“باب الساحة” بنابلس ميدان برمزيات تاريخية وسياسية منذ عهد صلاح الدين
- سمير قطيشات
- 7 أبريل، 2023
- محطة المنوعات
- 0 Comments
السكة – الصفحة الثقافية – متابعات
يعد “باب الساحة” واحدا من أشهر وأقدم الميادين في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، وفلسطين عامة، وما يزال يعد قلب نابلس النابض.
يقول سكان وخبراء إن لـ “باب الساحة” مكانة خاصة، تعود إلى زمن الناصر صلاح الدين الأيوبي، وتحرير هذه المدينة من الصليبين، وزاد أهمية في العصر العثماني، ولا تزال مقصدا لأنشطة سياسية واجتماعية.
وتحيط بالساحة متاجر ومحال ومسجد، ومبنى السرايا العثماني، وأقيم في قلبها برج الساحة زمن السلطان عبد الحميد الثاني، وفيها متاجر لبيع الملابس، والأثاث، ومطاعم شعبية، ومحال لبيع الخضار والأدوات المنزلية، وغيرها.
يقول أحمد حرز الله (65 عاما)، صاحب متجر لبيع الخضار في باب الساحة، إنه لا يتخيل أن يعيش في مكان غير باب الساحة لأنه يمثل له كل شيء، ويؤكد أن “للمكان أهمية عبر الزمان، فهو القلب النابض لنابلس القديمة”.
وأشار -في حديث لوكالة الأناضول- إلى أنه ورث المتجر من والده، وعاش وكبر في البلدة القديمة. ويضيف “في سبعينيات القرن الماضي من ملك متجرا في باب الساحة يعني أنه من كبار التجار، لما للموقع من أهمية اقتصادية واجتماعية”.
ورغم التطور العمراني في المدينة وامتدادها خارج البلدة القديمة، إلا أن أهالي نابلس والقرى المجاورة يزورونها.
وعلى مدخل متجر حرز الله، صور لعدد من الفلسطينيين الذين قتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي الأشهر الأخيرة، بينهم نجله محمد المقاتل في مجموعة “عرين الأسود”.
وقتلت إسرائيل، منذ بداية العام الجاري، 84 فلسطينيا غالبيتهم من مدينتي نابلس القديمة وجنين ومخيمها، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
يقول حرز الله، عشت هنا (في باب الساحة) كل حياتي، وشهدت على الاجتياحات والعمليات الإسرائيلية، وانتفاضة الحجارة في ديسمبر/كانون الأول 1987، وانتفاضة الأقصى (سبتمبر/أيلول 2000) والعمليات العسكرية الأخيرة.
برج الساعة العثماني
في الساحة التي يتوسطها برج ساعة شيد زمن السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، وأعيد ترميمها عام 2012 بتمويل من وكالة التعاون والتنسيق التركية “تيكا” يجلس الزوار والسياح على مقاعد خصصت للاستراحة.
ويقول عنان الرامي (37 عاما) من مدينة رام الله إنه يزور نابلس وبلدتها القديمة بين الحين والآخر. وذكر للأناضول أنه عادة ما يجلس في باب الساحة، لما لها من جمال خاص “وهي كما يقال عنها دمشق الصغرى (للتشابه في البناء)”.
واعتاد الرامي على ذلك منذ أن كان طالبا في جامعة “النجاح الوطنية” بنابلس.
ويقول السكان وأصحاب المتاجر بالبلدة القديمة إنهم يعيشون أوضاعا صعبة جراء غلاء الأسعار، والعمليات الإسرائيلية في نابلس القديمة.
وعلى مقربة من الساحة، وفي زقاق قريب تفوح رائحة الكنافة النابلسية، يقع أحد أشهر محال الحلويات، يطلق عليه اسم “كنافة الأقصى” ويعج ساعات الظهيرة بالزبائن.
أنشطة سياسية واجتماعية
ويعد ميدان باب الساحة -بحسب الكاتب والباحث نصير عرفات مؤلف كتاب “نابلس مدينة الحضارات”- مقصدا للأنشطة السياسية والاجتماعية.
ويقول عرفات للأناضول إن باب الساحة هو الميدان الرئيسي في نابلس القديمة، وأصبح مقصدا لكل نشاط اجتماعي وسياسي، نظرا لموقع الساحة وتفرعات الشوارع التي تلتقي فيها.
ويشير إلى أن باب الساحة كان نقطة انطلاق المسيرات المنددة بالاحتلال الإسرائيلي خلال انتفاضة الحجارة (عام 1987) والتي كانت نابلس خلالها مشتعلة دوما.
وعادة ما كانت تنطلق المسيرات من مسجد “النصر” الواقع في الساحة، التي “ودعت عشرات الشهداء”، وفق المتحدث. وتقام فيها حتى اليوم عدة أنشطة، كتأبين الشهداء والاحتفالات الدينية كالمولد النبوي وفعاليات رمضانية.
تاريخ الساحة
وعن تاريخ الساحة، يقول عرفات إن لها 3 أسماء ولكل منها دلالته، وأولها (ساحة الحضرة) وذلك تخليدا لحضور القائد صلاح الدين الأيوبي وتحرير نابلس من الصليبيين، عبر التسلل إلى داخل المدينة من نفق مياه روماني.
وأضاف “الاسم الثاني هو (ساحة المنارة) نسبة إلى برج المنارة أو برج الساعة الذي يتوسطها، والذي شيد قبل 120 عاما بمناسبة اليوبيل الفضي لحكم السلطان العثماني عبد الحميد الثاني”.
وأشار إلى أن “السلطان أهدى نابلس ساعة ألمانية الصنع لا تزال تعلو البرج”.
أما الاسم الأكثر تداولا فهو باب الساحة، وهو الاسم الشعبي للموقع، بحسب المتحدث.
وللموقع أهمية سياسية في العهد العثماني، حيث أقيم مبنى السرايا العثماني المطل على الساحة الذي ضم مكاتب إدارية ورئاسة البلدية والمحافظة والمحاسبة، وفي الطابق الأرضي سجن وإسطبلات للخيل.
وتحول المبنى اليوم إلى متاجر للأقمشة، وتسكن عائلات فلسطينية في الطابق العلوي.
وللموقع أهمية سياسية في العهد العثماني، حيث أقيم مبنى السرايا العثماني المطل على الساحة الذي ضم مكاتب إدارية ورئاسة البلدية والمحافظة والمحاسبة، وفي الطابق الأرضي سجن وإسطبلات للخيل.
وتحول المبنى اليوم إلى متاجر للأقمشة، وتسكن عائلات فلسطينية في الطابق العلوي.
في الجهة الغربية من باب الساحة، يقع مسجد النصر، والمشيد بالطراز المعماري العثماني، والذي يعد واحدا من أهم وأكبر مساجد نابلس، ويمتاز بقبة خضراء اللون، تظهر جلية وسط المباني القديمة.
ويقول عرفات إن مسجد النصر شيد على مدار 4 سنوات، بعد أن تعرض للهدم عام 1927، جراء زلزال ضرب مدينة نابلس.
وأشار إلى أن الموقع كان كنيسة وعقب الفتح الإسلامي تحول إلى مسجد، قبل أن يهدم ويعاد بناؤه.