المرأة العربية في النقب .. واقع البداوة .. ومطرقة الاحتلال

السكة – محطة المرأة – وكالات

يعتبر وضع المواطنين العرب البدو الاجتماعي والاقتصادي في النقب عموما، ووضع النساء البدويات على وجه الخصوص، وضعا صعبا للغاية، حيث تعاني المرأة هناك من تمييز مضاعف سواء من المجتمع المحلي أو تمييز وإجحاف مؤسساتي إسرائيلي الذي يعتبر المسبب الرئيس للواقع المأساوي للمرأة البدوية، وخاصة لتلك التي تقطن في القرى مسلوبة الاعتراف.

بطالة عالية

تقع البلدات العربية البدوية المعترف بها والبالغ عددها 9، وتلك مسلوبة الاعتراف وعددها 35 قرية، و11 بلدة حظيت باعتراف رسمي لكنها بقيت أشبه بمخيمات اللاجئين، في أسفل السلم الاجتماعي الاقتصادي بفلسطين المحتلة، إذ تبلغ نسبة النساء البدويات بالنقب المنخرطات في سوق العمل قرابة 20%، بينما لا تتعدى النسبة 5% بالقرى البدوية مسلوبة الاعتراف.

في المقابل، أظهرت بيانات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية أن النسبة العامة للنساء العاملات بالمجتمع الفلسطيني بالداخل 41.4% مقارنة بـ81.3% من النساء اليهوديات العاملات، الأمر الذي يؤكد أن العوائق أمام النساء في النقب للانخراط بسوق العمل مضاعفة، في ظل ضعف البنية التحتية وانعدام فرص العمل.

وتسجل البطالة نسبا عالية في النقب وخاصة بصفوف النساء وتبلغ 80%، الأمر الذي ينعكس سلبا على التطور الاجتماعي للعائلة العربية، علما أن 70% من الأطفال والعائلات العربية البدوية تعيش تحت خط الفقر، إذ تعتاش العائلة الواحدة من دخل شهري بقيمة الحد الأدنى للأجور في سوق العمل والذي يصل لـ1600 دولار شهريا.

 

ظلم مجتمعي وسياسي

واستعرضت أمل النصاصرة -وهي مديرة مشاركة في جمعية “سدرة” التي تعنى بأوضاع النساء في القرى مسلوبة الاعتراف- المشاريع التي تقوم بها لتمكين النساء العربيات البدويات، وخصوصا مشروع “النسيج والتطريز”، ومشروع “سدات البادية” التنموي الاقتصادي لتوسيع الزراعة المنزلية للاستهلاك العائلي.

وتحدثت النصاصرة للجزيرة نت عن معاناة النساء العربيات في النقب خاصة في القرى مسلوبة الاعتراف، حيث تواجه ظلما مزدوجا، ظلم من المجتمع المحلي وأيضا الظلم السياسي الممثل بنهج وممارسات السلطات الإسرائيلية التي تهمش المرأة العربية عامة وفي النقب بشكل خاص.

 

وأوضحت مديرة جمعية “سدرة” أن السياسات الإسرائيلية الممثلة بهدم المنازل ومصادرة الأراضي في القرى مسلوبة الاعتراف تعتبر أكبر تهديدا للمرأة العربية، إذ يعيق الهدم تقدم المرأة وتطورها في المجتمع ويسلبها الشعور بالأمن والأمان وغياب الاستقرار المجتمعي لترافقها هواجس الطرد والتهجير.

تمييز وتهميش

وأشارت مدير الجمعية إلى أن المرأة العربية البدوية تنتمي لمجموعة سكنية يعيش حوالي 50% منها في قرى مسلوبة الاعتراف تفتقر -بسبب الممارسات والسياسات الإسرائيلية- إلى مقومات الحياة والشروط الحياتية الخدماتية الأساسية، مثل الماء والكهرباء والمواصلات والاتصالات، والخدمات الصحية، والمدارس، والطرقات.

 

وكثيرة هي الإشكاليات والصعوبات التي تواجه الفتاة في النقب وتحديدا في القرى مسلوبة الاعتراف. تقول النصاصرة “نتربى ونكبر في مجتمع ذكوري من تعدد الزوجات والزواج المبكر، وحرمان المرأة من التعليم والعمل، إذ تعيش المرأة حالة من التهميش والإقصاء المجتمعي”.

فالمرأة العربية البدوية والمجتمع العربي بالنقب -تقول النصاصرة- “يعيش بين قوالب قديمة ممثلة بعادات وتقاليد، وبين قيم عصرية وتمدن بغالبيتها وافدة، يضاف إلى ذلك التمييز والعنصرية والتهميش من قبل السلطات الإسرائيلية، وعليه وفي ظل التناقضات المجتمعية والسياسات التمييزية غالبا ما تكون المرأة هي الضحية الأولى”.

 

معيقات وتحديات

في ظل هذا الواقع، ترفض الفتاة عالية أبو جودة (16 عاما) من قرية الزعرورة مسلوبة الاعتراف أن تبقى الفتاة العربية بالنقب ضحية للسياسات التعسفية الإسرائيلية، كما أنها تسعى لشق طريقها من داخل مجتمعها وقريتها رغم الصعوبات، حيث تمتنع عن الصدام مع أهل العشيرة وتعتمد أسلوب الحوار لضرورة إسناد ودعم المرأة البدوية.

 

تخطت عالية المعيقات وشقت طريقها نحو إكمال تعليمها الثانوي لتواجهه التحديات الشاملة بثقة، قائلة “نترعرع ونكبر سواء الذكور أو الإناث في بيئة تمييزية قاهرة، ونعاني الاضطهاد والسياسات الإسرائيلية المدمرة للمجتمع العربي في النقب، ونتجذر بقرى تنعدم بها مقاومات الحياة وأبسط الخدمات الإنسانية، ونعيش مشاهد الهدم اليومي وهواجس التهجير من الأرض”.

صمود وبقاء

وأوضحت أن التحديات الجماعية وتجذر المرأة في الأرض وتصديها للهدم اليومي ودورها النضالي بالبقاء بالأرض، ورفض مغادرة القرى مسلوبة الاعتراف، رغم الإغراءات والمزاعم الإسرائيلية بتوفير حياة رفاهية، منحت المرأة والفتاة في النقب ميزة تقديرية من المجتمع الذي أيقن ضرورة أن تتسلح المرأة بالعلم والعمل.

وتتطلع عالية لمواصلة تعليمها الجامعي ودراسة اللغة الإنجليزية، وهي تحظى بدعم والدها وإخوانها، حيث تؤكد إصرارها على البقاء في مسقط رأسها قائلة “هدفي من دراسة اللغة الإنجليزية “نقل رسالة للعالم حول واقعنا كمجتمع عربي في النقب وفضح الانتهاكات الإسرائيلية ومخططات التهجير للبدو”.

وأكدت أنها ستبقى متجذرة في مسقط رأسها ولن تهجر قريتها الزعرورة مهما وصلت من مناصب أو بلغت من مكانة أكاديمية وتعليمية، قائلة “إقبال الفتيات بالنقب على التعليم، هو سلاح إضافي في معركة تعزيز الوعي والهوية الجماعية، وإشراك المرأة في الحياة المجتمعية بعد أن أثبتت دورها في معركة الصمود والبقاء”.

اترك تعليقا

NEW