بالتزامن مع تصاعد الأحداث في القدس وفلسطين انتشرت الادّعاءات المضلّلة التي رصدها “مسبار”، إذ تداولت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو ادّعت أنه لتجمع وهتاف المرابطين داخل المسجد الأقصى “لبيك يا أقصى”، بعد اقتحام قوات الاحتلال الأخير للمسجد.
لكن تحقّق “مسبار” كشف أنّه مضلّل، إذ إنّ الفيديو قديم وليس عقب الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على المسجد الأقصى، ونُشر في مايو/أيّار عام 2021 على أنّه لدخول فلسطينيين إلى المسجد الأقصى حينها، بالتزامن مع المواجهات بين المرابطين في المسجد الأقصى وقوات الاحتلال الإسرائيلي، عقب تصعيد الاحتلال في القدس وحي الشيخ جراح.
كما نشر مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو على أنّه يظهر حجم الدمار الذي أحدثته صواريخ المقاومة، التي انطلقت من مدينة غزة باتجاه إسرائيل، فجر يوم الأربعاء الخامس من نيسان/ابريل الحالي، بعد الاعتداءات الأخيرة على المسجد الأقصى.
ووجد “مسبار” بالتحقق، أنّ مقطع الفيديو نُشر في أيار عام 2021، بعد إطلاق المقاومة الفلسطينية صواريخ باتجاه تل أبيب ومناطق إسرائيلية أخرى، عقب تصعيد إسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة، حينها.
كما شاركت صفحات وحسابات صورة، زعمت أنّها لاعتقال المرابطين داخل المسجد الأقصى وتقييدهم، إلا أنّها قديمة وتعود إلى نيسان عام 2022، عندما اعتدت قوات الاحتلال على مرابطين داخل المصلى القبلي في المسجد الأقصى.
وتداولت صفحات في موقعي تويتر وفايسبوك صورة، ادّعت أنها لرشقات صاروخية أطلقتها المقاومة الفلسطينية باتجاه المستوطنات الإسرائيلية، فجر يوم الأربعاء الخامس من إبريل. لكن الصورة منشورة منذ آب/أغسطس 2022، عندما أطلقت المقاومة رشقات صاروخية صوب الأراضي المحتلة، بعد غارات إسرائيلية استهدفت قطاع غزة وراح ضحيتها عشرة أشخاص.
كما وجد “مسبار” أنّ هذه الصور قديمة وليست لأداء نحو 250 ألف مصلٍ في المسجد الأقصى صلاتي العشاء والتراويح ومن ثم قاموا بإحياء ليلة 15 من رمضان الجاري، بل تعود إلى تاريخ 27 نيسان/ابريل 2022، وتوثق إحياء قرابة 250 ألف مصلٍ لليلة القدر في المسجد الأقصى.
ولا يعود هذا الفيديو لمظاهرة خرجت في عُمان تنادي باسم أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وتطالبه بضرب تل أبيب رداً على اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي المسجد الأقصى، مؤخراً. إذ تبيّن بالتحقق أنّه مضلّل، ويعود إلى أيار 2021، ويُصوّر مظاهرة خرجت في عُمان تضامناً مع الشعب الفلسطيني، خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، آنذاك.
وهذه الصورة التي نشرها حساب “إسرائيل بالعربية” في “تويتر”، على أنّها تجمع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية بعناصر من كتائب القسام، قبل أيام معدودة من إطلاق الصواريخ من لبنان تجاه إسرائيل يوم الخميس السادس من نيسان الحالي، وجد “مسبار” أنّها قديمة ومنشورة منذ أيلول/ سبتمبر 2020.
وأما الصورة التي ادّعى ناشروها في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، أنّها لقادة من حركة حماس مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بعد إطلاق الصواريخ الأخيرة من لبنان على إسرائيل، أظهر تحقق “مسبار” أنّها قديمة وتعود إلى حزيران/ يونيو عام 2022 خلال لقاء وفد من قيادة حركة حماس، بحسن نصر الله الأمين العام لحزب الله.
