“اله صغير ٢”

السكة – كتبت رماح خاطر –  قرأتُ منشوراً قبل أيام على احد الجروبات المعنيّة بالنساء ولم استطع تجاوزه، وبقيت مصممة أن أكتب حوله عند أي سانحة.
تشرح السيدة كيف انها تعبت من التحايل على كل اسباب البقاء بمظهر الغير مكترث لكل ما حصل ولكل ما مرّ معها خلال فترة الطلاق وما بعدها،
تعبت من التظاهر بمظهر القوية مرّة من أجل الاولاد الّذين عليها ان تبقى قويةً من اجلهم، ومرّة من اجل الناس ومنظرها أمامهم، بينما هي تنهار داخلياً كل يوم.

يا صديقتي المرأة التي اختارت الطلاق أو أنهُ هو الذي اختارها رغماً عنها ولم تكن يوماً تريده،
ما الذي يجعلنا يا صديقتي نصمم البقاء ضمن دائرة هي بذات قطرها نبذتنا ولفظتنا خارجها ؟

* الزوجة في مجتمعاتنا عندما تتزوج من هذا الرجل أو ذاك، فهي بمنتهى الاخلاص تنظر لهُ على أنه كل حياتها!
وكل حياتها هنا تحتها أكثر من خط.

يصبح هو الرزّاق هو الوهّاب هو المتعالي هو الكريم هو الجبار هو المنتقم هو الرحمن هو الرحيم هو المتكبّر هو العاطي هو الخافض هو الرافع هو الواحد هو الرؤوف هو الخبير ولو شئتِ ختمتها لكِ تسعاً وتسعين إسماً!
لأن الزوج ببساطة يتحول الى ((الله)).

انتِ مؤمنة! نعم أعلم بذلك يا عزيزتي، وأعلم أنكِ لا تشركين مع الله أحد ولا تتخذين من دونه أرباب،
ولكنَ هذا الزوج، ومن دون أن تشعري، وبنفس الطريقة التي يربي بها المجتمع المرأة،
قد اتخذتيهِ ولياً من دون الله!
و(مثل الذين اتخذوا من دون الله اولياء، كمثلِ العنكبوت اتخذت بيتاً، وإن أوهنَ البيوت، لبيتُ العنكبوت )

لذلك كان لا بد من هذا الخراب إن كان عاجلاً، أو إن كان آجلاً .
وهذا بالفهم الديني الذي تؤمنين به، والذي تصبرين باسمه والذي تتحملين كل هذا بدعواه .

لقد عملتُ بالعمل الإغاثي لسنوات شهدتُ خلال ذلك عشرات القصص، ولا مأساة واحدة من بينها كانت لامرأة متفوقة في حياتها لها عملها ومشروعها الخاص في الحياة .

أنتِ حتى بعد الطلاق ما زلتِ تسبَحين بفلكِ ذلك الرجل،
ومن قبلِ ذلك كنتِ تسبّحين بحمده!

تنتظرين من الله أن يصنع شيئًا حيال الوضع الجديد!
وتجلسين تمثّلين أنك تصنعين أشياء أُخرى في حياتك، ولكن وظيفة حياتك الأساسية هي الانتظار !
انتظاره أن يعودَ معتذراً!
انتظار انتقام الله منه ولكِ!
انتظار مجيئ الفارس الآخر الذي على الله ان يكافئكِ بهِ جزاء صبرك والظلم الذي تعرضتِ لهُ في حياتك!
انتِ لم تتجاوزي قصتك معه بعد، التجاوز الذي يجعلك غير معنية بنجاحه او فشله بفرحه أو ألمه.

ولكن دعينا نفكر في الأمر : هل حقاً كنتِ تحبين ذلك الرجل وانتِ الان تشتاقين له ولأيامكِ معه ؟
أم أنكِ تشتاقين لأيام كانت تنطوي تحت بند الراحة؟ (رجل مسؤول عن كل شيء، عن احتياجات الاولاد عن احتياجاتك عن احتياجات البيت؟! تشتاقين الى مقعدك حيث كنتِ تمددين أقدامك وتشربين كأس الشاي غير معنية ولو بكوارث العالم طالما (الوهّاب الرزاق الكريم الجبار ) موجود ؟

ايتها النساء، اسمحنَ لي بأن أقولَ لكنّ بأنكنّ قد خاصمتنّ العالم، وتحالفتم مع الزوج! باعتباره الأبدي، كلّي القوى!

صرتِ تعرفين بأن صُحبتك مع كل الناس متوقفة عند كلمة يقولها لكِ مفادها: اقطعي علاقتك بفلانة وفلان من الناس!

في الوقت الذي لغيتِ انتِ نفسكِ من الحياة ولغيتِ أي مشروع خاص فيكِ واكتفيتِ بالزوج والبيت مشروع حياتك الأبدي، كان هو يبني علاقاته مع الناس ومع العالم، كان عملهُ مستمراً يرتقي به كل يوم أكثر من اليوم الذي سبقهُ.

في الغرب يفهم القانون العادل مثل هذه المعادلة، يفهم بأن المرأة الجالسة في بيتها وقد تعطّلت بالكامل في سبيل الزوج والبيت والاولاد فإن حقها بنصف ما يملكهُ الزوج أولاً عن آخر ليس منّةً ولا فضل، وانما حق تستحقهُ لأنهُ لولاها لاضطر للجلوس مع اولاده وبالتالي الى تعطيل مشاريعه في حياته هو الاخر بدوره،
او على أقل تقدير لكان اضطر أن يأتي لهم بمربية سيدفع لها ما لا يقل عن مبلغ محترم من مرتبه الشهري مقابل تربية الاولاد والاعتناء بهم والطبخ والتدريس والاعتناء بنظافتهم، وطبعاً لن تكون مثل الام .

في دول العالم الذي تحضّر مثل هذا مفهوم تماماً في عقل المشرّع والقاضي الذي يحكم للزوجة بالنصف بالتمام والكمال وهو مرتاح الضمير .

بينما في مجتمعاتنا فالأمر ليس مفاجأة بالنسبة لكِ ان تتواجهي مع أنهُ حتى طلاقك ليس حقك مثلما هو حق الزوج الذي يتحقق بمنتهى البساطة بكلمة او ثلاث على الأكثر تخرج من بين شفتيه.

ايتها البنات، ايتها النساء اللاتي تُربين بنتاً او اكثر ، ربيها وعلميها أن الزوج ليس مصباح علاء الدين السحري! ربّيها ان الزوج يأتي بعد أن يأتي كل شيء آخر قبله ، بعد ان يكون لديها بيتها وسيارتها وعملها يأتي، ثم بعد ذلك الزوج ليكون شريك فعلاً كما تدعون! لا رئيس ومانح!

أنتِ أسيرة! هكذا عرّفك التراث الذي يرزح بكامل ثقله على أكتافك!
اسيرة السيد!
اسيرة اليد العليا!
اسيرة لطفه وغضبه!
اسيرة كرمه وبخله!
اسيرة وفائه وغدره!

كلّ “أمان” تقفين عليه ليس موجود وقائم عليكِ بشكل شخصي ورئيسي، فهو أمان قائم على قاعدة من الخوف والتهديد المباشر او الشكلي او المبطن او المخبأ أو المُعطّل فقط.

Leave A Comment

NEW