أصبح حمزة يوسف الباكستاني الأصل، الوزير الأول في اسكتلندا (أي رئيس الوزراء) يوم الثلاثاء 28 مارس/آذار 2023، بعد أن آلت إليه زعامة الحزب الوطني الاسكتلندي، بعد نحو شهر من الاستقالة المفاجئة لرئيسة الحزب نيكولا ستيرجن.
لكن يوسف ليس المسؤول الأول في المملكة المتحدة الذي يتقلد منصباً مهماً وهو مسلم من أصول مهاجرة، وتحديداً من منطقة شبه الجزيرة الهندية التي استعمرتها “بريطانيا العظمى” لقرنين من الزمن، حيث هناك قائمة من المسؤولين من أصول مهاجرة في بريطانيا، وإليكم في هذا التقرير أبرزهم.
1- رئيس الوزراء ريشي سوناك
في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2022، أعلن حزب المحافظين البريطاني فوز المرشح من أصول هندية، ريشي سوناك، بالانتخابات الداخلية، ليصبح زعيم الحزب الجديد، وأول رئيس وزراء لبريطانيا من أصول هندية.
ويبلغ سوناك من العمر 42 عاماً، فهو من مواليد عام 1980 في مدينة ساوثهامبتون، وترجع أصول عائلته إلى الهند؛ حيث هاجر أجداده من ولاية البنغاب الهندية إلى شمال إفريقيا في بداية الأمر، ثم هاجر والداه إلى بريطانيا في ستينيات القرن الماضي. وكان والده يعمل طبيباً بينما كانت والدته تمتلك وتدير صيدلية.
ودرس سوناك في إحدى المدارس المرموقة وهي وينشستر كوليدج وبعدها التحق بجامعة “أكسفورد”، التي تخرج فيها عام 2001. وعمل سوناك محللاً في شركة الخدمات المصرفية الاستثمارية، غولدمان ساكس، حتى عام 2004.
وحصل سوناك على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة ستانفورد، وهناك التقى بزوجته، أكشاتا مورثي، وهي ابنة نارايانا مورثي، الملياردير الهندي وأحد مؤسسي الشركة العملاقة في مجال التكنولوجيا، “إنفوسيس”.
وهكذا كوَّن سوناك ثروة ضخمة، بفضل نجاحه في مجال الأعمال إضافة إلى حصة زوجته في شركة والدها، وتقدر ثروته بحو 730 مليون جنيه إسترليني (877 مليون دولار) هذا العام. ونشرت صحيفةالغارديان البريطانية تقريراً عنوانه “هل ثروة سوناك البالغة 730 مليون إسترليني تجعله أغنى من أن يصبح رئيساً للوزراء؟”.
بدأت رحلة سوناك مع السياسة قبل 12 عاماً، عندما انضم لحزب المحافظين، وفي عام 2014، اختير مرشحاً للحزب لمجلس العموم عن دائرة ريتشموند في شمال يوركشاير، وهو المقعد الذي شغله زعيم الحزب الأسبق ويليام هيغ لفترة طويلة، وفاز بالمقعد ثم أُعيد انتخابه للبرلمان في عامي 2017 و2019، وصوت ثلاث مرات لصالح خطط رئيسة الوزراء تيريزا ماي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وكان أول منصب حكومي رفيع المستوى يشغله سوناك هو رئيس السكرتارية بوزارة المالية في يوليو/تموز 2019، أي الرجل الثاني في الوزارة، وعينه فيه جونسون، كمكافأة على الدعم القوي الذي أظهره ريشي لجونسون للفوز بزعامة حزب المحافظين ورئاسة الحكومة.
وشهدت فترة توليه منصب الرجل الثاني في وزارة المالية تصاعداً لافتاً في التوتر بين الوزير، ساجد جاويد، ورئيس الحكومة جونسون، وعندما استقال جاويد في فبراير/شباط 2020، اختار جونسون سوناك ليحل محله، وكان وقتها في التاسعة والثلاثين من عمره، ليصبح رابع أصغر شخص يتولى هذا المنصب على الإطلاق.
2- الوزير ساجد جاويد
هو نائب برلماني ووزير سابق للثقافة والداخلية في حكومات 2014 و2018 و2019، وهو أول مسلم يعين وزيراً للداخلية البريطانية، من حزب المحافظين.
وساجد جاويد من مواليد 5 ديسمبر/كانون الثاني عام 1969 في روتشديل بمقاطعة يوركشير البريطانية، وهو ابن سائق حافلة هاجر من باكستان إلى بريطانيا منذ أكثر من خمسين عاماً، ودرس جاويد الاقتصاد والسياسة في جامعة إكسيتر البريطانية بين العامين 1988 و1989.
انضم جاويد إلى جمعية الطلاب المحافظين التابعين لحزب المحافظين البريطاني أثناء دراسته الجامعية، وشارك وهو في سن العشرين لأول مرة في مؤتمر لحزب المحافظين.
شارك جاويد في الحملة المؤيدة للبقاء في الاتحاد الأوروبي خلال استفتاء عام 2016، رغم أنه قال قبل التصويت ببضعة أشهر إن “قلبه” مع الخروج من التكتل. وقال بعد إعلان النتيجة “جميعنا الآن مؤيدون للخروج”.
