أسرار “روي والش” ومخطط اغتيال تاتشر عام 1984

السكة – المحطة الدولية- بعد ظهر يوم 15 سبتمبر 1984 بقليل، دخل شاب يرتدي ملابس أنيقة إلى فندق غراند في مدينة برايتون الإنكليزية، وطلب غرفة تطل على البحر.

عرض موظف الاستقبال الغرفة رقم 629 في الطابق السادس، ودفع الضيف 180 جنيها إسترلينيا نقدا للمكوث ثلاث ليال.

في دفتر الحضور، أفاد الضيف بأنه إنكليزي وأعطى بطاقة شخصية له مسجل فيها عنوان في لندن، باسم “روي والش”.

بعد 4 أسابيع تقريبا، وبالتحديد في الساعة الثانية و54 دقيقة صباح يوم 12 أكتوبر، تم الكشف عن هدف الضيف عندما انفجرت قنبلة في الغرفة 629، بحسب تقرير لصحيفة “الغارديان “.

دمر الانفجار العنيف الغرف المجاورة، وانهارت أسقف طوابق الغرف السفلية للغرفة 629.

وكان من المعروف أن “الجيش الجمهوري الأيرلندي” يريد قتل رئيسة الوزراء، مارغريت تاتشر، والقضاء على حكومتها.

لكن تاتشر نجت من الاغتيال رغم أن جناحها لم يسلم من الأضرار، فيما لقي خمسة أشخاص مصرعهم وأصيب 34 آخرون، من بينهم نورمان تيبيت، وزوجته مارغريت.

فندق غراند الذي حدث فيه الانفجار عام 1984
فندق غراند الذي حدث فيه الانفجار عام 1984

أدى الهجوم الأكثر جرأة بالدولة البريطانية، منذ مؤامرة البارود عام 1605، إلى مطاردة واسعة أدت بعد ثمانية أشهر إلى إلقاء القبض على الانتحاري، باتريك ماغي، الذي أدين وسجن مدى الحياة.

لكن ظل هناك لغز محير بشأن سبب استخدام ماغي اسما مستعارا هو “روي والش”، وهو ما عرَّض عملية قضى فيها الجيش الجمهوري الأيرلندي سنوات للتخطيط لها، للخطر.

فقد طارد الجيش الجمهوري الإيرلندي تاتشر منذ عام 1981 و راقب المؤتمرات الحزبية السابقة، وعمل مهندس إنشاءات على فحص الهندسة المعمارية لفندق غراند.

وبينما تم اختيار ماغي لهذه العملية باعتباه مفجرا متمرسا، فإن اختياره لهذا الاسم المستعار بالذات، جاء مخاطرة كبيرة للغاية، لأنه كان هناك روي والش حقيقي معروف جيدا لدى السلطات الإنكليزية.

فقد كان “روي والش” اسما لعضو معروف في الجيش الجمهوري الأيرلندي وزميلا لماغي، وهو ما أعطى طرف الخيط لأجهزة التحقيقات عمن وراء هذه العملية.

وتم القبض على والش مع عدد من عناصر الجيش الجمهوري الإيرلندي عام 1973 بعد تفجير سيارتين مفخختين في لندن.

وبحلول عام 1984، كان والش قد أمضى 11 عاما في السجون الإنكليزية، شن فيها تمردا داخلها واشتبك مع حراس، مما أدى إلى تشديد القيود داخل السجن.

وحتى اليوم، لا يزال أعضاء الجيش الجمهوري الأيرلندي السابقين يتجادلون بشأن ما إذا كان ماغي يحاول تكريم والش خلال عملية محاولة اغتيال تاتشر، حيث كانا زميلين في وحدة النخبة، أم أنه كان يتحدى الشرطة التي ستطارده فيما بعد، ويسخر منها. لكنه خاطر بفضح المؤامرة.

كانت السلطات الأمنية الإنكليزية، قد علمت قبل أسابيع من زيارة كبار الشخصيات لفندق غراند، أن الجيش الجمهوري الأيرلندي لديه أجهزة توقيت متطورة، يمكنها تفجير قنابل مزروعة.

في مسحها لقائمة الضيوف في الفندق بعد الانفجار، أثار اهتمام الشرطة، اسم والش الذي كان قابعا في السجن، وتساءلت عن هوية منتحل شخصيته.

كانت تاتشر في جناح في الطابق الأول، أي خمسة طوابق أسفل الغرفة 629، ولو كانت في حمامها، الذي تضرر بشدة، لكانت على الأرجح قد قتلت، أو أصيبت على الأقل بجروح خطيرة، لكنها كانت في بهو الغرفة.

بعد ساعات، ألقت تاتشر خطابًا متحديا، أصرت فيه على المضي قدما في المؤتمر، مما جعل الجميع يشيد بها حتى معارضيها.

بالنسبة للشرطة، فقد جمعت صور بطاقات الهوية من تحت الأنقاض وركزت على الضيوف الذين مكثوا في غرف الطابق السادس، حيث تمحور التحقيق حول الكشف عن هوية الساكن الغامض للغرفة 629 باسم والش المزيف.

وبعد جهد مضني لمطابقة الصورة الموجودة في بطاقة الهوية المزيفة التي قدمها في الفندق مع صور أخرى، توصلت الشرطة إلى الشخص المنشود، مما قاد بعد ذلك إلى اقتحامها شقة في غلاسكو اعتقلت فيها ماغي وأربعة آخرين من أعضاء “الجيش الجمهوري الأيرلندي”.

وفي نوفمبر 1985، وقعت تاتشر الاتفاقية الإنكليزية الأيرلندية، وهي معاهدة تاريخية ساهمت في تمهيد الطريق لعملية السلام التي جرت عام 1998، وكان بموجب شروطها إطلاق سراح السجناء “شبه العسكريين”.

وفي العام التالي، خرج ماغي من السجن بعد أن أمضى 14 عاما، وبعد أن ساعدت المرأة التي حاول قتلها على إطلاق سراحه المبكر.

باتريك ماغي في البرلمان في لندن عام 2009 وبجانبه ابنة أحد ضحايا انفجار فندق غراند 1984
باتريك ماغي في البرلمان في لندن عام 2009 وبجانبه ابنة أحد ضحايا انفجار فندق غراند 1984

وتستعد المملكة المتحدة للاحتفال بمرور عشر سنوات على وفاة تاتشر، و25 عاما على اتفاقية السلام

اترك تعليقا

NEW