غسان كنفاني حياته أدبه نضاله واستشهاده

السكة – المحطة الثقافية –

غسان كنفاني  (1936 – 1972)، هو روائي وقاص وصحفي ومفكّر وأديب ومناضل فلسطيني. يعتبر أحد أشهر الكتاب والصحافيين العرب في القرن العشرين. أعماله الأدبية من روايات وقصص قصيرة متجذرة في عمق الثقافة العربية والفلسطينية، وتساهم في نشر الوعي عربيًا وعالميًا بالقضية الفلسطينيّة، استشهد بعد تفجير سيارته من قبل الموساد الصهيوني عام 1972.

ولد غسان كنفاني في عكّا شمالي فلسطين المحتلة في 9 نيسان/إبريل عام 1936، وعاش في يافا حتى أيار/مايو 1948، حيث أجبر على اللجوء مع أسرته إلى لُبنان، ثم سوريا، تنقل في حياته بين بيروت و الكويت دمشق والعراق، وهو عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والناطق الإعلامي باسمها، وقد عُرف صحفياً تقدمياً جريئاً، دخل السجن نتيجة جرأته في الدفاع عن القضايا الوطنية أكثر من مرة.

أصدر حتى تاريخ وفاته المبكّر ثمانية عشر كتابًا، وكتب مئات المقالات في الثقافة والسياسة وكفاح الشعب الفلسطيني.

 في أعقاب اغتياله تمّت إعادة نشر جميع مؤلفاته بالعربية، في طبعات عديدة. وجمعت رواياته وقصصه القصيرة ومسرحياته ومقالاته ونشرت في أربعة مجلدات، وتُرجمت معظم أعماله الأدبية إلى سبع عشرة لغة ونُشرت في أكثر من 20 بلداً، وتمّ إخراج بعضها في أعمال مسرحية وبرامج إذاعية في بلدان عربية وأجنبية عدة، اثنتان من رواياته تحولتا إلى فيلمين سينمائيين. وما زالت أعماله الأدبية التي كتبها بين عامي 1956 و1972 تحظى اليوم بأهمية متزايدة.

نشأته وحياته

والده

والد غسّان من أسرة عادية في عكّا، كان الأكبر بين أشقاءه، ولم يقتنع والده بتدريس ابنه، إلّا أنّ الابن التحق بمعهد الحقوق ب  القدس  في ظروف غير عادية، استعان بجهده الشخصي لتأمين حياته ودراسته ليتخرّج محاميًا.

كافح والد غسّان مع زوجته، وكان يترافع في قضايا معظمها وطنية خاصة أثناء ثورات فلسطين واعتقل مرارًا، وكانت إحداها بإيعاز من الوكالة اليهودية، وقد كان للرجل أثرًا كبيرًا في حياة ثالث أبناءه، وهو الشهيد غسان كنفاني.

غسان في طفولته

هو الوحيد بين أشقائه الذي ولد في عكا، والتحق بمدرسة الفرير في يافا، درس اللغة الفرنسية، ودرس الابتدائية في يافا، إلّا أنه لم يكمل دراسته إثر أعمال اليهود ضد الفلسطينيين فيها، وبعد قرار تقسيم فلسطين، فقد حمل الوالد زوجته وأبناءه وأتى بهم إلي عكا وعاد هو إلى يافا. أقامت العائلة هناك من تشرين أوّل عام 1947 إلى أن أجبر على الهجرة أواخر نيسان 1948.

غادر غسان إلى صيدا إثر هجوم الصهاينة على عكّا، واستأجرت العائلة بيتاً قديما في بلدة الغازية قرب صيدا، واستمرت العائلة في ذلك المنزل أربعين يومًا في ظروف قاسية، قبل الانتقال إلى حلب في سوريا، ثم إلى دمشق في نزلٍ قديم، لتبدأ رحلة قاسية في حياة الأسرة هناك، وقد عاش غسان طفولته هادئًا بين جميع إخوته.

ما بعد اللجوء

شارك غسان أسرته في دمشق حياتها الصعبة. عمل والده المحامي أعمالاً بدائية بسيطة، أخته عملت بالتدريس، هو وأخوه صنعوا أكياس الورق، ثم عمالاً، ثم قاموا بكتابة الاستدعاءات أمام أبواب المحاكم وفي نفس الوقت الذي كان يتابع فيه دروسه الابتدائية.

بعدها تحسنت أحوال الأسرة وافتتح أبوه مكتباً لممارسة المحاماة، فأخذ غسان إلى جانب دراسته يعمل في تصحيح البروفات في بعض الصحف وأحياناً التحرير واشترك في برنامج فلسطين في الإذاعة السورية وبرنامج الطلبة وكان يكتب بعض الشعر والمسرحيات والمقطوعات الوجدانية.

