وأوردت “نيويورك تايمز”، أنها اطلعت على أكثر من مئة وثيقة من وثائق جماعات متطوعين في القتال بأوكرانيا، كما تحدثت إلى ما يزيد عن ثلاثين منهم، فضلا عن متبرعين وجامعي تبرعات، ومسؤولين امريكيين وأوكرانيين.
وتحدث كثيرون إلى “نيويوك تايمز”، شريطة عدم الكشف عن اسمهم، نظرا لحساسية الموضوع، وكونهم غير مخولين بأن يتحدثوا علنا عن الأمور العسكرية.
وأماط التحقيق اللثام عن سلسلة من الأخطاء والخصومات التي أثرت بشكل كبير على حشد المتطوعين من أجل القتال ضد روسيا، فيما كان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قد طلب من أي شخص صديق لبلاده بأن يأتي لأوكرانيا حتى يقاتل.
ووعد زيلينسكي وقتئذ بتقديم السلاح للمتطوعين الأجانب الذين يريدون القتال ضد الجيش الروسي، فبادر الآلاف إلى تلبيئة النداء من عدة دول في العالم.
وبما أن الجيش الروسي كان وقتئذ على مشارف العاصمة كييف، فلم يكن ثمة متسع من الوقت حتى تقوم أوكرانيا بالتدقيق الكافي في هويات وخلفيات من تطوعوا للقتال، وهذا الأمر ساعد على تسلل كثيرين من ذوي السوابق، أو من قدموا بيانات غير دقيقة بشأن “ماضيهم العسكري”.
ولدى سؤال الجيش الأوكراني حول هذه الثغرة، لم يقدم جوابا واضحا، لكنه أكد أن عناصر من الاستخبارات الأوكرانية حرصوا باستمرار على اختراق مجموعات المتطوعين، من أجل مراقبتهم عن كثب.
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز”، عن ممثل المخابرات العسكرية الأوكرانية، أندري شيرنياك، قوله “أجرينا تحقيقات بشأن كل حالة على حدة، ثم سلمناها إلى وكالات إنفاذ القانون”.
من بين الأميركيين المعروفين على نطاق واسع في أرض المعركة بأوكرانيا، جيمس فاسكيز، وهو متعاقد أميركي يعمل في مجال صيانة البيوت، بادر إلى التطوع وإعلان ذهابه إلى الحرب بمجرد اندلاع الحرب.
قدم فاسكيز نفسه بمثابة عسكري سابق في الجيش الأميركي برتبة رقيب خدم في عدة مناطق، من بينها العراق، ونشر مقاطع فيديو على بعض منصات التواصل من أجل نقل أجواء الحرب وحشد التبرعات.
أكاذيب بالجملة
وذهب المتطوع الأميركي إلى أبعد من ذلك، فقال للصحافة إنه ترك عائلته في الولايات المتحدة وذهب ليقاتل في أوكرانيا، مراهنا في ذلك على حشد التعاطف، حتى يبدو بمثابة شخص يضحي من أجل غيره.
ولم يتوان المتطوع عن نشر موقعه على الإنترنت وهو في أرض المعركة بأوكرانيا، في خطوة من شأنها تعريض مقاتلين كثيرين لعملية استهداف من قبل روسيا.
ولدى افتضاح هذا المتطوع، قال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، أن المتطوع المذكور كان مختصا في إصلاح معدات كهربائية، ولم يصل أبدا إلى رتبة رقيب في الجيش، كما أنه لم يخدم نهائيا في العراق.
وأضاف أن المقاتل الذي تبين كذبه، كان ضمن عسكريي الاحتياط، وفي إطار رتبة من بين الأدنى على الإطلاق في الجيش الأميركي.
وبعد افتضاح الأكاذيب، قام العسكري الأميركي بتعطيل حسابه على موقع “تويتر”، مؤخرا، وتوقف عن عمليات القتال في صفوف جماعة أوكرانية توصف باليمينية، ثم أقر بأنه اضطر ليكذب مرات كثيرة في حياته، لكنه لم يتحدث عن سبب طرده من الجيش الأميركي.
وهذه الحالة واحدة من بين نماذج أخرى لمتطوعي قتال آخرين سافروا إلى أوكرانيا بدوافع متباينة، حسب خبراء غربيين.
وكانت تقارير غربية قد حذرت من مغبة وصول متطوعين غير موثوق فيهم إلى أسلحة أميركية في أوكرانيا، كما أن مستقبلهم يثير القلق أيضا، حينما تضع الحرب أوزارها، فربما يعودون إلى بلدانهم وقد حصلوا على خبرة عسكرية ربما يسخرونها على نحو مؤذ.