(خبّط بالعقل)
- رماح خاطر
- 12 مارس، 2023
- كتاب السكة, محطة المقالات
- 0 Comments
كتبت – رماح خاطر
هل فعلاً الفكر النسوي برمتهِ يعتبر فكرا هدّاما لمجتمعاتنا العربية ؟
أو فلنسأل السؤال بطريقة مختلفة ، وبناءً على الإجابة سيتم تحديد إجابة السؤال السابق كذلك . لماذا قد تبدو أولوية أحدهم في هذه المرحلة تحتم عليه محاربة النسوية أكثر من مسببات خلقها ؟
هل فعلاً تظن أن وجود الحركات النسوية أمر أكثر خطورة من فكرة وجود النظام الأبوي السلطوي ومسببات قهر النساء العديدة والممتدة عبر التاريخ ؟ هل فعلاً تظن بضمير حي وعقل يقِظ أن محاربة الفكر النسوي أمر أهم وأكثر إلحاحاً وإلزاماً للمصلحة العامة من محاربة الفكر الذي يدعو الى الاستمرار بمعاملة المرأة كمواطن أقل درجة ،
وانسحاباً على ذلك فإنه يبرر استغلالها جنسياً وبدنياً وقتلها في حالة “جرائم الشرف” وتزويجها قاصراً ومنعها من تطليق نفسها أو رفضها ان يتم تطليقها بناءً على رغبة الزوج وحدهُ ، ومنعها من المساواة في الحقوق والواجبات ومنعها من أن ترِث أو من الزواج من خارج الملّة أسوةً بالرجل أو منعها حق تقرير المصير أسوةً بالرجل ،
ومنعها منح جنسيتها لأولادها ومنعها العمل في مجالات سوق العمل المتعددة وتحريم بعض المِهَن عليها ، ومنعها من أن تلبس ما تشاء ، أو التصدي لاستصدار قوانين تجرّم التحرش وتجرّم العنف ضدها ؟ هل محاربة الفكر الذي يدعو الى اختفاء كل ذلك في حق المرأة بالنسبة لأحدهم فعلاً أولوية على محاربة هذه الافعال والممارسات وهذا الفكر نفسه ؟ هذا سؤال صريح ، سيضع بعضهم في مواجهة مباشرة أمام عقولهم وضمائرهم ، سيلجأ معها العقل الى التحايل على الإجابة لكي لا يبدو أمام صاحبهِ معتوه أو متخلف أو عنصري او شعبوي أو ظالم ومتكلّس ورجعي أو خائف ومرتعد .
سيجعلهُ يرد بطريقة ستبدو علمية أكثر، كأن يقول: بالطبع أنا لستُ مع الفكر الذي يقمع المرأة ويحد من إمكاناتها في مقابل الرجل ، ولكني في الوقت ذاته ، أرى أن الحركات النسوية تدعو الى الانحلال لا الى الحقوق . وهنا ستتسع دائرة النقاش لتشمل تعريف المصطلحات من جديد ، ما هو الانحلال في وجهة نظرك؟ وهل الانحلال أمر لهُ مسطرة تقيسهُ عليها ؟
أم هو أمر نسبي يختلف من عقل الى عقل بحسب البيئة والنشأة والتعليم ؟ قد يعتبر أحدهم وضع النساء للمكياج انحلال، وقد يعتبر آخرون أن هذا أمر عادي . قد يعتبر بعضهم أن تدخين النساء للأراجيل في المقاهي العامة انحلال ، وقد يعتبر بعضهم هذا أمر عادي . قد يعتبر بعضهم عمل المرأة في محيط فيهِ رجال انحلال ، وقد يعتبر بعضهم أن هذا أمر عادي . فيعاود العقل سيرتهُ الأولى في الالتفاف على المقاصد بعدَ أن بيّنتِ له أن حجة (الانحلال) حجة واهية أو حجة أعقد من مجرد إطلاقها هكذا بالعموم من دون حصر. فيقول : نعم ولكن الحركات النسوية بعضها متطرف !
انهم في الواقع يريدون نزع الرجال مكانتَهم التاريخية ، وإن تحل محلّها مكانة مفتعلة للنساء . فتردّين: من الذي يحدد المكانات التاريخية ؟ وما هو مناط تلك المكانة ؟ هل هو العمل الجاد والاجتهاد ؟ ام الجنس (ذكر أو أنثى) ؟ إن كان الأول ، اذاً لنفتح المجال على مصراعيهِ للجميع ، ثم ننتظر ونرى ، أيهم أحسن عملاً ؟
وأيهم يستحق على الآخر درجة ؟
بناءاً على الجهد المبذول والعمل المسؤول لكلا الطرفين ، الا يبدو هذا أكثر عدلاً؟
ثم لا يزال العقل أمامك يلتف ويحاور ويناور حول مقاصده ، فيقول : تريدونها حلبة صراع اذا ً؟ لا مودة ورحمة وتآخي وتكافل !! فتردين: لماذا مناطُ كل ذلك ، الانسحاب تحت ظل الرجل؟
ألا يستطيع الرجل التعامل مع المرأة من منطلق المساواة بدلاً من منطلق المُعطي المتفضّل؟ او اليد العليا التي تتحسّن على من هي تحتها؟ هذا ثمنٌ باهظ على النساءِ دفعهُ اذاً في مقابل الحسنى في التعامل والصدق والمودة والتراحم والتكافل ! عزيزي الرجل ، قد يبدو اثبات الرجولة (كمعنى شمولي يرمز الى الثقة والشهامة والفروسية والكرم والشجاعة والإقتدار) متكثّف بدرجة أعلى اليوم، في قدرتك على ان تساير حركة التاريخ المتصاعدة المتعلقة بنزوح النساء بقوّة نحو تحقيق كينوناتهنّ كإنسان بدرجة أعلى من اعتباريتهنّ كأنثى . كلّما تقبلت هذا الأمر ومشيت على أساسهِ جنباً الى جنب وكتفاً الى كتف مع النساء السائرات في موكب التحرر والعدالة ، كلما أثبتّ بشكل أعلى (رجولتك) ، أما اذاً شئت أن تستمر في خبط ولبط الحركات النسوية وسعي المرأة نحو تصويب وتغيير وضعها التاريخي السابق ، ف(خبّط بالعقل) .