قراءة نقدية لمسلسل “عاصي الزند” مقال لـ د.ريم عرنوق
- Alsekeh Editor
- 2 أبريل، 2023
- المحطة الثقافية
- 0 Comments
السكة – المحطة الثقافية
يزداد بريق مسلسل عاصي الزند تألقاً ، وتزداد أحداثه إثارة وتشويقاً ، ولا أستغرب إطلاقاً تصدره لائحة المسلسلات السورية والعربية كأكثرها مشاهدة …..
رغم محاولات البعض تصيّد أخطائه ، والإضاءة على عثراته ، والتلميح والتصريح بسقوطه في فخ ” سلق ” أحداثه وتهافت حبكته ومجرياته ……
المسلسل ، بقصته وحواره ولهجته ومناظره الطبيعية وعينه الخلابة ، تجاوز كل الفخاخ المنصوبة له ….. تيم حسن تفوّق على نفسه ….
صوته ، طريقة نطقه وتفخيمه لبعض الأحرف ، تشويح كفه للأعلى علامة على السأم من الأمر ، قبضة يده خلف ظهره ، تقطيبته ، أفيهاته ( ابن المفقوعة ، بي بيو لبيي ، الحكمة اللذي قالها نيتشه …. )
” الذي ” لحالها بتسوا قصائد ومعلقات .. الإخراج مبدع جداً …..
يا لروعة الديكور بكل تفاصيله ، بأدق أدق تفاصيله …
بالبيوت ، بإضاءتها الخافتة ، بمشهد القمر فوق الضيعة الغفيانة بينما العسكر يهرولون إليها ، بالأزياء ، بالمفروشات ، باللوحات على الحيطان ، بالموسيقى والتخت الشرقي ……
من كان مثلي من عشاق الحقبة الزمنية المسماة بالفرنسية ( Belle epque ) ، وهي الفترة الواقعة بين 1870 – 1914 … يعرف تماماً عما أتحدث ……
حتى النظارات الشمسية ل أنس طيارة محسوب حسابها بدقة ، وهي تماماً من موضة تسعينيات القرن التاسع عشر …….
وبالمناسبة …. أنس طيارة ( الباشا الابن ) قدم أداء خرافياً ….. يا ويلتاه على تعابير وجهه و رفة جفنه اللا إرادية …..
بالنسبة للأحداث والقصة …..
بعض الحوارات مرعبة في واقعيتها وعمقها ودلالاتها …..
مثل مشهد اللقاء بين عاصي وعمته التي رفضت تلقي المال منه منتقدة طريقته في الوصول لحقّه ، قائلة : شتان ما بينك وبين أبيك ……
نظرة الصدمة في عيني عاصي رهيبة …..
تلك النظرة ذاتها حواراً كاملاً يجيبها فيه دون أن ينطق بحرف : أبي أوصلته طريقته إلى الموت أمام أعيننا …. ويومها هنتي يا عمتي لم تنصريه …. جاية اليوم تدينيني إلي ؟؟؟؟
ومثل الحوار المشابه بين عاصي الواقعي الذكي المقا/تل بالفطرة لإعادة الحقوق لأصحابها ، وبين خليل الحمصي صاحب النظرة الرومانسية الشاعرية الطوباوية للإصلاح ……
شمس … عشتار القصة المتلونة حسب الشريك ، زوجاً كان ، أم عشيقاً حالياً تتغنج عليه ( الباشا ) ، أم عشيقاً سابقاً تحن إليه ( عاصي ) ……
شمس الشخصية والممثلة أيقونة في الأداء الأنثوي وفي التقلبات الأنثوية أيضاً ، فهي تعشق بجنون وتكره بجنون وتستخدم فتنتها وسحرها وسحوراتها بالحالين …..
حتى فايز قزق ، رغم أنه اختفى ل ٩ حلقات ، مرعب في عبقرية أدائه ……
أما ما قرأت عنه مؤخراً من أن العمل سقط في التسرع والعشوائية والقفز بين الأحداث والشرود في فضاءات لا واقعية ….. فكلها تهم مردودة على مطلقيها …..
كالقول مثلاً : كيف للشاب ابن فايز قزق أن يحب فتاة اسمها ( ريمة ) وهو اسم حديث لم ينتشر إلا في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين ، وتكون ريمة قد هاجرت وأهلها لأميركا ، والهجرة لأميركا لم تبدأ حتى القرن العشرين …..
ما هذا الكلام السخيف والانتقادات السطحية ؟؟؟
اسم ريمة قديم جداً ، و لدّي مريضات سموا على أسماء ( حباباتهن ) أي جداتهن : ريمة ……
وهناك أسماء أجمل حتى من ريمة وهي قديمة وأقدم من ريمة أيضاً مثل اسم روزانة ( ع الروزانة ) ، واسم روزين ( جدتي اسمها روزين ) ……
أما الهجرة لأميركا فقد بدأت منذ منتصف القرن التاسع عشر ، إلى كلتا الأميركيتين الشمالية والجنوبية ، وهناك عائلات كاملة انتقلت بقضها وقضيضها من سوريا الكبرى ، حمص وبيروت وطرابلس وحلب والساحل ، إلى نيويورك أو البرازيل أو الأرجنتين أو تشيلي قبل بداية القرن العشرين بزمن طويل …..
اسألوا أجدادكم وكبارية ضيعكم يروون لكم قصصهم ……
أو انتقاد تفاصيل مثل : كيف وصلت شمس بسرعة إلى عاصي بعد تلقيه الطعنة …..
يا سيدي لم تصل بسرعة …. الزلمة دخل غيبوبة وجابولو النرس نجاة وطببته ، بعدا وصلت شمس …..
أو : كيف عرف ابن فايز قزق بمكان عاصي …..
شو يعني ؟؟؟
ما الختيار قال لقزق : المطارد موجود بقرية الجبة ….
أو : أين اختفى صالح بعد حلقة السجن ….
طيب ما مر إلا حلقة وحدة فقط ٣٥ دقيقة بعد حلقة سجن صالح …..
أووووف …. بتملل هالانتقادات من سخفها ……
وهي على سخفها لا يمكن أن تغبّر على هذا المسلسل هائل الجمال والتأثير ، و ( الذي ) قوته وإبداعه سيبقيان طويلاً ، وسيكرر عرضه لسنوات وسنوات أسوة بالأعمال الدرامية السورية الفخمة الضخمة كنهاية رجل شجاع والتغريبة الفلسطينية …..
وستشهد الأيام بذلك …..
شكراً لكل صناع العمل ، المخرج سامر البرقاوي ، المؤلف عمر أبو سعدة ، تيم حسن ، دانة مارديني ، والوجوه الجديدة ……
~~~
د . ريم عرنوق