يعد جاويد ثاني من يتولى منصباً في مجلس الوزراء من الأقلية البريطانية التي ترجع أصولها لمنطقة جنوب آسيا، وذلك عندما أصبح وزيراً للثقافة في 2014، حيث سبقه في عام 2009 صادق خان كوزير للمواصلات.
قبل أن يبدأ حياته الوظيفية في مجال السياسة، عمل جاويد في بنك تشيس مانهاتن وفي دويتشه بنك؛ حيث ساعد على إقامة أنشطتهما في أسواق ناشئة. ويعتبر جاويد رئيسة الوزراء المحافظة الراحلة مارغريت ثاتشر مصدر إلهامه السياسي، وكثيراً ما كان يعلق صورتها في مكتبه وهو في منصب وزير.
3- عمدة لندن صادق خان
في مايو/أيار 2016، انتخب صادق خان (52 عاماً) كعمدة لمدينة لندن، عاصمة المملكة المتحدة وأكبر مدنها، ممثلاً لحزب العمال البريطاني، وهو أول مسلم من أصول باكستانية يعتلي هذه العمادية في المملكة المتحدة، بفوز مستحق على منافسه ممثل حزب المحافظين الحاكم زاك غولد سميث.
عند فوزه، ردد خان هذه العبارة: “اسمي خان ولست إرهابياً”، ليبث من خلالها رسالة رداً على حملة التشويه التي تمت ممارستها ضدّه، إبّان الانتخابات من منافسيه، مثل منافسه الرئيسي زاك غولد سميث، الذي طالما اتهم صادق خان بأنه “أعطى منصة وأوكسجيناً وغطاء للمتطرفين” في إشارة لتخويف الناخبين من خطر الإسلاميين، والاستفادة من الإسلاموفوبيا التي تتزايد في العديد من الدول الأوروبية، لكن ذلك لم يفلح، وفاز في الاقتراع أول مسلم بريطاني من أصل باكستاني بهذا المنصب.
وصادق خان ينحدر من أسرة باكستانية هاجرت من باكستان إلى لندن في العام 1970، ترتيبه الخامس بين ثمانية أشقاء هم سبعة أولاد وبنت واحدة، تعلم حياة البساطة من والديه؛ أمان الله وسهرون خان؛ حيث كان يعمل أبوه سائق حافلة، وأمه تعمل خيَّاطة، وكانوا يقطنون مسكناً بسيطاً في جنوب العاصمة لندن، ولذلك قال إنه لم يتخيل أبداً أن “شخصاً مثله يمكن أن يُنتخب رئيساً لبلدية للندن”.
في عام 2005 أصبح خان عضواً في مجلس العموم البريطاني عن حزب العمال، ممثلاً لمنطقة توتينغ؛ وقد تخرّج من جامعة نورث لندن بعد دراسته للقانون، وبدأ رحلته كعضو في المجلس البلدي عن حي توتينغ، حيث كان أيضاً أول وزير مسلم ينضم لمجلس الوزراء البريطاني، ففي عام 2009 تقلّد منصب وزير النقل والمواصلات فيها.
4- رئيس وزراء اسكتلندا حمزة يوسف
يعتبر حمزة يوسف رئيس وزراء اسكتلندا الجديد، ابناً لمهاجرين قدما إلى البلاد في ستينيات القرن الماضي، وهو أول رئيس حكومة اسكتلندي مسلم من أصول باكستانية، وكان قبل سنوات أصغر وأول وزير مسلم في البلاد، عندما تحمل المسؤولية وعمره لم يتجاوز 27 عاماً.
وحمزة هو ابن مهاجرين، فوالدته من كينيا ووالده من باكستان، وقد تلقى تعليمه في مدرسة “هتشسون” النحوية، وهي مدرسة مستقلة في غلاسكو، حيث درس الدراسات الحديثة، وكانت الدراسات الحديثة هي التي ألهمته للانخراط في السياسة، حيث درس السياسة في جامعة غلاسكو، وتخرج بدرجة الماجستير عام 2007.
أثناء وجوده في الجامعة كان يوسف رئيساً لاتحاد الطلاب المسلمين بجامعة غلاسكو (GUMSA)، بالإضافة إلى أنه كان شخصية بارزة منخرطة في السياسة الطلابية في مجلس تمثيل الطلاب.
عمل حمزة يوسف مساعداً برلمانياً لبشير أحمد، منذ انتخاب أحمد كأول عضو برلمان مسلم اسكتلندي عام 2007، حتى وفاة أحمد بعد ذلك بعامين. فقد كان لأحمد تأثير شخصي، ثم عمل حمزة مساعداً برلمانياً لعدد قليل من أعضاء البرلمان.
أصبح حمزة يوسف أول عضو غير أبيض وأول مسلم في الحكومة الاسكتلندية، عندما تم تعيينه وزيراً في عام 2012، وهو في سن الـ27 وكان أيضاً أصغر وزير تم تعيينه في الحكومة الاسكتلندية.
فيما أصبح أول شخص من أقلية عرقية في اسكتلندا وأول وزير مسلم في مجلس الوزراء، عندما تم تعيينه أميناً لمجلس الوزراء للعدل في عام 2018، وشغل في عام 2021 منصب وزير الصحة والرعاية الاجتماعية.