زيتونة الأبد .. أم المستحيل .. منحوتة بتوقيع يسري الشلبي

السكة – المحطة الفلسطينية – كتب محمد أبو رحمة

يسري  الشلبي”  (النحات ) .. ولد في المزيرعة الشرقية .. أما “قرمية الشجرة النابتة في روح الأزل على ضفاف الرؤيا” فولدت قبل ألفي عام .. كل هذه الأحقاب كانت تتخلق في قلب زيتونة كأنها سجل المراحل، منذ نبي من روح الله وانتبذت أمه مكانا شرقيا .. الى رسول في كتاب اللسان .. كانت ملامح الناس تتشكل في صلصال البداية الأولى .. في العلاقة بين المجاز في متاهة التأويل وفي المعنى البسيط للحقيقة .. في معمار الحجر قرب زهر لم ينبت صدفة في ظلال الحديقة  …

عامان ونصف بين حضور الشجرة الحبلى بأسرارها وغموضها … وبين مبضع على شكل قابلة .. كانت الولادة العسيرة .. الطلق الذي امتد ثانية وراء ثانية .. وضربة خفيفة تتلوها دقة ناعمة .. فقوية فغاضبة .. في منحوتة مشدودة على وتر  بين الشك واليقين … على بصر بين الشكل والمعنى .. على بصيرة بين الحرف والحلم .. على شفة بين الصوت والصمت

كأني في حوار مع صخرة صماء .. أحايلها كي تبوح … لكم هو مدهش أن ينطق الأزميل .. وأن يصير اللحاء لسانا يحرض فضول الاكتشاف … يقول ولا يقول .. موارب هذا الشغف … كأنه العذراء حلف ستائر النخيل … فسيفساء الروح فوق الماء في قلب زيتونة عزيزة النفس والرحم … تلد الرموز والاشارات والمعني .. …

الصلبب المقدس .. “ألروح التي في السماء .. تبارك اسمك …  وتعاليت في وادي ظلال الحياة  .. وجدتك ولا اله غيرك” ..  أي سر أودعته في قلب هذه العجوز الصبية؟ .. ـ أي معبد هنا .. واستدارة أدراج مذبح هناك .. ومسجد وصومعة ومئذنة. ..

عامان ونصف في حوار اليد مع جلد هذا الخشب .. في التقاء عيني تائه بحسن هذي التضاريس النابضة بالتاريخ والحياة .. ألفا عام  من التراب تختبئأن بين ضلوع هذي الأبجدية  .. ألفا عام من التاريخ في حبل سري لا ينقطع ولو هرم الولد ” أبود والتسع جدود

يسري الشلبي” لم يكن نحاتا من قبل .. ولا تخرج من مدارس الفنون .. ربما كانت بصيرة الفلاح وهي تستلهم ذاكرة الثقافة الشعبية في بعدها الموروث … لكن من يتأمل ما صنعت يداه .. يحار في شأن الخلق .. كيف يكون ..

 

اترك تعليقا

NEW