تعال إلي .. كي أكون روحك الخالدة في وجه العدم
- Alsekeh Editor
- 3 أبريل، 2023
- المحطة الرئيسية, المحطة الفلسطينية, كتاب السكة
- 3 Comments
السكة – المحطة الفلسطينية – خاص
النص لـ محمد أبو رحمة – الرسم لـ عبد الناصر الحوراني
“في طرقات المخيم”
إن لم تكن ضعت في السوق عندما تركت يد أمك في الزحام .. سيصعب عليك فهم هذا الرسم . إن لم تكن جعت وجف حلقك من العطش .. وتذكرت كوب الماء “التوتية” فوق الزير الذي أحاطته أمك بالخيش كي يظل باردا من أجلك … سيصعب عليك فهم هذا الرسم … إن لم تكن ورثت ألم الفقد .. وتشربت الغربة رشفة رشفة كالقهوة المرة من فنجان تمده لك يد (المعزب) قبل أن يطعنك لاحقا … سيصعب عليك فهم هذا الرسم .
وإن لم تكن ما زلت تحن إلى ابتسامة أبيك وهو عائد من حفر القبور (بالمنساس) وعندما يقول لك : تعال يابا .. نزل الأغراض … سيصعب عليك فهم هذا الرسم .. إن وإن وإن …
إن لم تكن خبأت قصائد مظفر النواب .. ومحمود درويش .. وسميح القاسم .. وتوفيق زياد .. وكتب نزيه أبو نضال .. وأغاني الفرقة المركزية .. وإن لم يكن لك وطن تريد أن ترجع اليه .. سيصعب عليك فهم هذا الرسم ..
إن لم تضحك ضحكة مكتومة عندما استمعت للحديث بين أم غازي وعمتك أم طلب وهن يرتبن مصيرك كي تتزوج من (سعدية) بنت (خظرة) وأنت كنت لم تزل ولدا يخطط كيف ينصب كمينا لأكبر عدد من العصافير .. كي تقليها بالسمن الى أن تتقرمش .. سيصعب عليك فهم هذا الرسم …
الصدر الذي لا يعوض وطني .. وأبي الذي تحول من صلصال في ملامح القدماء الى ثقب في الكبد .. لا يمكن علاج فقده .. لا يمكن تعويض غيابه .. لا يمكن الشفاء منه ..
بقلم حبر أسود على ورقة بيضاء تم رسم هذه اللوحة .. قال لي عبد الناصر ..
سألته : كيف جعلت من الرسم شيئا يشبه فرو الدب ؟ فسكت ..
مشكلة الذين يعبرون بالرسم أنهم لا يجيدون الكتابة. مشكلة الذين يعبرون بالكتابة أنهم لا يجيدون الرسم … وهكذ التقينا أنا وعبد الناصر .. مع أنني أعترف بأنني اشتركت في الكثير من الدورات كي أتعلم الرسم .. لكن كانت النتيجة كارثة ..
الشجرة عندي كانت تشبه عامود الكهرباء .. والمرأة تشبه الصندوق المطعوج .. والأم تشبه الحاكورة .. ولذلك قررت أن أتوقف عن تعلم الرسم …
عندما ألقي برأسي المتعب يا وطني الأب والأم والحبيبة سأغمض عيني كما في الرسم .. لكي أصدق أن كابوس اللجوء انتهى .. وأنني عدت .
عندما تقلين لي البيض بزيت الزيتون .. مع رغيف خبزته يداك من قمح البلد مع حبة مقدوس بالزيت .. سأعرف أنني رجعت الى رحمك المكين ..
عندما أسير في الطريق وأتنفس هواك … سأعرف أنني أصبحت هنا .. والآن .. وحتما في هذا المكان .. وأني لن أموت مثل أبي في بلاد الآخرين .. وأني سأزرع ذارعي في تراب خصرك .. وأني سأنجب منك أكثر من تاريخ .. وأبعد من فلسفة .. وأجمل من منظر الغروب على بحيرة طبريا ..
إلى أوطانهم .. سأختار أن أقف أمام بيارة جدي في الرملة … حتى لو كان فوقها ناطحة سحاب … أو ملهى ليليا أو مقرا للعدو ..
كل تلك الأشياء ستشبه أي مدرج روماني في عمان أو مصر أو سورية أو العراق ….
سيذهبون كلهم أجمعون … وأنا بكل بساطة يا حبيبتي سأستمر في حبك …
Safia
من أروع ما قرأت.. مبدع كاتب النص !!
Fatima fk
مبدع.. كاتب محمل بهم الوطن وحب كبير
ماهر منصور
رائعة جدا وممتعة ومعبرة