قراءة في كتاب “من حوران الى حيفا” لـ د. سليمان صويص

السكة – محطة المقالات
“من حوران إلى حيفا”… قطعة من التاريخ الإجتماعي للأردن وفلسطين…
امضيت وقتا ممتعا في قراءة كتاب “من حوران إلى حيفا”، لمؤلفه الطبيب د. زياد محمدالزعبي. الكتاب هو عمليا “رواية”، لكن معظم ابطالها ليسو من نسج الخيال، بل أشخاصا حقيقيين، وأولهم والد المؤلف : محمد، الصبي الذي تمرد على واقعه في قرية “حريما” في حوران التاريخية، وحرم من متابعة دراسته في “المدينة” (أي اربد) بالرغم من تفوقه.. لا يحب الزراعة، ولا يريد أن يظل طول حياته يحصد ويذري القمح، لكي يأتي التجار في آخر الموسم ليشتروه، ثم يبيعونه في دمشق وبيروت بإسعار مرتفعة… يريد محمد أن يغامر، ان يقرع باب المجهول، فيذهب إلى حيفا وليس معه إلا بضعة قروش.. وهناك يعمل، وهو لا يزال في الثانية عشرة من عمره، صبيا عند محل خضار (محمد السلال) ، ثم “عربجيا”، ثم يصبح بفضل اجتهاده ومثابرته وأمانته شريكا في “الدكان”، فتاجرا، ويجلب إخوته إلى حيفا للعمل معه.. وينخرط في النضال الوطني في فلسطين مع القائد عز الدين القسام… وبعد سقوط حيفا بيد الصهاينة، يعود إلى الأردن ليشتغل في تجارة الحبوب…
اعتمد المؤلف على الذكريات التي كان يسردها عليه والده واصدقاؤه، اضافة الى ما قرأه من كتب وموسوعات عن فلسطين وحيفا.. كل ذلك مكنه من كتابة “رواية” مهمة تسجل أدق التفاصيل فيما يتعلق بالحياة الاجتماعية في قرية والده “حريما”، وكذلك تقديم وصف ورصد دقيق للأحياء والأسواق والأحداث والأزياء والأطباق والعادات والتقاليد في حيفا، بالرغم من أن المؤلف لم يزرها!
انها تصوير جميل، يبعث على الحنين، للمجتمعين الأردني والفلسطيني في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي. يشكل الكتاب سفرا غنيا من التاريخ الإجتماعي والسياسي للبلدين التوأمين … فالمؤلف يكرر أكثر من مرة بأن علينا عدم الإعتراف بالتقسيم الاستعماري لبلاد الشام..

اترك تعليقا