الولاء والإنتماء في شرع الفقراء والأغنياء
- عبدالله شقير
- 19 أبريل، 2023
- كتاب السكة, محطة المقالات
- 0 Comments
السكة – محطة كتاب السكة. – كتب رئيس التحرير عبدالله شقير
يمثل الانتماء علاقة مشتركة إيجابية بين الفرد وبين كل ما يتعامل معه من متغيرات ومؤثرات في المجتمع ، والحاجة إلى الانتماء هي الإحساس المشترك لكل فرد في نمو هذه المتغيرات ، فبدون الانتماء لا يتقبل الفرد دوره في المجتمع ولا يشعر بقيمة الخدمات التي يقدمها المجتمع له ، ولا يتولد لديه أي احساس أتجاه الفئات المهمشة في المجتمع .
وبالنظر إلى مظاهر الولاء والانتماء في أي مجتع فإنا نراها واحدة في مختلف المجتمعات ، إذ يجمعها على سبيل المثال النشيد الوطني والمساهمة في الحياة السياسية من خلال المشاركة في الانتخابات ، والتحدث باسم الوطن والدفاع عنه وما يتبع ذلك من تفعيل العلاقات الإيجابية بين مكونات المجتمع المختلفة والمتفاوتة في المستوى العلمي والثقافي .
ولكن في الوقت الذي لا يوجد فيه اختلاف أساسي في مفهوم الولاء والانتماء بين شعوب الدول المتقدمة وشعوب دول العالم الثالث إلا أننا قد نجد اختلافا في مستوى هذا الانتماء وعمقه .
ولعل السبب في تفاوت مستوى الولاء وقوته بين مجتمع وآخر يعود لعوامل مختلفة أهمها التعليم والثقافة والظروف الاقتصادية وكذلك الظروف الاجتماعية والتاريخية للدولة وشعبها .
ومن العجب ، فإن مجتمعاتنا العربية تكسر قاعدة الشعور بالانتماء والتي ينبغي لها أن تتقوى وتصبح أكثر عمقا ، حيث أن الولاء والانتماء في محيطنا العربي يكاد يكون هشا ، بل لا تكاد تلمس مظهرا من مظاهره في أي من فضاءات هذا الانتماء وخصوصا الانتماء المجتمعي .
ففي الوقت الذي نرى فيه الشعوب العربية بكافة أطيافها تقبع تحت ظروف قاسية ممثلة في القهر السياسي وانعدام الديمقراطية في حرية التعبير والفساد السياسي والإداري فإنا نجد هوة كبيرة في تآلف هذه الفئات المسحوقة والتي يجمعها هم واحد مشترك قادهم جميعا إلى ظروف اقتصادية صعبة جدا ، اتسعت بسببها رقعة الفقر، بل وازدادت حدته ، وبدل أن تساهم هذه الفئة في التخفيف من قسوة هذه الظروف في المناسبات المختلفة فإنا نجدهم أكثر استغلالا لها لتحقيق مكاسب كبيرة وسريعة على حساب الفئة نفسها ، والتي تعاني من الظرف نفسه ، فما أن دخل شهر رمضان على بلادنا العربية وإذا بأسعار المواد الاستهلاكية قد تكاثر سعرها بشكل كبير، وظهر الاستغلال بأبشع صوره عند التاجر الكبير والصغير ، وأصبح الفقير مُستغَلا لا يقوى على تلبية حاجات بيته نتيجة هذا الارتفاع غير المبرر ، في حال يصبح معها المواطن في كل مرة ضمن الظروف المشابهة فريسة لجشع هذه الفئة من التجار ، في قتل واضح للمواطنة التي هي في الأصل نتاجٌ للولاء والانتماء ، ولكن ما أن فُقِد الانتماء ضاعت معه المواطنة ، وأصبح المجتمع يستغل بعضه بعضا ، على عكس المجتمعات الغربية المتحضرة التي لا نشهد فيها أبدا هذا الاستغلال في المناسبات المختلفة ، والتي تستغل الأعياد الدينية وغيرها لتقليل الأسعار وتخفيضها إلى أكثر من النصف في معادلة لا تحتمل المقارنة بين البيئتين العربية والغربية والتي تعطي مؤشرا بليغا في الفرق بين الولاء والانتماء والشعور بالمواطنة بين هذه المجتمعات المتحضرة التي كنا نحسبها مفككة ، وبين شعوبنا العربية المتأخرة في العلم والثقافة وفي قلة إدراكنا لما ينبغي عليه أن يكون حالنا ومآلنا .