وكانت تشجعه على ذلك وتأخذ بيده شقيقته التي كان لها في هذه الفترة تأثير كبير علي حياته، وأثناء دراسته الثانوية برز تفوقه في الأدب العربي والرسم، وعندما أنهى الثانوية عمل في التدريس في مدارس اللاجئين وبالذات في مدرسة “الاليانس” بدمشق، والتحق بجامعة دمشق لدراسة الأدب العربي وأسند إليه آنذاك تنظيم جناح فلسطين في معرض دمشق الدولي، وكان معظم ما عرض فيه من جهد غسان الشخصي، بالإضافة إلى معارض الرسم الأخرى التي أشرف عليها.

القوميون العرب

انخرط في حركة القوميين العرب، وكان يضطر أحيانًا للبقاء لساعات متأخرة من الليل خارج منزله مما كان يسبب له إحراجًا مع والده الذي كان يحرص على  إنهائه لدروسه الجامعية، وكان يحاول جهده للتوفيق بين عمله وبين إخلاصه ولرغبة والده.

قي أواخر عام 1955 التحق غسان للتدريس في المعارف الكويتية، وكانت شقيقته قد سبقته في ذلك بسنوات وكذلك شقيقه. وفترة إقامته في الكويت كانت المرحلة التي رافقت إقباله الشديد والذي يبدو غير معقول على القراءة وهى التي شحنت حياته الفكرية بدفقة كبيرة، فكان يقرأ بنهم لا يصدق.

غسان والقراءة

كان يقول انه لا يذكر يوماً نام فيه دون أن ينهي قراءة كتاب كامل أو ما لا يقل عن 600 صفحة، وكان يقرأ ويستوعب بطريقةٍ مدهشة.

وهناك بدأ يحرر في إحدى صحف الكويت ويكتب تعليقًا سياسيًا بتوقيع “أبو العز”، لفت إليه الأنظار بشكل كبير خاصة بعد أن زار  العراق  بعد الثورة العراقية عام 1958.

في الكويت كتب أولى قصصه القصيرة “القميص المسروق”، والتي نال عليها أوّل جائزة أدبية في مسابقة.

مرضه

ظهرت عليه بوادر مرض السكري في الكويت، وكانت شقيقته قد أصيبت به من قبل وفي نفس السن المبكرة مما زاده ارتباطاً بها، وبالتالي بابنتها الشهيدة لميس نجم التي ولدت في كانون الثاني عام 1955، فأخذ غسان يحضر للميس في كل عام مجموعة من أعماله الأدبية والفنية ويهديها لها وكانت هي شغوفة بخالها محبة له تعتز بهديته السنوية، تفاخر بها أمام رفيقاتها.

عام 1960 حضر غسان كنفاني إلى بيروت للعمل في مجلة الحرية، وقد قام بلقاءاتٍ أدبية وفكرية وسياسية فيها، كما كان يكتب مقالاً أسبوعيا لجريدة “المحرر” في العاصمة اللبنانية، والتي كانت ما تزال تصدر أسبوعية صباح كل اثنين.

زواجه وحياته

لفت نشاطه ومقالاته الأنظار إليه كصحفي ومفكر وعامل جاد ونشيط للقضية الفلسطينية فكان مرجعاً لكثير من المهتمين.

عام 1961 كان يعقد في يوغوسلافيا مؤتمرًا طلابيًا شارك فيه وفدًا فلسطينيًا، وضم أيضًا وفدًا دانماركيًا، كانت في هذا الوفد “آني هوفر”، وهي فتاةٌ دنماركية سمعت للمرة الأولى عن فلسطين وقضيتها، عقب لقاء الوفد الفلسطيني، ورغبت بالاطلاع بشكلٍ أكبر على هذه القضية، فسافرت إلى البلاد العربية، وصلت دمشق ثم بيروت.

في بيروت، اقترحوا على الفتاة مقابلة غسان كنفاني كمرجع للقضية، زار غسان مع الفتاة الدنماركية مخيمات اللاجئين، وعرّفها على القضية الفلسطينية وشرح مواضيعها لها، وقد كانت شديدة التأثر بحماس غسان للقضية، مع الظلم الذي يتعرّض له الشعب الفلسطيني.

ولم تمض على ذلك أيام، حتى تقدّم غسان من الزواج بالفتاة، وقد عرّفها على عائلته، وعرّفت هي الأمر لعائلتها عبر رسائل أرسلتها.

تزوّج غسان من آني في 19 تشرين أول/أكتوبر 1961، وقد رُزقا بطفليْن، هما فايز في 24/8/1962، وليلى في 12/11/1966.

غسان والأطفال

كثيراً ما كان غسان يردد: “الأطفال هم مستقبلنا”. لقد كتب الكثير من القصص التي كان أبطالها من الأطفال. ونُشرت مجموعة من قصصه القصيرة في بيروت عام 1978 تحت عنوان “أطفال غسان كنفاني”. أما الترجمة الإنجليزية التي نشرت في عام 1984 فكانت بعنوان “أطفال فلسطين”.

