محلل السكة السياسي يكتب .. قمة بينغ وبوتين العصر الجديد ونبوءة هنري كيسينجر
- Alsekeh Editor
- 21 مارس، 2023
- المحطة الدولية, المحطة الرئيسية
- 0 Comments
السكة – المحطة الدولية – كتب محمد أبو رحمة
منذ اندلعت الأزمة الناتجة عن زلزال “العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا” وفق التسمية الروسية، و”الغزو الروسي لأوكرانيا” وفق التسمية الأوروأمريكية وهزاتها الأرتدادية التي غيرت وجه الكون، ووصفت بالأزمة الأخطر منذ الحرب العالمية الثانية، كان السؤال الذي يتردد في العالم كله يدور حول الاستراتيجية الأمريكية للتعامل مع هذا الحدث الكوني، وطبيعتها وحدودها، لكن سرعان ما اكتشف العالم شيئا فشيئا ، أن استراتيجية العداء لروسيا بلا حدود، حتى اشتملت بعض العقوبات الغربية على اجراءات سوريالية مثل منع تدريس كتب دستويفسكي، وطرد عازفين موسيقيين روسا من فرق سيمفونية غربية!
وسط جائحة العقوبات الأوروأمريكية هذه برز صوت من أعماق التاريخ السياسي الأمريكي لعقل العبقرية الاستراتيجية للسياسة الخارجية الأمريكية هنري كيسنجر ، فاعلن أن “العدو الحقيقي والأخطر لأمريكا هي الصين وليست روسيا” . وصرح لوسائل اعلام أمريكية “أن الاستراتيجية الأمريكية المعادية لروسيا ستدفعها باتجاه الصين ، في حين أن عليها العمل على ابعاد روسيا عن الصين” .. ووصف سياسة ادارة بايدن يقصيرة النظر والغبية الى حد كبير!.
لكن جائحة العقوبات، والتصعيد السياسي والعسكري والاعلامي ضد روسيا أزاحت في الطريق تصريحات كيسنجر، ولم تعد تظهر في أي وسيلة اعلام أوروأمريكية حتى اليوم.
لكن هل زيارة الرئيس الصيني شي جي بينغ الى روسيا وتوقيع اتفاقية وصفت بالشاملة، سيعيد تصريحات هنري كيسينجر المدفونة حية الى الواجهة مرة أخرى باعتبارها نبوءة تحققت؟
بالطبع يعلم العارفون بتاريخ هنري كسينجر أيام كان على رأس السياسة الخارجية الأمريكية زمن الرئيس نيكسون أنه هو من هندس استراتيجية فصل “الاتحاد السوفييتي” آنذاك عن الصين، وهو من شيد نظرية تفكيك العلاقة بينهما عندما اكتشف فرقا آيديولوجيا عميقا بين مفهوم الاتحاد السوفييتي للماركسية والشيوعية، وبين مفهوم الصين لها؟، تلك النظرية أفضت لاحقا الى زيارة نيكسون التاريخية الى الصين ، وتوقيع اتفاقية تفاهم ظلت الى اليوم تشكل قاعدة العلاقة بين الصين وأمريكا، وتقوم على الاعتراف بمبدأ الصين موحدة، وسحب الاعتراف بتايوان ، ومنح الصين مقعدا دائما في مجلس الأمن، وتمكين الصين من امتلاك تيكنولجيا متقدمة، مقابل وقوفها على الحياد في الحرب الباردة بين أمريكا والتحاد السوفييتي؟ . صحيح أن نيكسون “فشل في تعلم الأكل بالعيدان الصينية ” كما علق صحفي أمريكي ساخر” لكنه تعلم شيئا عن التفكير خارج الصندوق.
إن هنري كيسنيجر قد عكس نظريته القديمة من “ابعاد الصين، الشيوعية الماوية، عن الاتحاد السوفييتي، الستاليني”، الى ابعاد “روسيا الرأسمالية” عن الصين الشيوعية ! ، لكنه صوت ضاع في الزحام !.
