فخ الانوثه
- Alsekeh Editor
- 31 مارس، 2023
- كتاب السكة, محطة المقالات
- 0 Comments
السكة – محطة كتاب السكة – كتبت رماح خاطر – كما أن للرجولة تكاليف ومغارم، للأنوثة كذلك تكاليف ومغارم.
أما الفرق بين الأمرين، فتكاليف الرجولة ومغارمها أمر يتوقف على القيم الإنسانية العليا، والتي ينتج عنها الاحترام؛ احترام الشخص لنفسه واحترام الناس لهُ.
وهي أمر متوقف على الشهامة والشجاعة والجرأة والمروءة والكرم والتسامح والشدّة واللين..
فهي اذاً مغارم على تكاليفها ومتطلباتها، ذات قيمة عليا ترفع معها بصاحبها بين الناس.
وأما تكاليف الأنوثة فمادية، مستحضرات تجميل صوت (شتوي) طاعة وانسحاب تحت ظل رجل قوام ممشوق خجل وحياء ببلاهة سطحية وعته وطفولة وبراءة.
واذا حسبنا القيمة المستفادة من كلا المغرمين، نجد أن الأول المتعلق بالرجولة عام ويشمل المجتمع، فالمجتمع بأكمله يرتفع بصاحب تلك التكاليف الى مصاف كبار البيئة او المكان أو القبيلة أو المجتمع.
وأما الثاني المتعلق بالأنوثة، فهو خاص ويشتمل على رجل واحد هو زوج المرأة أو شريكها.
وبذلك يتضح معنى الأنوثة والذكورة أكثر في الذهنية الجمعية، بأن أحدهم ملكية خاصة غير مطلوب منه أكثر من المحافظة على هذه (المكانة)،
والثاني ملك نفسه بين الناس (نبياً).
تُطبع بالذاكرة اذاً أن الرجولة هي مقياس الإنسانية بكل القيم العليا ومتناقضاتها التي تحملها كلمة إنسانية، وبأن هذهِ قيم انما هي حصرية للذكور. حتى تُصبح من تتبناها أوتُثبتها في شخصياتها من النساء، انما هي فقط (أخت رجال).
وبهذا يصيح التفسير (لماذا لا نفرح اذا تم وصفنا نحن النساء بوصوف من قِبل ( بمئة رجل، أخت رجال)) أوضح
لأن هذا مدح، في باطنه الذم .
إذا ما أخذنا كذلك بعين الإعتبار، أن الذي يصف المرأة بهذه الوصوف بينما هو يريد مدحها، هو نفسه الرجل الذي عندما يريد أن يذم الرجال او ينتقص منهم يصفهم أنهم مثل النساء (حرمة، حريمة، مرة، ابن المرة، زي النسوان..).
فهذهِ الوصوف من باب أولى أن لا تسعد، بقدر ما تُغضب،
وتنتقص من شأن النساء باعتبار انها تمنح الكمال للرجال وعليه يوصف الانسان الذي يقترب للكمال حول موقف ما، بهذه الصفة.
بينما يُلحِق صفة النقص الأبدي بالنساء.
ولكن ما المشكلة بالأنوثة؟ اليست الأنوثة شيء جميل؟
الأنوثة هي جوهر الجمال ليس في المرأة وحسب، وانما في أصل كل الأشياء حولنا.
ولكنها وكالعادة مثل الأشياء والأفكار والمعتقدات التي يساء فهمها واستخدامها أحياناً، تتحول الى مشكلة.
الأنوثة في عقلية من يحبون استخدام التوصيف، ليست نوع بايولوجي ، وانما صفات حسّية.
ان كان الجمال والخير والحق هو الاصل، فالأنثى الاصل، ولكن هل الأصل الآن، هو الجمال والحق والخير؟
والمقصود بالآن، هو المرحلة، الوقت التاريخ من عمر الزمن.
(مثال) في تدافع على (مخبز)، فيهِ النساء وفيهِ الرجال، والجميع يتدافع، يريد تحصيل خبزهُ اليومي قبل الآخرين، أو قبل نفاذ الكمية، أين الجمال والحق والخير هنا؟
وهذا (المخبز) هو العَيش، او الحياة أو الدنيا أو العالم الآن.
(الذكورة الأصل
والأنوثة استثناء)
قد تكون الذكورة طابقٌ أرضي، والأنوثة مستوىً يُصعدُ اليه ويُهبطُ منه .
“وكل ما لا يؤنث، لا يعوّل عليه”
الأنوثة في حال جعْلِها قالب يجب على النساء الالتزام به،
تتحول الى “فخ”
“فخ الأنوثة”
(الجميع (نساء ورجال) يحمل في داخله المؤنث ويحمل في داخله المذكر).
