هرطقات عاهرة وحكايا لا تحكى .. كتبت لبنى بجالي

السكة – محطة الكتاب

هو الإسم الذي اعتمدته كعنوان لكتابي الثاني … الكتاب عبارة عن أربعة عشر قصة ويتحدث عن أربعة عشر امرأة مختلفة … جزء من هذه القصص واقعي وجزء منها من إبداع الخيال …

وهذا ليس موضوع مقالنا هذا، وانما كيفية قراءة رد فعل المجتمع من عنوان مقال أو كتاب أو فيلم؟

البعض رفضه ورفض محتواه بمجرد سماع الاسم دون حتى ان يقرأه، والبعض اعلن عن اعجابه بالجرأة في اختيار العناوين وأيضا دون أن يقرأه ، والبعض قرأ الكتاب واعتبر أن هذا العنوان هو للإثارة فقط. وهذا يأخذنا لأهمية العناوين وكيفية تعاطي مجتمعاتنا معها…

فنرى من وقت لآخر يبرز عمل ثقافي او أدبي او فني بعنوان مثير يكون سببا في رواجه الكبير في الاعلام التقليدي او الالكتروني بما فيه مواقع التواصل الاجتماعي والتفاعل مع العمل بين مستنكر ومؤيد ورافض وداعم فقط من عنوان هذا المقال أو الكتاب أو الفيلم. على سبيل المثال ديوان الشاعرة التونسية وفاء بعتور الذي يحمل عنوان “نهديات السيدة واو” قد أثار الوسط الثقافي والفني في تونس وخارجها لما يحمله العنوان من إيحاءات جنسية. الجدير بالذكر أن هذا الديوان لم يكن ليعرف عنه أحد سوى كاتبته لولا عنوانه المثير.

للأسف مجتمعاتنا لا تأبه بالجوهر، وإنما تتمسك بالمظاهر أو العناوين وتطلق أحكاما من مجرد نظرة إلى غلاف أو قراءة عنوان دون بذل أي جهد لمعرفة او مشاهدة او قراءة المضمون. العنوان عادة يعطي فكرة عامة عن الموضوع او جزء منه، ولكنه لا يعبر عن المحتوى وتفاصيله والمعلومات الأساسية الضرورية لتقييم المحتوى بشكل صحيح، وبالتالي لا يمكن الحكم على المحتوى بشكل كامل فقط من خلال العنوان، بالإضافة إلى انه قد يستخدم العنوان فقط كأداة لجذب القراء او المشاهدين، ولا يعكس محتوى العمل بشكل دقيق، وعليه لابد من قراءة او مشاهدة العمل الادبي او الفني كاملا قبل إبداء الرأي والنقد.

تمنع بعض الدول استخدام العناوين التي تحمل إيحاءات لاي من التابوهات الثلاثة المعروفة، الجنس، السياسة، والدين، وتحدد ذلك من خلال ادواتها للرقابة على المطبوعات والنشر والمصنفات الفنية، رغم أن كثير من هذه الدول تستخدم بعض العناوين المثيرة في الإعلام لتحويل انتباه المجتمع عن قضايا مهمة وجدية أخرى، وذلك بغرض إيقاع المجتمعات في فخ الإلهاء والتشتيت عن القضايا الحقيقة التي تستحق الإهتمام. إن مجتمعاتنا للأسف لا تلتفت في الغالب للمضمون وقراءته وتحليله وإنما تهتم بالقشور أو العناوين وتصدر أحكامها بناءا على هذه العنوان …

فأي إيحاء جنسي في العنوان يعتبر الكاتب منحلا أخلاقيا، وأي دلالات دينية يعتبر إزدراء للأديان ويمكن أن تصل إلى حد الاتهام بالإساءة للذات الإلهية… والأنكى من هذا أن يطالب هذا المجتمع الذي يسعى للحرية بإقصاء هذا العمل الفني أو الأدبي أو الثقافي الذي لم يطلع عليه بل قرأ عنوانه فقط  .

اترك تعليقا

NEW