من يدقق في البيان الختامي الذي صدر عن القمة الصينية الروسية يؤكد بشكل قاطع صحة تصور هنري كيسنجر لمجمل الصراع الذي اندلع في أوروبا ” لقد كانت الاستراتيجية الأمريكية ضد روسيا غبية حقا”.
تاليا أهم عناصر البيان الختامي:
أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ عقب محادثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن العلاقات الصينية الروسية تجاوزت كونها علاقات ثنائية، وهي ذات أهمية كبيرة للنظام العالمي.
وأكدا أن العلاقات الروسية-الصينية القائمة على شراكة شاملة وتعاون استراتيجي، تدخل عصرا جديدا.
وأوضح: “لقد لخصنا أنا والرئيس بوتين معا نتائج تطور العلاقات الثنائية على مدى السنوات العشر الماضية واتفقنا على أن العلاقات الصينية الروسية تجاوزت العلاقات الثنائية، وهي ذات أهمية حيوية للنظام العالمي الحديث ولمصير البشرية”.
كما أشار الرئيس الصيني إلى أن الصين تتمسك بموقف موضوعي وغير متحيز بشأن الأزمة الأوكرانية، وتعمل بنشاط على تعزيز المصالحة واستئناف المفاوضات لحلها.
وقال: “في الشهر الماضي، نشرت الصين موقف الصين بشأن التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية. وأود أن أؤكد أنه فيما يتعلق بهذه التسوية، فإننا نسترشد بشدة بأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ونلتزم بموقف موضوعي ومحايد، وبفاعلية تعزيز المصالحة واستئناف المفاوضات. موقفنا مبني على جوهر القضية والحقيقة. نحن دائما مع السلام والحوار، ونحن نقف بثبات على الجانب الصحيح من التاريخ”.
وأكد البيان، على أن روسيا والصين تؤيدان الحفاظ على القطب الشمالي كمنطقة سلام وتعاون بناء.
وتطرق البيان إلى علاقات روسيا والصين مع الدول العربية، وأكد على دعم موسكو وبكين سيادة واستقلال ووحدة أراضي سوريا وليبيا.
وجاء في البيان: “تدعم الأطراف سيادة واستقلال وسلامة أراضي سوريا، وتسهم في تعزيز عملية تسوية سياسية شاملة، ينظمها وينفذها السوريون أنفسهم. ويدافع الطرفان عن حماية سيادة واستقلال ووحدة أراضي ليبيا، والمساهمة في تعزيز عملية تسوية سياسية شاملة، ينفذها ويقودها الليبيون أنفسهم كذلك”.
وأكد البيان على محاولة استبدال مبادئ القانون الدولي وقواعده المعترف بها بشكل عام أمر غير مقبول، كما أكد البيان أن روسيا والصين تعارضان فرض دولة واحدة لقيمهما على دول أخرى، مؤكدين عدم وجود شيء يسمى بـ “ديمقراطية أعلى”.
كما تدعو روسيا الاتحادية وجمهورية الصين الشعبية، حلف شمال الأطلسي “الناتو” إلى احترام سيادة الدول الأخرى ومصالحها، مؤكدين على أن بكين وموسكو تعارضان التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية.
كما أكد البيان على أن العلاقات الروسية الصينية وصلت إلى أعلى مستوى في تاريخهما، وقال البيان: “العلاقات الروسية الصينية من الشراكة الشاملة والتفاعل الاستراتيجي، التي تدخل عهدا جديدا، بفضل الجهود المستمرة للأطراف، وصلت إلى أعلى مستوى في تاريخها وتواصل التطور تدريجيا”.
وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ إن روسيا والصين ستساهمان في الانتعاش الاقتصادي في فترة ما بعد الوباء، ويضمنان الأمن الغذائي.
