك الهوس نفسه : لماذا يترك الجني مناجم الذهب والماس في إفريقيا ، ومخزون البنوك المركزية عبر العالم من الذهب لكنه يقعد ليحرس صندوق عتاد صدئ تركه جندي تركي مهزوم ومات .
في هذا السياق قال أستاذ علم الآثار في الجامعة الأردنية نزار الطرشان إنه لا توجد قابلية لتصديق الجانب العملي المتحدث عن قضايا الدفائن .
وأضاف خلال لقاء على قناة رؤيا الأردنية أن هناك إصرار في البحث عن الكنوز والدفائن في الأردن ، خاصة بالطرق العشوائية ، الأمر الذي يحدث إيقاع مصائب وفقدان في الأرواح .
وأشار إلى أن البحث العشوائي غير مبني على أسس علمية ، و معرفة بالمخاطر التي تحيط بالأشخاص الباحثين عن الدفائن خلال عمليات البحث .
وأوضح الطرشان أن البحث عن الدفائن ليلا يجلب الخطورة في ظل عدم وجود رؤية واضحة ، لافتا إلى وجود حالات سقطت الكهوف على الباحثين عن تلك الدفائن والمنقبين عنها .
وأشار إلى ضرورة وجود وعي مجتمعي وثقافي حيال قضية البحث عن الدفائن ، معتبرا أنها مسؤولية مناطة بعدة جهات في الأردن .
وقال حول ازدياد عمليات البحث عن الدفائن والكنوز في باطن الأرض في الأردن إنها ” وهم” يبحث عنه الناس ، مؤكدا عدم وجود دفائن في الأردن .
ودعا الطرشان إلى توعية المواطنين من مخاطر الحفريات للتنقيب عن الذهب لأن طبيعة الأرض قد تكون غير مناسبة لعمليات الحفر .
وطالب كل مواطن يعتقد بوجود شيء ما في أرضه بالذهاب الى دائرة الاثار العامة كي تقوم بالكشف عليه بشكل علمي ومدروس بعيدا عن تبعات الضرر وإلحاق الأذى بالآخرين .