الذكورة (بعيداً عن “النوع”) “أصل” وأصل بين قوسين.
للمعاملات اليومية،
للمشي في الشارع،
للعمل،
لركوب حافلة المسافرين،
لشراء الخبز اليومي.
فهل على الأنثى أن تكون أنثى بينما هي تُطارد بين الدوائر الحكومية لاستخراج رقم أو قيد أو وثيقة سفر أو هوية؟
هل على الأنثى أن تكون أنثى اذا اعتدى على حقها أحدهم في الشارع؟ أم تمارس الحق الانساني الطبيعي في رد الفعل ورد الظلم؟
الأنوثة (بعيداً عمّا سلف) هي التجلّي للحالة الانسانية في أبهى صورها، وأجمل حالاتها واقربها واكثرها التصاقاً للمعنى الانساني (بمعناه الكلاسيكي الذي نحب ونرغب ونفضل)
وهي كذلك تجلّي للمعنى الأقرب للحق والفضيلة والجمال والمعرفة على مستوى العيش والحياة.
وهذا التجلّي لن تراه كثيراً في الأماكن العامة، ليس لأنهُ لم يعد هنالك نساء، ولكن لأن هامش القيم العليا نفسهُ ضاق.
فمن غير العادل أن نستمر بمطالبة طرف بممارسة الجمال في وسط أقل ما يقال عنهُ أنهُ ملحمة يومية! يلتحم فيها الناس.
المكان بلا مكانة لا يؤثر،
والطريق بلا طريقة يؤول الى التيه،
والانسان بلا انسانية محض حيوان ناطق،
وكلُّ ما لا يؤنث، لا يعوّلُ عليه.
كل هذا صحيح.. أعيدوا اذاً للأنوثة أدواتها، لتعود هي بالتالي،
أما أن تؤكد للأنوثة في كل يوم أن (الدنيا أصبحت غابة) ثم تقنعها على أن تظل وحدها إنسان! فهذا لا يبدو عادلاً نهائياً، ستحرص هي (كأصل) للطيبة والحنان والخجل والمحبة واللُطف (كما تراها) الى أن تثبت إستئسادها أكثر منك، كرد فعل طبيعي او كتعويض عن الشعور الذي صار (نقصاً)، يومَ ان تبدلت المفاهيم، وتغيّرت الدنيا نحو الأسوء.
قبل أيام قرأت منشور يفتتحهُ صاحبهُ بقوله (ملاحظة على الطريق؛ تعلّمنَ الدفاشة).
ثم يقول “في عمّان، قد تصلُ نسبةُ السّائقينَ مِنَ النّساءِ إلى خمسينَ بالمئة. رغمَ مرورِ السّنين، لم ينجحنَ في تغييرِ أجواءِ القيادةِ السّائدةِ على الطّريقِ، ولمْ يتمكّنَ مِنْ جعلِها أكثرَ ذوقًا ونعومًة ورقّة. المؤسفُ أنَّ النّساءَ تطبّعنَ بالنّمطِ الذّكوريّ الخشنِ في السّواقة، لدرجةِ أننا لمْ نعُدْ نُميّزُ بينَ سائقٍ رجلٍ وآخرَ “رَجُلَة”.
غلبةُ الثّقافةِ الذّكوريّة …”
علّقت على منشورهِ (أثر “الدفاشةِ” لَيُرى
أثر الدفاشةِ لا يزول).
وتعقيباً على كلام منشور صاحبنا؛ الذوق والفن في السياقة من وجهة نظر الذكور، خوف وهبَل وقلة خبرة وارادة، لا تمارسهُ سوى النساء، فالمرأة التي تلتزم بالسرعة القانونية والمرأة التي ما زالت تُعطي غماز يمين وشمال كلما انعطفت والمرأة التي تلتزم بمسربها والمرأة التي تسمح للمشاة بالعبور وتقف.. كل تلك النساء كان نصيبهن من المديح (التزمير ثم التزمير ثم التزمير) لإرباكهن، ثم القول عنهن (نسوااان! هي المرة أصلاً بتعرف تسوق)!!
في الواقع هي المرأة هي من تعرف كيف تقود سيارة، ولكن ولأن المفاهيم تبدّلت، فغدَت الزعرنة قوة، وعدم الالتزام شطارة والأدب ضعف، فطبيعي أن تلتقط المرأة الإشارة،
فتخلع انوثتها بالبيت، ثم تنزل بكامل “ذكورتها” للشارع.