حزين كمعتكف في قرار الصبا .. قصيدة للشاعر ياسين بوذراع نوري

السكة – المحطة الثقافية 
حزين كمعتكف في قرار الصبا
كلحاء على شجر يابسِ
مثلما يطرد البحر أسرارهُ أتململ خوفا على الضفتينْ
كأنيَ لا شيء أمضي إلى جزر في الفراغِ
وأجهل أينْ
وفي الروح صفّ من الشرفاتِ
يطلّ على موعد بائسِ
2
حزين وأحفظ حزني كما يحفظ المؤمنون الصلاةْ
وأعلم أني إذا مسّني فرحٌ
مسّني ترحٌ
رحلتي بلغت شأوها
وأنا أسأل الراحلين عن البحرٍ
إني أجدّفُ
إني أجدّفُ
لكنني زاهد في النجاةْ
3
ما تقول السماءْ؟
يحمل الناس أعمارهم كحقائب ممسوسة بالسفرْ
كلّما شحّ ماء المطرْ
يقفونَ
على أرضهم خيبة أو رجاءْ
لكنْ الواقفون على حزنهم
أرضهم كربلاءْ
4
ما يكون الألمْ؟
وخزة في الأصابعٍ
أم طلقة تخرق القلبَ
هل يشعر الميّتونْ؟
أيّها الواقفونْ
إن سقطتُ فلا تحملوا جثتي
إن سقطت فلا تغمضوا ضوء عينيّ
علّي أرى ما يكون العدمْ
5
مثل خيط تدلّى من السقف مستسلم واهن أهملته العناكبْ
وكما يتكسّر ضوء المنارات فوق زجاج المرافئِ
أو كهدوء المراكبْ
قال لي ميّتٌ
(لم أكن غير خدش بسيط على جلدة الأرضِ
باب على الظلمتين مواربْ)
6
(ري بيمولْ)
أنت أيتها النوتة الواهمه
فلمن كلّ هذي الأناشيد؟
إن الحقيقة مقطوعة الأذنينِ
لمن كلّ هذي المصابيح؟
كلّ الذين تحبّينهم لا عيون لهم
أنت أيّتها النوتة الهائمه
لا مراغم في هذه الأرض لا سعة، ليس ثمّة غير الأفولْ
(ري بيمولْ)
7
سأعدّ إلى مئةٍ
ولتكن حكمة العدّ أني إذا ما وصلت إلى آخر العدّ، حاولت ثانيةً
هكذا
واحد، واحدٌ، واحدٌ، واحدٌ
حلقات من العدّ مفرغةٌ
تلك أعمارنا.
8
أتكون أنت فريسة مثلي لذئب الموتِ؟
قال الحزنُ:
(إنّي توأم الموت السياميّ المدلّلُ
ظله ورفيقه الأبديّ في كلّ الولائم والوضائمٍ
لحمهُ
عكّازه الخشبيّ)
قال:
(الموت أحجية، انا معناه، هامشه المفسّرُ
هل رأيت جنازة منقوصة منّي ومن سنني؟
أنا ربّانها
وأنا مدرّب رقصها
أنا خالدٌ، ما دام في الأرض الخلودْ.)

اترك تعليقا

NEW