الأدب العربي الأميركي بات رقماً على لوائح الجوائز ومطلباً لدور النشر

السكة –  محطة الجاليات العربية –

رصد يمتد الأدب العربي الأميركي في الولايات المتحدة إلى أكثر من قرن، لكن الاعتراف به كمكون من الأدب الأميركي لم يبدأ إلا مؤخرا مع جيل جديد من الكتاب العرب تشغلهم السياسة كما الحنين إلى الجذور.

وشهد العقد الأخير زيادة كبيرة في النشر من قبل الكتاب العرب، من الروايات إلى الشعر، مرورا بالكتابات الصحفية.

ولد من رحم الصحافة

وتعود بدايات الأدب العربي الأميركي إلى أواخر 1800، وفق  مجلة الدراسات الامريكية التي تشير إلى أن المهاجرين العرب الأوائل وصلوا إلى أميركا الشمالية بأعداد كبيرة من المقاطعة السورية للإمبراطورية العثمانية، وبشكل أساسي من لبنان الحالي.

وتقول المجلة إن ازدهار الأدب العربي الأميركي يعود إلى السياقات التاريخية والاجتماعية والسياسية المتغيرة التي دفعت الكتاب العرب الأميركيين إلى الواجهة، ما سمح بخلق مساحات جديدة لأصواتهم.

يقول الكاتب، إدموند غريب، إن الأدب العربي الأميركي نشأ في القرن العشرين، وبدأ مع مهاجرين من سوريا ولبنان وفلسطين.

ويضيف غريب، وهو أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج تاون في واشنطن، أن الأدب العربي الأميركي ولد من رحم الصحافة “المهجرية”، التي لعبت دورا مهما عبر خلق مساحات للكتاب والأدباء المهاجرين للكتابة.

ويوضح الكاتب أن الكُتاب من الجيل الأول مثل جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وأمين الريحاني نشروا في مجالات متقدمة جدا.

الحنين إلى الوطن والحرية

وطغت قضايا الهوية والحنين إلى البلد الأصلي على أعمال الكُتاب العرب الأميركيين من الجيل الأول، ويقول بعض النقاد إن هذه المواضيع لا تزال حاضرة حتى في الكتابات العربية الأميركية المعاصرة.

تشير مجلة الدراسات الأميركية إلى أن الوعي بالشتات والحنين إلى الوطن الأم كان حقيقة واضحة في كتابات الأدباء العرب من الجيل الأول. 

ونقلت الصحف والمجلات الأولى هذه المواضيع، إذ كانت في كثير من الأحيان عن الطائفية والأحداث السياسية وتتناول الأحداث في الشرق الأوسط.

لكن مع بروز حركات الحقوق المدنية، برزت لهؤلاء الكتاب من الأصوات الأدبية المهاجرة مساحات جديدة للتعبير.

ومع تزايد نشر الأعمال الأدبية من أصل أفريقي ويهودي وآسيوي، وجد العرب الأميركيون أنه من السهل الكتابة عن “تراثهم العرقي” والعثور على ناشرين لنشر كتاباتهم.

وتشير ورقة المجلة إلى أن التغيرات الديمغرافية أدت إلى تحول المزيد من العرب في أميركا إلى الأدب والفنون كشل من أشكال التعبير عن الذات.

ويذهب الكاتب غريب في حديثه   إلى أن المجلات في عهد الجيل الأول منحت الكتاب فرصة للتعبير عن آرائهم في مواضيع أبرزها الحرية التي افتقدوها في بلدانهم ووجدوها في أميركا.

ويشير الكاتب إلى أن بعضهم تأثر بالأدب الأميركي واجتذبتهم مواضيع مثل وحدة الوجود والمحبة والإخاء الإنساني.

وبدأ مؤلفون مثل، سام حمود، وجاك مارشال، ونعومي شهاب، وغيرهم في نشر الشعر الذي تطرق إلى الهوية العربية.

وتخلص مجلة الدراسات الأميركية إلى أن الأدب العربي الأميركي بات مكونا من الأدب الأميركي رغم بعض القوى التي حاولت وضع العرب الأميركيين كحالات شاذة في السياق الأميركي.

بالنسبة للكاتب غريب فإن الكُتاب من الجيل الثاني والثالث ركزوا على التجانس مع الأقليات العرقية الأميركية، وبدأنا نرى أدباء “يتحدثون عن تجاربهم الشخصية بالشعر والروايات والقصص، ومن هؤلاء الكتاب ديانا أبوجابر. 

أما مع الموجة الثالثة من الكُتاب العرب الأميركيين فبدأ التركيز أكثر على الأمور السياسية، بل وبرزت كاتبات تركزن على قضايا المرأة.

وعن الأمور السياسية وقضايا المرأة، يرى بعض الكتاب أن ذلك مسار طبيعي لتطور الكتابات العربية الأميركية.

وتقول الكاتبة، سهيلة بورزق، إن الأدب العربي الأميركي لا يمكن وضعه في خانة الغموض، لأنه رفيق القضايا العربية وشقيق التحولات المصيرية، التي يعيشها الوطن العربي.

وتشير الكاتبة والإعلامية بورزق  إلى أن أقلام عربية أميركية كثيرة، تكتب عن أزمات بلدانها وتنفعل في طرح إشكالات، تحتاج إلى حلول مختلفة وهذا يعزز من قيمة انفتاح أدب المهجر، مؤكدة “أعتقد أن النص المكتوب باللغة العربية، يحتاج أن يندمج مع الأدب الأميركي في ترجمته، لتصل فكرته للقارىء الآخر”.

أصوات معاصرة

وتبرز الكاتبة، ديانا أوجابر، كصوت أدبي عربي أميركي معاصر، وهي روائية ومؤلفة وبروفيسورة في جامعة ولاية بورتلاند.

وتركز الكاتبة من أب أردني وأم أميركية في كتاباتها على قضايا الهوية والثقافة.

كما يبرز اسم، ليلى العلمي، أميركية من أصل مغربي، وهي من الأصوات المعاصرة، والتي رشحت روايتها “حكاية المغربي” إلى نهائيات جائزة بوليتزر في الأدب في 2015.

وتوجت مسيرة الأدب العربي الأميركي بجائزة تأسست خصيصا للاحتفاء به في 2006، وتمنح للمنشورات البارزة لتكريم الكتاب عن أعمالهم الناجحة.

وأنشئت الجائزة بشراكة مع أمناء مكتبات من جامعة توليدو وتكرم الأعمال في الشعر والرواية وأدب الأطفال واليافعين.

وتشير الكاتبة سهيلة بورزق أيضا إلى بيت الثقافة والفنون بواشنطن العاصمة، إذ أنه تجربة تجمع الكُتاب والمفكرين والأدباء والفنانين للتعريف بتجاربهم والاحتفاء بهم، على اختلاف جنسياتهم ولغاتهم ولمحاولة التعريف بالثقافة العربية بشكل عام، لإبراز تنوعها وانفتاحها على العالم.

وتخلص بورزق إلى أنه لا يمكن بأية حال العيش في المهجر من دون تفعيل التجارب مهما كان صنفها، أدبا أو تراثا أو فنا، من خلال التعمق في تجارب الأميركيين وإثبات قدرة الأدب العربي بشكل خاص على الاندماج والانصهار في كينونة الأدب الأميركي

اترك تعليقا

NEW