شعراء أفريقيا يواصلون نضالهم ضد العنصرية الثقافية

السكة – المحطة الثقافية

حين اختار الشاعر والمترجم المغربي نجيب مبارك أن يسمي أنطولوجيا الشعر الإفريقي المعاصر “همس الأسلاف”، فقد فتح للقارئ باب التأويل بخصوص وضع هذا الشعر بين الآداب العالمية، ونظر الأوساط الثقافية المركزية له.

إننا أمام صوت خفيض في مواجهة أصوات عالية، أسهمت في علوها عوامل إعلامية ودعائية من جهة، وعوامل أخرى تاريخية مرتبطة بالسياق الكولونيالي وبهيمنة دول دون سواها.

فقد صار من الواضح أن الدول القوية اقتصادياً وعسكرياً هي القادرة على الدوام على فرض ثقافتها والترافع بالتالي عن آدابها. وإذا كانت القارة السمراء قد عاشت ردحا من الزمن تحت نير الاستعمار والاستغلال العالمي لخيراتها، فإن هذا الوضع السالب قد أسهم في تغييب آدابها على رغم مما تتميز به من عمق واختلاف من شأنه أن يثري الآداب العالمية.

يعيش الأدب الأفريقي ظلماً مزدوجاً، فهو غير متداول محلياً، ويكفي الوقوف على مدى اطلاع عرب أفريقيا على نصوص جيرانهم من غير العرب، أما اطلاع الأفارقة من غير العرب على الأدب العربي فهو شبه معدوم.

والجانب الثاني للحيف الذي يعانيه هذا الأدب هو حضوره خارج القارة الأفريقية، فما يعرفه العالم الغربي عن الأدب الأفريقي لا يشكل إلا نسبة ضئيلة منه، ولا يعكس بالضرورة حقيقته وقيمته. فالكاتب الأفريقي عليه أن ينتقل إلى فرنسا أو بريطانيا أو أميركا إذا أراد أن يكون له حضور في الأوساط الثقافية العالمية، هذا إذا حالفه الحظ أصلاً، أو أن ينتظر جائزة عالمية أو اعترافاً لا يحدث إلا لماماً ، فالقارئ الغربي ومعه الإعلام والفاعلون الثقافيون لا يتجشمون عناء البحث والتنقيب عن الكتّاب الأفارقة، بل ينتظرون وصولهم إليهم على بساط الصدفة.

واللافت أن العالم العربي قد انفتح في السنوات الأخيرة على الأدب الأفريقي، المكتوب من لدن غير العرب، بعد أن ظل بالنسبة إليه، لزمن طويل، قارة مجهولة. والغريب والمفارق في الأمر أن الكاتب الأفريقي كان عليه أن يخرج بأدبه إلى أوروبا وأميركا كي يصل إلى القارئ الأفريقي ومعه العربي.

إن الأسماء المعروفة عربياً مثل ليوبولد سيدار سنغور وإيمي سيزار وآتشيبي وكويتزي وسوينكا وصلتنا في الغالب إما عن طريق فرنسا أو بريطانيا ، أما الذين يكتبون باللغات الأصلية مثل الأورومو والسواحلي والزولو والكريول وغيرها فظلوا حبيسي أوساطهم المحلية، ولا يملك قراء العالم أي فكرة عما يكتبون إلا في حالات نادرة.

 أنين القارة السمراء

اترك تعليقا