رماح خاطر تكتب .. “إِلَٰه صغير”
- رماح خاطر
- 11 مارس، 2023
- كتاب السكة, محطة المقالات
- 0 Comments
السكة – كتاب السكة – رماح خاطر
هل تعرفين معنى أن تتزوجي رجلا تعتمدين عليه في كل شيء ، هو من يدفع فواتير الكهرباء ، هو من يعرف رسوم كل الطلبات ، هو من يعرف القيادة والذهاب والإياب بكِ لكل الأماكن التي تودين الذهابَ اليها ، هو من يعرف صاحب البيت الذي تدفعون إيجارَهُ الشهري ، هو من يقرر ، هو من يرسم وينفذ .
وأنتِ تحتَ جناحهِ عصفورة وادعة بالأمن ، مطمئنة لوجوده الأبدي .
معنى هذا ، أنهُ إن ترككِ هذا الرجل ، فستضيعين ..حرفياً ستضيعين !
سيتطلب منكِ الأمر سنوات حتى تستطيعي الوقوف بأعباءِ كل شيء كما كان يفعل هو .
سيكونُ مرار الفقد مضاعفاً أضعافَ أضعافٍ منهُ على امرأة مستقلة ، والزوج في حياتها (شريك) بما تحملهُ الكلمة من معنى كلمة شريك .
سيصير إن فقدتِ هذا الرجل كل شيء مؤلم ، شاحن الهاتف الذي تعطّل فجأة سيجعلك تبكين ، لمبة الكهرباء التي احترقت سيحترق كبدك معها .
مجرى الماء في حوض غسل الأطباق الذي انغلق ، سيُغلَقُ معهُ مجراكِ التنفسي حتى تخرجي العبرات شهقات حارقة !
فواتير الهاتف التي تراكمت ستدفنك !
وهو يعرف هذا كله ، يعرفهُ ويحفظهُ جميعَهُ ولا ينكرُ منهُ شيئاً ، يعرف أي طفلة كنتِ أنتِ ، يعرف أي مسكينة خائفة مرتعدة متلبكة من مواجهة العالم في الخارج كنتِ .. وما زلتِ .
لذلك، فهو الذي اذا عاقب (لأي سبب من الأسباب يختارها هو)
فهو يعرف أن عقابهُ عقاب ربٍ شديد ، قادرٍ ، متحكم مسيطر ،
يعرف بأن عقابهُ هو العقابُ الأليم، لا عقابك أنتِ يا مسكينة.
هل تدركين ما معنى أن تمسكي حياتك كلها هكذا ؟ تطويها وتُكوّريها ثم تضعيها كاملةً غير منقوصة في يدِ رجل؟
هل تعرفين ما معنى أن تنسَي كيفَ كانت تطيرُ العصافير ؟
تخرجين من الطلاق – إن حصل – طفلة عليها تعلّم الحبو ، ثم المشي ، ثم الركض ، وعليها أن تفعل ذلك بأسرع وقت ممكن قبلَ أن يهرسها مسرع يطيرُ الى هدفه .
كلنا بحاجة إلى حبيب وحبيبة ، ولكن أن يصيرَ الحبيبُ سجّاناً، وملِكاً، والهاً ؛ يمنح ويمنع، يغضب ويرضى، يُعطي ويُمسك، يحنُّ ويقسو ، فقد صرتِ اذاً بمثابة العبد الذي ناجى ربهُ قائلاً (فليتك تحلو والحياةُ مريرةٌ
وليتك ترضى والأنام غضابُ
وليت الذي بيني وبينك عامر
وبيني وبين العالمين خرابُ
إذا صح منك الود فالكل هين
وكل الذي فوق التراب ترابُ)
بفارق ، أن العبد ناجى ربّاً لا يتغير، وانتِ تناجين ربّاً ، سمتهُ التغيّر .
يا نساء ، جميعنا نمتلك أجنحة ، بفارق أنه ثمة من علّمتها أمها الطيران ونمّى أبوها أجنحتها ،
ومن حرِص أبواها على قصّ أجنحتها أولاً بأول
ثم توقع منها الجميع أن تطير عند أول حادثة !
لا تصدقي المجانين الذينَ يقولون لكِ أن المرأة مجبولة فطرياً على المكوث بالبيتِ وتربية العيال ، وإن كان ذلك حقيقة يا صديقتي ، فتمردّي اذاً على طبيعتك ، التي بعد قليل ، سيستجيب لها قانون التطوّر البشري ، فإذا بكِ بعد جيلين او ثلاثة، نبَتَ لكِ أنياب وأظافر، وتشكّل حول القلب غشاء يمنع الموت حباً ، أو فقداً .
(انها تعمل، التطوّر حقيقة)
يا نساء بلادنا تعلمن، واشتغلن، واشترين سيارة، واشترين بيتاً، وامضغنَ الحياةَ وابصقنها مراراً، ثم ابحثي عن الزوج او اقبليه!
يا نساء بلادنا لا تتبعنَ ازواجكنَّ وتضحّينَ بمشاريع حياتِكنّ من أجل المجهول في مقابل الواضح الذي لا لُبسَ في حركة الوصول إليهِ الطبيعية .
وظيفتك وعملك ومشروعك في هذه الحياة،
لن يبدّلك بغيرك، فهو مربوط وموجود بوجودك، انتفاء وجودك، يعني انتفاء وجوده.
وظيفتك وعملك ومشروعك في هذه الحياة، لن يصحوَ يوماً ليقول لكِ : حسناً، لقد مللت وعلينا أن نفترق !
ولكن قد يفعل الزوج .
يا بناتنا الصغيرات ، اقتلوا الأمهات والجدات ! اقتلوهنّ واشربوا نخبَ الانتصار على ضعفهنّ واستكانتهنّ، اشربوا نخبهنّ بكاساتِ زهرةِ نرجسٍ، داستها الأقدام دهوراً، فقامت
وصنعت ثورةَ النرجس.
اقول قولي هذا بعدَ قصة مرّت علي اليوم لامرأةٍ كانت ذلك العصفور الوادع تحتَ جناح رجل، لا تعرف أي شيء سوى أن تكون زوجاً وأماً!
لا تجيد أي مهارة باستثناء مهارات الطبخ (وحُسن التبعّل)!
واليومَ تجلس تبكي ضياعَ عمرها الذي ما كانَ أكثر من مدار يدور حولَ محور ثابت، وكان ذلك المحور هو زوجها.
كلمة أخيرة إحقاقاً لأي حق:
إن شئتِ العيشَ كما عاشت جدّاتُك على منهاجٍ لا يحيدُ عمّا مشَينَ عليهِ في سنّة الأوّلين فيما يتعلّق بالمرأة؛ فتلك تضحية وميزة.
وإن شئتِ التمرُّدَ عليها، فتلك تضحية وميزة.
فالمرأة التي يتكفّل شؤونها رجل كأنها طفل؛
ترتاح من عبءِ المسؤولية الثقيلة ، ولكن تدفع ثمن ذلك خضوعا .. وأحياناً ذلا .
والمرأة التي خرجت من عباءات كل رجال العائلة، تتحمّل المسؤولية كاملة بكامل أعبائها وثقلها، ولكنها حرّة ، حرّة نفسها ، لا يستطيع رجل أن يأمرها أو أن ينهاها .
وكذلكَ كتبَ الله ُ على بناتِ حواء،
وخُلقَ الإنسانُ في كَبَد على كل حال ،
فاختاري تضحياتك وامتيازاتك بعناية المقاربة .