وادّعى متداولو هذه الصورة في مواقع التواصل الاجتماعي، بأنّها لإحدى شظايا صاروخ كتب عليها “كتائب القسام”، عُثر عليها في أحد المستوطنات التي استُهدفت مؤخراً بصواريخ انطلقت من الجنوب اللبناني. لكن اتضح أنها قديمة ومنشورة في آب 2019، على أنّها “لبقايا صاروخ أطلقته المقاومة الفلسطينية على إحدى المستوطنات”.
وفنّد “مسبار” في مقال بعنوان “ما حقيقة الادّعاء بأن الفلسطينيين افتعلوا الأحداث في الأقصى؟” مقطع فيديو ادّعى ناشروه أنّه يوضح “التمثيلية” التي افتعلها بعض الفلسطينيين وبعض أفراد حركة حماس في المسجد، ومزاعم أنهم استخدموا الألعاب النارية ليُظهروا أن هناك عملية اقتحام للمسجد لجلب التعاطف.
إذ اتضح أنّ المقطع المتداول مجتزأ من فيديو نشرته وكالة الأناضول في حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وذكرت أنّه لاقتحام الشرطة الإسرائيلية للمسجد الأقصى. ويُظهر المقطع عدة مشاهد منها دخول القوات الإسرائيلية المسجد والاعتداء على المصلين.
وأجرى “مسبار” تحليلاً لبعض الحسابات التي نشرت مقطع الفيديو وقالت إنّه لمشاهد مفتعلة من بعض الفلسطينيين وحماس، وتبين أنها حسابات تنشر وتروج لبعض الروايات الداعمة للاحتلال باستمرار وتعمل على تشويه الرواية الفلسطينية. كما تروج لإسرائيل كدولة إنسانية لا ترتكب العنف وضحية للإرهاب، ما يؤدي إلى تضليل الرأي العام عن عمليات الاقتحام والاعتداءات المستمرة والتنكيل. وكان أبرزها حساب مالك الدوسي الذي نشر المقطع وروج للرواية المتداولة بأنها مشاهد تمثيلية.
وفي مقال بعنوان “تضارب المعلومات في الإعلام الإسرائيلي.. آخرها عن صواريخ جنوب لبنان”، حلّل “مسبار” تضارب الرواية الإسرائيلية عقب إطلاق عشرات الصواريخ من الجنوب اللبنانيّ على شمالي “إسرائيل”، يوم الخميس الفائت السابع من إبريل الجاري، إذ أوردت القناة العبرية في خبرها الأوليّ العاجل، إنَّ “100 صاروخ أُطلق من لبنان إلى مستوطنات شمالي إسرائيل خلال 10 دقائق”، وسرعان ما قامت بحذفه. ونقلت الصحف والتلفزيونات العربية الخبر، بعد سماع دويّ انفجارات في مستوطنة “المطلّة” وغيرها، قرب الحدود مع لبنان.
وبالغت القناة 14 الإسرائيلية في تقدير أعداد الصواريخ التي أطلقت على دفعتين يوم الخميس الفائت، قبل أن تذكر إذاعة الجيش الإسرائيلي، تسجيل 30 عملية إطلاق على الأقل من الأراضي اللبنانية، مشيرة أنه تم اعتراض 15 صاروخاً منها، عبر القبة الحديدية في منطقة الجليل.
وجاء في رواية الجيش الإسرائيليّ حول عدد الصواريخ من لبنان، أنّه رصد بحسب المعطيات الأولية لديه، إطلاق 34 قذيفة صاروخية من جنوبي لبنان، تجاه المستوطنات، واعترضت الدفاعات الجوية 25 صاروخاً، فيما سقطت خمس قذائف داخل منطقة الجليل، وتمّ تعيين أربعة صواريخ أخرى ما زال البحث عن أماكن سقوطها مستمراً. وأشار الجيش الإسرائيلي على موقعه الإلكترونيّ بأنَّ معطياته غير نهائية.
فيما قالت صحيفة معاريف إنّه تمّ رصد 34 قذيفة صاروخية، اعترضت القبة الحديدية 25 منها، فيما سقطت خمس منها في الأراضي المحتلة، ولم تُشر إلى أنها معطيات غير نهائية مثلما ذكر جيش الاحتلال.
هذه أبرز الادّعاءات التي رصدها “مسبار” لعملية الاقتحام الأخيرة للمسجد الأقصى حتى الحادي عشر من نيسان الحالي.