كيف خدعوا العرب بمقولة ماركس “الدين افيون الشعوب” مقال لـ نضال أبو ناعسة

السكة – محطة المقالات

سنوات ونحن نسمع تكفير المشايخ لكارل ماركس والشيوعية لانه قال بأن (الدين أفيون الشعوب)!
لنقرأ الان العبارة الاصلية التي وردت في كتاب:( مساهمة في نقد فلسفة الحق عند هيغل: مجلد 3 نيويورك 1976).
* “Religion is the sigh of the oppressed creature, the heart of a heartless world, and the soul of the soulless conditions. It is the opium of the people”.
( الدين هو زفرة المظلوم، هو قلب لعالم بلا قلب، وروح في اوضاع بلا روح، هو أفيون الشعب)
هل في هذا الكلام اي تجريح؟ بالعكس كلام جميل.

قامت أجهزة الدعاية البريطانية والأمريكية والفرنسية باستقطاع كلمة (الدين أفيون الشعب) وتحويل كلمة الشعب الى (شعوب) لتشمل كل شعوب الارض بكافة اديانها!

عندما قال ماركس كلمة people , شعب كان يقصد المجتمع الانكليزي تحديداً لأنه كان يعيش في لندن وكان يشاهد المجتمع كيف يكد ويكدح من الفجر حتى المساء في العمل بفحم الكوك فيعود الشخص مرهقاً اسوداً من الفحم في شوراع سوداء وأبنية سوداء بسبب نشاط الثورة الصناعية. في هذه الأجواء كان العامل الانكليزي يريح نفسه بتناول الافيون مساء لكي ينسى همومه وينام. الحياة كانت قاسية للغاية. هذا ماقصده ماركس بان تأثير الدين على الإنسان مريح جداً مثل تأثير الافيون على الانسان الانكليزي المرهق والمستنزف.

وماركس لم يقل ( الشعوب ) لان كلمة people تعني الشعب، وجمعها peoples شعوب. فالنص كان بالمفرد.*
ندرك الان خبث الاعلام واصراره على تشويه وتدمير ماركس وافكاره الموجهه للراسمالية…

لماذا هذا التشويه؟

أصدر ماركس كتابا بعنوان (حول المسالة اليهودية)، تم نشره مؤخرا من قبل منشورات الجمل ترجمة د نائلة الصالحي. ماركس يتهم اليهود بانهم جعلوا المال إلها، والأرض بورصة! وأنهم أينما حلوا فإنهم يحوّلون الأرض إلى بورصة والناس إلى مخلوقات تركض لاشباع اطماع اليهود بالربا.

ماركس كان من ألد اعداء الربا واستغلال الإنسان…*

انطلت هذه الخدعة علي مجتمعاتنا ومفكرينا وأخذوا يكفرون ماركس وافكاره بل واخذ الاسلاميون بتاليف الكتب في الرد على أفكار ماركس واصله اليهودي! بينما هو من الد اعداء اليهود! وخدعوا بالدعاية الغربية وان الدين افيون الشعوب!

نجح الانكليز والأمريكان والرأسماليين في تدمير سمعة ماركس. بل وأصبح الاسلاميون والمتدينون سلاحا بيد الغرب للحرب علي الشيوعية والاشتراكية!

بدأت بمصر عندما قام السادات بالسماح للاسلاميين باكتساح الشارع المصري في السبعينات للوقوف بوجه التيار اليساري، واشتعل الشارع المصري بخطب الشعراوي وكشك ومحاضرات مصطفى محمود وكتب سيد قطب ومحمد قطب! كل هذا من اجل تحجيم اليساريين والشيوعيين!

في لقاء مع جريدة الواشنطن بوست في شهر 3 – 2018 , صرح محمد بن سلمان , بان قتال المجاهدين العرب في افغانستان ضد الروس كان جزءا من الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفيتي! وان الحكومة السعودية كانت تشجع المشايخ والكتاب علي تكفير الشيوعيين وتشجيع الشباب المسلم على القتال في افغانستان باعتباره جهادا! وان هذا البرنامج كان جزءا من السياسة الامريكية! وان اميركا استغلت الفكر السلفي في الحرب الباردة!

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1989 وانهيار جدار برلين بنفس العام ثم انهيار منظومة الدول الاشتراكية , بدا انفراد اميركا بالعالم!
اصبحت الرأسمالية هي دين العالم الجديد!
واصبحت ( كيم كاردشيان ) هي ايقونة العالم الجديد!
واصبحت ( المثلية الجنسية ) شعار العالم الجديد!
واصبح كل شئ مباحا بعد انفراد اميركا بالعالم.
وصدقت نبوءة ماركس: ( الراسمالية ستحوّل الدين والفن والادب الى مال ).

لقد ساهم العرب في كل ما يدور. لقد كان العالم اكثر امانا بوجود الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي كقوة موازية لاميركا والغرب ، وكان النظام الاشتراكي يقف ندا للراسمالية المتوحشة.

النظرة الدينية العاطفية للعرب ساهمت وبغباء في كل ما يجري…..(بلا)

اترك تعليقا