احتدام المواجهات في السودان .. وتحذيرات من تكرار نموذج ليبيا

السكة – المحطة العربية – كتب محمد أبو رحمة

توالت ردود الأفعال العربية والعالمية على احتدام الصراع في السودان، والمواجهات الآخذة في الاتساع بين طرفي المواجهة وسط تحذيرات من اجترار نموذج ليبيا الذي سيقود السودان الى التمزق.

الدولة متعددة الرؤوس، الدولة الفاشلة، الدولة الغائبة، أو أي اسم رديف، هي الصيغة التي آلت اليها أكثر من دولة عربية منذ بدء مشروع “الشرق الأوسط الجديد” واتخذ اسم (الربيع العربي)،  فتونس التي بدأت منها كرة الثلج ما تزال تتخبط حتى اليوم، وليبيا ما تزال منقسمة بين حكومتين وبرلمانين وبضعة تشكيلات عسكرية وشبه عسكرية جعلتها فاقدة للمناعة أو الحصانة أو التماسك، واليمن التي غرقت في نزاعات متراكمة ومتشعبة ومعقدة، ثم شنت عليها حرب لم تبق ولم تذر، ومنذ أسابيع فقط بدأت تتلمس الطريق للخروج منها.

أما العراق فمن حرب الى حرب الى حصار الى احتلال وما يزال يرزح تحت وطأة فساد وصل الى مرحلة السوريالية بل الاستعراض بين قوى اتفقت على ألا تتفق على شيء. وحتى لبنان التي لم تمر بتجربة “الربيع بالمعنى الدارج” لكنها أغرقت في انهيار وفشل اقتصادي وسياسي يجعل عربة كل شيء فيها تتعثر ولو بقشة.

ثم ها هي تنفجر في السودان، بين جيش بنت أركانه ثلاثون عاما من حكم الاخوان، وبين قوة كانت تسمى الجنجويد، وأصبح اسمها قوات التدخل السريع، وكلاهما يرتكز على تحالفات داخلية هي مزيج من تيارات سياسية وقبائل، وعلاقات خارجية لها مصالحها، وشروطها ومطالبها.

اليوم استفاق العالم على صدى مدافع في الخرطوم وبضعة مدن أخرى، واشتباكات في مطار الخرطوم أسقت ثلاث ضحايا من المدنيين، أولئك الذي لطالما دفعوا فاتورة تنازع العسكر بالدم، والأسر، والتضحيات.

وسط هذا وذاك ، يخيم شبح الحرب الأهلية، وليس بغريب لا على السودان ولا على افريقيا عموما، فكل العناصر متوفرة، ذاك المزيج الخطر من القبلية، والتيارات التي يقف في المركز منها تيار الإخوان، ذاك التيار الذي أثبت في أكثر من ساحة أنه مستعد للانخراط في الحروب الداخلية أكثر من استعداده لمواجهة أي عدو خارجي، لا بل أثبت كفاءته في القتال بالسلاح أكثر من قدرته على الحوار أو المشاركة.

روسيا تدعو إلى وقف إطلاق النار في السودان والإمارات تدعو جميع الأطراف في السودان إلى ضبط النفس وخفض التصعيد وبلينكن نحث جميع الجهات على وقف العنف بشكل فوري وعلى تجنب مزيد من التصعيد أو تعبئة القوات.

والبرهان يقول إن ما حدث يجب أن يمنع تكوين أي قوات خارج رحم القوات المسلحة. في إشارة إلى الاشتباكات الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الخرطوم ومدن سودانية أخرى.

وأضاف قائد الجيش السوداني أن قوات الدعم السريع هي من هاجم مقرات الجيش في بيت الضيافة، وهو مقر إقامة رئيس مجلس السيادة، وعبّر عن تفاجئه بمهاجمة الدعم السريع منزله في التاسعة صباحا (بتوقيت السودان)، وأضاف رئيس مجلس السيادة للجزيرة أن قوات الدعم السريع تحرشت بالجيش في منطقة المدينة الرياضية (جنوبي العاصمة الخرطوم)، وهي التي انطلقت منها شرارة اشتباكات اليوم.

وحسب رئيس مجلس السيادة في السودان، فإن قوات الدعم السريع تسللت إلى مطار الخرطوم عبر صالة الحج والعمرة، مشيرا إلى أنها أحرقت بعض الطائرات، وأضاف أن القوات المسلحة تعاملت مع عناصر الدعم السريع في المطار.

وأكد البرهان أنه لم يستطع أحد دخول القيادة العامة للجيش السوداني، وأن كافة المرافق الإستراتيجية من قيادة الجيش والقصر الجمهوري تحت السيطرة، وذلك ردا على إعلان قيادة الدعم السريع أنها سيطرت على بيت الضيافة والقصر الجمهوري ومطاري الخرطوم ومروي.

في المقابل، أكد حميدتي أن قواته تسيطر على قصر الضيافة والقصر الجمهوري والقيادة العامة للجيش وجميع المطارات.

وقال حمدتي إن قواته حيّدت كل الطائرات التي يعتمد عليها البرهان، الذي وصفه بأنه “مجرم وكاذب وسيدمر السودان، وسنسلمه وأعوانه إلى العدالة”.

وأضاف أن قوات الدعم السريع ليس لديها عداء مع الجيش “لم نهاجم أحدا، وقتالنا رد فعل على حصارنا والاعتداء علينا، وفوجئنا اليوم بقوات كبيرة حاصرت قواتنا في أرض المعسكرات، وأمورنا جيدة جدا ونسيطر على جميع المقرات”.

واتهم حميدتي رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان بتنفيذ مؤامرة لأنصار الرئيس المخلوع عمر البشير.

وأعرب قائد الدعم السريع عن أسفه “للقتال مع أبناء شعبنا، لكن المجرم هو من أجبرنا على ذلك، القتال تم فرضه علينا بعد الاعتداء علينا وحصارنا، المعركة ستحسم خلال الأيام المقبلة”.

أما الصامت الأكبر وسط تلاطم التصريحات وتوالي الموقف فهو الاحتلال الإسرائيلي، ذاك الذي تعامل منذ البدء مع السودات كحبة مانجا ينتظر أن تنضج فتسقط من تلقاء نفسها في حضنه، لكن المؤشرات وفق أحداث اليوم تشير الى أن عليه أن يضيف السودان الى بقية حبات المانجا التي لن تسقط في حضنه، لا قريبا ولا في المدى المنظور.

 

اترك تعليقا