“مفاوضات سرية” أمريكية سورية في سلطنة عُمان
- Alsekeh Editor
- 15 أبريل، 2023
- المحطة الرئيسية, المحطة العربية
- 0 Comments
السكة – المحطة العربية – رصد
ما يُحكى في الكواليس السياسية عن طريقة تفاوض الرئيس السوري، بشار الأسد، مع القوى الدولية، يسمح للقيادة السورية الإعلان عن انتصارها على “المؤامرة الكونية”، التي اشتركت بها قوى دولية وإقليمية وعربية لإسقاط سورية لكنها تعود لتفاوضها. والرئيس السوري يتخذ موقعه التفاوضي من نقاط قوة يرتكز عليها، وعنوانها أنه لم يُهزم في الحرب، لا بل هزم الجميع.
تقدّم الصين
لم تشهد الأشهر الفائتة مفاوضات أمنية أو سياسية تركية وسعودية ومصرية فقط مع سورية، بل كانت هناك مفاوضات أميركية معها أيضاً، وصلت إلى عقد اجتماعات مباشرة وعلى مستويات رفيعة بين مسؤولين أميركيين ومسؤولين سوريين، في سلطنة عمان. ولكن قبل الدخول في تفاصيل هذه اللقاءات وما ارتكزت عليه مباحاثاتها، لا بد من تسجيل بعض النقاط والملاحظات.
في قراءة للمشهد الدولي، ظهر مؤخراً، تقدّم للصين على المسرح العالمي والشرق أوسطي، وهو ما أبرزته بكين في رعايتها للاتفاق السعودي الإيراني، وتالياً في تقديم مبادرة لوقف الحرب الروسية على أوكرانيا. تلى ذلك زيارة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بكين ولقائه بالرئيس شي جين بينغ، وبعدها صرّح ماكرون بأنه لا يجب على أوروبا أن تبقى في حالة تبعية للولايات المتحدة الأميركية. يوحي هذا المشهد بوجود خلاف ومشكلة داخل الحلف الواحد، أي بين أميركا وأوروبا. كما هو الحال بالنسبة إلى خلافات أوروبية- أوروبية حول ملفات كثيرة.
الأسد وفرض الشروط
كذلك، وفي ظل التقارب السعودي الإيراني وبرعاية صينية، يبرز خلاف أميركي سعودي، وخلاف أميركي إسرائيلي، وصولاً إلى التسريبات التي حصلت مؤخراً وتمسّ الأمن القومي الأميركي وهشاشة مناعتها الأمنية، وتفضح الكثير عن العلاقات الأميركية مع الحلفاء. كل ذلك يؤدي إلى حالة من التضعضع في هذا المحور. وفي (إسرائيل) أيضاً، مشاكل داخلية قابلة للانفجار في أي لحظة. عربياً أيضاً، ثمة خلافات بين عدد من الدول حول مسألة إعادة سورية إلى الجامعة العربية، في ظل اعتراض خمس دول كما يُقال. وهو ما يدفع الأسد إلى القول إنه لا يريد ارباك أحد بالعودة إلى الجامعة العربية، إنما هو يركّز ويحرص على تطوير العلاقات الثنائية.
على الرغم من المفاوضات العربية الدائرة مع الرئيس الأسد، للبحث في إعادة العلاقات مع سورية أو عودتها إلى الجامعة العربية، يظهر أيضاً تباين كبير في آراء الدول. فمثلاً مصر شددت في لقاء وزيري خارجية البلدين على ضرورة تطبيق القرار 2254، والذي يتحدث عن انتقال سياسي للسلطة. هذا القرار غاب عن البيان السعودي السوري، الذي اقتصر الحديث فيه فقط عن الحل السياسي من دون أي ذكر للقرارات الدولية.
الرئيس بشار الأسد وخلال زيارته لموسكو للبحث مع المسؤولين الروس في تطبيع العلاقات مع تركيا، قد فرض شروطاً مرتفعة السقف، أولها لجهة رفض لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل الانتخابات، وثانيها بوضع شرط أساسي على تركيا يتعلق بوضع جدول زمني للانسحاب من سورية.
لقاءات عُمان
مثل هذه الشروط يكررها الرئيس بشار الأسد على الأميركيين أيضاً. وحسب ما تكشف مصادر متابعة، فإن أكثر من لقاء مباشر عقد بين وفود سوري والأميركيين في سلطنة عمان. وقد كان المجال التمهيدي لهذه اللقاءات، مفاوضات غير مباشرة بين الجانبين، تركزت حول عدد من النقاط، أبرزها إطلاق سراح 7 معتقلين أميركيين في سورية متهمين بتعم أمنية، على رأسهم أوستن تايس. فيما بعد تم وضع ورقة سياسية شاملة، هي التي فرضت الذهاب إلى حوار مباشر. وهذا الحوار بالتأكيد معلوم بالنسبة إلى عدد من العواصم. وبالإرتكاز إليه تسارعت وتيرة التفاوض بين دول عربية وسورية.
هنا يمكن طرح سؤال إذا ما كان المسار السعودي في الانفتاح على دمشق، يشبه المسار نفسه في الانفتاح على طهران. أي أن السعودية كانت على علم بوجود مفاوضات أميركية إيرانية ومفاوضات أميركية سورية، فأرادت الرياض استباق ذلك بانتهاج طريق خاص بها بمعزل عن الأميركيين.
المخدرات والرهائن
تتضمن الورقة السياسية التي يتم التفاوض عليها بين سوريا والأميركيين نقاطاً متعددة، تختلف الأولويات فيها بالنسبة إلى كل طرف. فالأميركيون يضعون شروطاً تبدأ من إطلاق سراح الرهائن، وبعدها يتم البحث في المجالات السياسية. بينما تشترط البحث السياسي، كما يشترط الانسحاب الأميركي من شرق الفرات، بالإضافة إلى الوصول لتفاهم حول المسألة الكردية. وبعدها يكون إطلاق سراح الرهائن هو النتيجة لهذه المفاوضات.
بناء عليه، يستخدم الرئيس الأسد تكتيك الاستثمار في الوقت، وهي أكثر تكتيك يحترفه السوريون منذ أرساه حافظ الأسد. وربما حصل تطور في آليات هذا الاستثمار انطلاقاً من تعميد العلاقة مع إيران بالتضحيات المشتركة في الميدان.
حسب ما تقول المعلومات، فإن المفاوضات الأميركية السورية تتركز على الأمور الداخلية السورية، فيما يطرح الأسد إيجاد حلّ لمسألة الأكراد ووقف الدعم الأميركي لهم. بينما يعتبر آخرون أن الأميركيين يريدون مقابل التعاطي مع الأسد، أن يتعاطى هو أيضاً بواقعية مع الأمر الكردي، بالإضافة إلى ملفات أخرى تتعلق بالوضع في جنوب سورية ولا سيما ملف الجولان.
لا يزال من المبكر التكهن بكل هذه المسارات ونتائجها، فيما تختلف التقديرات والمواقف حول نتائجها في المستويين القريب والبعيد لكن الأكيد أن الاستدارات الكبرى في العالم وفي المنطقة تجعل الرياح تسير عكس ما تشتهي سفن أمريكا وكيان الاحتلال .