وأضاف: “سنساهم في انتعاش الاقتصاد العالمي في فترة ما بعد الجائحة، وبناء القوة البناءة في تشكيل عالم متعدد الأقطاب وتحسين نظام الحوكمة العالمية، وتقديم مساهمة أكبر في الأمن الغذائي العالمي، وأمن الطاقة، والاستمرارية لسلاسل التوريد”.
وأشار البيان إلى أن العلاقات بين روسيا والصين ليست تحالفا عسكريا ومواجهة، وليست موجهة ضد دول أخرى.
وقال البيان: “العلاقات بين روسيا والصين، رغم أنها ليست تحالفا عسكريا سياسيا، مشابها للتحالفات التي أقيمت خلال الحرب الباردة، تتفوق على هذا الشكل من التفاعل بين الدول، في حين أنها ليست ذات طبيعة تكتلية ومواجهة وليست موجهة ضد الغير”.
وتطرق البيان إلى أن العلاقات بين روسيا والصين ناضجة ومستقرة ومكتفية ذاتيا، وصمدت في وجه الوضع الدولي المضطرب ولا تخضع لتأثير خارجي.
وأوضح البيان: “العلاقات الروسية الصينية ناضجة ومستقرة ومكتفية ذاتيا وقوية، وقد صمدت أمام اختبار وباء كوفيد-19، والوضع الدولي المضطرب، ولا تخضع لتأثير خارجي، وتظهر حيوية وطاقة إيجابية. الصداقة بين البلدين الشعوب، التي تنتقل من جيل إلى جيل، لديها أساس قوي، التعاون الشامل بين الدولتين له آفاق أوسع. روسيا مهتمة بصين مستقرة ومزدهرة، والصين مهتمة بروسيا قوية وناجحة”.
وشدد البيان على أن روسيا والصين ضد سياسة القوة، والتفكير في الحرب الباردة، والمواجهة بين المعسكرين (الغربي والشرقي).
وأشارت روسيا والصين إلى المساهمة الإيجابية لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي في إمكانية تطوير التعاون بين منظمة معاهدة الأمن الجماعي وجمهورية الصين الشعبية لضمان السلام والاستقرار.
وجاء في البيان: “يلاحظ الطرفان المساهمة الإيجابية لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي في ضمان الأمن الإقليمي. ويلاحظان إمكانية تطوير التعاون بين منظمة معاهدة الأمن الجماعي والصين من أجل ضمان السلام والاستقرار في المنطقة”.
كما أعربت روسيا والصين عن قلقهما بشأن الوضع في شبه الجزيرة الكورية، وتحثان جميع الأطراف على التحلي بالهدوء وضبط النفس.
وقال البيان: “الأطراف تعرب عن قلقها إزاء الوضع في شبه الجزيرة الكورية، وتحث بقوة جميع الدول المعنية على التحلي بالهدوء وضبط النفس، وبذل الجهود للحد من التوتر”.
كما أكد البلدان رفضهما القاطع لمحاولات استيراد “الثورات الملونة” والتدخل الخارجي في شؤون آسيا الوسطى.
وجاء في البيان: “الأطراف مستعدة لتعزيز التنسيق المتبادل لدعم دول آسيا الوسطى في ضمان سيادتها وتنميتها الوطنية، ولا تقبل محاولات استيراد الثورات الملونة والتدخل الخارجي في شؤون المنطقة”.
وأشارت روسيا إلى أنها ستدرس مبادرة الحضارة العالمية للجانب الصيني. وقال البيان: “الجانب الروسي يولي أهمية كبيرة وسيدرس باهتمام مبادرة الحضارة العالمية للجانب الصيني”.
وعبرت روسيا الاتحادية وجمهورية الصين الشعبية عن قلقهما الشديد بشأن الأنشطة البيولوجية العسكرية للولايات المتحدة، بما في ذلك خارج الأراضي الأمريكية، وتطالبان بتوضيحات.