(النساء شعب مستعمر)

السكة – محطة كتاب السكة- رماح خاطر  – خلال هذا الأسبوع قرأت أكثر من مرّة منشورات تتحدث عن عبايات النساء والبنات، كلها منشورات تنتقد التصميمات والريش والألوان المُضافة الى العبايات.

كانت العباية قديماً ليست أكثر من إسدال أسود بالكامل، وكان مصممي العبايات ليسوا أكثر من رجال ولم تدخل المرأة على هذهِ الصنعة إلا حديثاً.

الرجال هم من يصممون هذهِ العبايات ثم يروجون لها على أنها هي الشكل المثالي والمطلوب من لبس العباية،
هكذا حتى دخلت النساء على الصنعة، فكسرنَ هذهِ العقيدة.

المصمِمات النساء سهّلنَ على النساء موضوع لبس العباية الذي لم يكن أكثر من إخفاء كامل لمعالم الوجود، جعلوها أكثر عصرية وأكثر حضوراً بإضافة الألوان والقماش الدخيل على اللون الأسود والاكسسوارات.

لكن كالعادة، لم يعجب ذلك الذين يفهمون الحياة داخل قالب واحد يريدون وضع الناس والزمن وكل شيء داخله.

ما المشكلة في العباءات الملونة والمزركشة والمطعّمة بالاكسسوارات ؟
أم أنكم اكتشفتم الدافع النفسي وراءها والذي ليس أكثر من تحايل على شيء بالفعل لا يستسيغهُ القلب ويقرُّ بكراهتهِ العقل الأنثوي فيعمد للتحايل عليه بتحسسن ظروفه ليس أكثر؟

بعض المنتقدين لا بد أنهُ يدرك هذا، والبعض الآخر وخصوصاً من فئة النساء كالعادة تمارس دورها بأن تجلس تحاكم خصوصاً الريش!

الكثير من النساء لو أن لديها الشجاعة الكافية لكي تتوقف عن لبس العباية والجلباب وحتى الحجاب، لفعلت ذلك ، ولكن هذهِ القِطع من القماش، صارت وكأنها جزء من جلدها، خلعها يساوي لديها سلخ الجلد عن اللحم!
لا يمكن أن يتصور أحد ذلك حتى يكون امرأة عاشت في مثل تلك المجتمعات التي تربي العوائل فيها بناتها الإناث على الخوف ثم الخوف من وعلى أجسادها.
بعض النساء لكي تتكيف مع هذا السجن الغريب تلجأ الى خلق معاني ثانية لهذا الشكل من اللباس، لكي تصنع مساحة من ال(comfort zone) لكي تتوائم وتتعايش.
بعض النساء حتى بعدَ أن يخلعنَ عن أنفسهنّ هذهِ الآصار جزئياً، أيضاً لا ترتاح، تظل تشعر بنوع من التوتر والقلق وكأنها نزعت جزء من جلدها.
النساء شعب مستعمر، منهُ من هو متكيف مع هذا الاستعمار ولكن مع ذلك يتحايل على الفكرة في محاولة أكبر للتكيف، ومنهنّ من تفهم هذا فتدفع وتدافع عن نفسها وعن شعبها.

العباية المزركشة والمطرزة بالريش ليست أكثر من محاولة للعيش ضمن واقع يشبه خم الدجاجات.
فلا ترموا بثقل التنمر والاستئساد على من تحاول أن تجترح طريقاً متلائماً أكثر مع ما تفهمهُ فطرتها الإنسانية من معنى أن يكون الإنسان إنساناً.. حر، ولكن ارموا بثقل ذلك على من سجن النساء داخل أجسادهنّ سجن مؤبد، وإن محاولة الفرار من أي سجن؛ فطرة.

اترك تعليقا