أدب غسان والقضية الفلسطينية

إنّ إنتاج غسان كنفاني الأدبي، يتفاعل دائمًا مع حياته وحياة شعبه، فقد كتب ما عاشه وما عاشته قضيته، ومنها “عائد إلى حيفا”، التي وصف فيه رحلة أهل حيفا في انتقالهم إلى عكا؛ وقد وعي ذلك، وهو ما يزال طفلاً يجلس ويراقب ويستمع. ثم تركزت هذه الأحداث في مخيلته فيما بعد من تواتر الرواية.

“في أرض البرتقال الحزين”، تحكى قصة رحلة عائلته من عكا وسكناهم في الغازية، أمّا “موت سرير رقم 12″، استوحاها من مكوثه بالمستشفى بسبب المرض، بينما كتب “رجال في الشمس” مستوحيًا من حياته وحياة الفلسطينيين بالكويت على أثر عودته إلى دمشق في سيارة قديمة عبر الصحراء، كانت المعاناة ووصفها هي الصورة الظاهرية للأحداث، أما في هدفها فقد كانت ترمز وتصور ضياع الفلسطينيين في تلك الحقبة وتحول قضيتهم إلى قضية لقمة العيش مثبتاً أنهم قد ضلوا الطريق.

في قصته “ما تبقى لكم”، التي تعتبر مكملة “لرجال في الشمس”، يكتشف البطل طريق القضية، في أرض فلسطين وكان ذلك تبشيراً بالعمل الفدائي.

أما قصص “أم سعد” وغيرها، فكانت كلها مستوحاة من حياة أشخاصٍ حقيقيين، وفي فترة من الفترات كان يعد قصة ودراسة عن ثورة 1936 في فلسطين فأخذ يجتمع إلى ناس المخيمات ويستمع إلى ذكرياتهم عن تلك الحقبة، والتي سبقتها والتي تلتها.

غسان وشعراء المقاومة

لا أحد يجهل أن غسان كنفاني هو أول من كتب عن شعراء المقاومة ونشر لهم وتحدث عن أشعارهم وعن أزجالهم الشعبية في الفترات الأولى لتعريف العالم العربي على شعر المقاومة، لم تخل مقالة كتبت عنهم من معلومات كتبها غسان وأصبحت محاضرته عنهم ومن ثم كتابه عن “شعراء الأرض المحتلة” مرجعًا مقررًا في عدد من الجامعات وكذلك مرجعًا للدارسين.

الدراسة الوحيدة الجادة عن الأدب الصهيوني كانت لغسان ونشرتها مؤسسة الأبحاث بعنوان “في الأدب الصهيوني”

عمل في الصحف والمجلات العربية التالية:

  • عضو في أسرة تحرير مجلة “الرأى” في دمشق.
  • عضو في أسرة تحرير مجلة “الحرية” فى بيروت
  • رئيس تحرير جريدة “المحرر” في بيروت.
  • رئيس تحرير “فلسطين” في جريدة المحرر.
  • رئيس تحرير ملحق “الأنوار” في بيروت.
  • صاحب ورئيس تحرير “الهدف” في بيروت.

كما كان غسان كنفاني فنانًا مرهف الحس، صمم العديد من ملصقات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، كما رسم العديد من اللوحات الفنية التي تتحدث عن فلسطين وبعض المواضيع الاجتماعيّة والسياسيّة.

من مؤلفات الشهيد

قصص ومسرحيات:

  • موت سرير رقم 12 (قصص قصيرة).
  • أرض البرتقال الحزين (قصص قصيرة).
  • رجال في الشمس (قصة فيلم المخدوعون).
  • الباب (مسرحية).
  • عالم ليس لنا (قصص قصيرة).
  • ما تبقى لكم (قصة فيلم السكين).
  • عن الرجال والبنادق (قصص قصيرة).
  • أم سعد (رواية).
  • عائد إلى حيفا (رواية قصيرة).
  • العاشق، الأعمى والأطرش، برقوق نيسان (قصص لم تكتمل).
  • جسر إلى الأبد (مسرحية).
  • القبعة والنبي (مسرحية).
  • الشيء الآخر (رواية بوليسية/صدرت عقب استشهاده).
  • القنديل الصغير (قصص للأطفال).

بحوث ودراسات أدبية:

  • أدب المقاومة في فلسطين المستقلة.
  • فارس فارس (مقالات نقدية نشرت باسم مستعار).
  • الأدب الفلسطيني المقاوم تحت الاحتلال 1948-1968.
  • في الأدب الصهيوني

مؤلفات سياسية:

  • المقاومة الفلسطينية ومعضلاتها.
  • ألف كبيرة من الدراسات والمقالات التي تعالج جوانب معينة من تاريخ النضال الفلسطيني وحركة التحرر الوطني العربية (سياسياً وفكرياً وتنظيميًا).

جوائز نالها:

  • نال في 1966 جائزة أصدقاء الكتاب في لبنان عن روايته “ما تبقى لكم”.
  • نال اسمه جائزة منظمة الصحفيين العالمية في 1974 وجائزة اللوتس في 1975.
  • منح اسمه وسام القدس للثقافة والفنون في 1990

اترك تعليقا

NEW