من سرق نصرنا ؟!.. فَذكّرْ.. مقال لـ الكاتب المغربي محمد الوزيري

السكة – محطة المقالات 

=================

اليوم الثاني من ذكرى حرب التحرير الشعبية العربية.

قبل أن أقرأ هذا الكتاب كنت مصابا بالاكتئاب، و الحمد لله بعدما قرأته أصبحت مصابا بالاكتئاب و الأعصاب و أعصاب المعدة و القولون و ارتفاع ضغط الدم في الشرايين و ضيق التنفس و أشياء أخرى..
لقد كانت حرب رمضان-أكتوبر هي المعركة المجيدة التي ضخت فيها جموع عساكر الأمة العربية كل دمائها من أجل محو العار الذي لحق بنا في معركتين مذلتين أمام العدو الغاصب. فكان للأمة ما كان من نصر مؤزر لأربعة عشر يوما من المعركة التي أذاق فيها جنودنا البواسل العدو كؤوسا متتابعة من مرار الحنظل.
لقد كانت بواعث التحرير و بشائره تتوالى من الجبهتين، السورية و المصرية، رغم خيانة من خان و ردّة من ارتد، بينما كان ضباط و جنرالات العدو بالكاد يميزون بين ملابسهم الداخلية و سوتيانات زوجاتهم من شدة الهول.. أي معونة إلهية كانت تلك؟!!
لقد بكيت في الفصل الحادي و الثلاثين من الكتاب لشدة الشوق إلى صفحة مشرقة من تاريخنا المكفهر بالهزائم النفسية المتعاقبة. بكيت و كأني جندي في معركة تجري وقائعها في تلك الليلة التي طويت فيها صفحة الإعداد و انتقلت بلهفة المشتاق إلى صفحة فصل العبور. و يا له من فصل تنقبض له الفرائص من شدة الفرح و السعادة و حب الشهادة و التضحية في سبيل أمة نحبها..
توالت الأحداث بالانتصارات و تكبيرات الجند و صلواتهم للرب التي ترافق صلياتهم للعدو.. حتى عمد الملعون “السادات” إلى قرار الزج بالجيش الثالث بين فكّي العدو، و أجهض ذلك النصر العظيم و أهداه كقطعة عرفان لكيسنجر الذي انتقل من النجدة لرفع القيود على النفط العربي إلى المساومة على حياة خمسة و أربعين ألف شاب من شبابنا بسبب خيانة حثالة اسمه “سادات”.!! ..
اللعنة!.. لا يمكنني الحديث عن الفصل الخامس و الثلاثين، لأنه يشبه إعادة تمثيل الجريمة على الضحية نفسها. و لكن لا بد أن نتعلم من أخطائنا و ألا نول السفلة على عظام أمورنا.
إن الكثير مما قرأته عن حرب أكتوبر لم يكن بالتفصيل و الواقعية التي ذكرها الفريق الشاذلي في مذكراته من طرائف و دسائس و مآسي و خيانات لم يعرفها حتى الشاذلي نفسه، لأن خيوطها لم تنكشف إلا بعد وفاته بسنين. بل ما زالت بعض فضائحها تتوالى في إعلام العدو و مذكرات جنرالاته..
سيبقى نصر أكتوبر العظيم “المبتور” مفخرة لشبابنا و أطفالنا و أجيالنا، لأنه تم بأدمغة عربية وطنية، و تمت هندسته على أوراق وطننا و بأيادي شباب أمتنا الولاّدة.. فضربنا الأمثال في التضحية و الإيثار، و أعطينا الدرس للعالم بأن قوة الحق و الإيمان إذا اجتمعتا في الجندي، فإنه يصنع المعجزات حتى لو كان غريمه يفوقه عددا و عدّة..إن مجد رمضان-تشرين هو أعظم مجد حققته أمتنا في العصر الحديث، ليس لأنه قارع العدو و تغلب عليه، بل لأته قام بذلك وسط كل ذلك الزحف التآمري ضدنا.. و سط كل تلك الخيانات و الطعنات المتتالية في ظهور شرفاء أمتنا من مصر و سوريا خاصة و أقطارنا العربية عامة.

و يكفينا فخرا أن أتينا العدو من حيث لم يحتسب، بل أريناه مقدمة الجحيم الذي ينتظره في المعركة الأخيرة و الفاصلة التي سنخوضها ضده في القريب إن شاء الله، معركة الوجود التي إما أن نكون فيها.. أو نكون.

اترك تعليقا

NEW