الصين وتطور منظورها الاستراتيجي تجاه امريكا والنظام الدولي…..

السكة – محطة المقالات – كتب د. عودة صويص
رغم اعلان انفتاح الصين على العالم بعد تولي الرئيس دينغ شاو بينغ رئاسة البلاد خلفا لماوتسي تونغ ، وجه بينغ رسالة الى الشعب الصيني عام 1978 كانت بمثابة ايديولوجية اجتماعية نفسية اقتصادية ، قال فيها …. “”” ان امامكم 50 سنة نحتاجها لاعادة بناء الصين وساضع لكم شعارا لهذه الفترة من النقاط التالية ، … والتي عليكم التقيد بها لتحقيق ما نتطلع اليه من هدف استراتيجي … :
*** راقب العالم بهدوء
*** امن واقعك
*** تفاعل مع الاحداث بهدوء
*** اخفي امكاناتك
*** تواضع ولا تزعم قيادتك للعالم
فيلاحظ ان هناك تركيز واضح على العمل والتواضع وعدم التلويح بالامكانات الحقيقية ، ….. ان الصين في الواقع نجحت في تنفيذ خطة الطريق هذه ، لا بل اعادت بناء الصين قبل حلول عام 2028 وهو العام رقم “” خمسون “”” المستهدف منذ عام 1978
وبمناسبة اعادة تنصيب شي جي بينغ رئيسا للصين للمرة الثالثة قبل اسابيع، …. قال … “”” اننا حققنا النمو المستهدف باقل من خمسين سنة ، …. وفي ذات الوقت فقد غير بينغ من الرسالة لعام 1978 واستبدلها بمفاهيم جديدة ، تحتوي ما انجز وما تتطلع اليه الصين وما يواجهها من تحديات ، وبذلك تضمنت رسالة بينغ الى الشعب الصيني ما يلي :
*** كن هادئا
*** تحلى بالارادة والتصميم
*** اسعى الى التقدم والاستقرار
*** كن فاعلا وتوحد حول الحزب
*** كن مستعدا وجريئا لتقاتل
فهو بذلك وضع الصين على سكة مختلفة، اي نقلها من الصين التقليدية الهادئة الى الصين الاقوى شراسة والاعلى نبرة في حضورها الدولي وعلى مقاومة الخصوم والتصدي للتحديات، ….
ان هذا واضح في ان الصين ارادت توجيه رسالة للخارج كما تريده ايضا رسالة للداخل ، ….. فالصين لا زالت تتعامل مع ارث الحرب العالمية الثاتية المنحاز كليا للمنتصر الاميركي ، فمشكلة تايوان قائمة منذ عام 1949 ، …… والصين لا زالت تعاني من استراتيجية وضعتها امريكا واليابان عام 1955 تسمى “””
استراتيجية سلسلة الجزر المحيطة بالصين””” ، حيث اقامت اليابان وامريكا في كل من هذه الجزر قواعد عسكرية شكلت قوسا جنوبيا وشرقيا من الجزر يحاصر بحر الصين الجنوبي بحيث لا تستطيع اي سفينة اختراق هذا القوس المائي الا وتكون مكشوفة من اليابان واميركا ، مع ان هذه الجزر وحنى ضمن المنطوق الاميركي التي تستخدمه في البحر الكاريبي ، نقول ان هذه الجزر هي المجال الحيوي للصينSPHERE OF INFLUENCE والتي تقره امريكا على ذاتها عبر كل الفضاء الغربي رغم الاف الاميال عن الشواطىء الاميركية ، ولكنها تنكره على الصين.
ان هذا القوس المائي يعتبر قيدا على الصين لا بل قد يصبح عائقا امام استمرارية تحقيق الصين لمعدلات نمو متسارعة عندما تصل معدلات النمو فيها الى القمة والتي يفترض ان تكون عام 2028 ، …. وفي هذا الصدد يقول بعض الاقتصاديين ان استمرار الصين في تخقيق معدلات نمو عالية بعد عام 2028 انما يعتمد على ضرورة ان تتحرر مما هو مفروض عليها من قيود في البحار وخاصة بحر الصين الجنوبي والذي يمر منه الان ما يقارب 56% من تجارة العالم ، فالقيد البحري هو في النهاية عائق امام التوسع التجاري وبالتالي هو قيد على الانطلاقة التجارية نحو آفاق بلا ضفاف
ان استمرار الصين بتحقيق معدلات نمو متسارعة تفوق المعدل العالمي العام ، يعني ان القدرة على كسر هيمنة الدولار تكون اكبر وتكون واقعا ملموسا ، وعندها تكون عملية سقوط الدولار حتمية ولا يمكن تجنبها ، …. وغني عن القول ان “””لا هيمنة اميركية مع سقوط الدولار”””
ولذلك ومن المنظور الاستراتيجي لتغيير قواعد اللعبة الدولية فان الصين ترى في روسيا حليفا استراتيجيا لا غنى عنهلا بل هو ظهير استراتيجي ، كذلك فان روسيا ترى في الصين حليفا استراتيجيا وبعدا استراتيجيا في تحقيق النصر ،….. وان الهيمنة الاميركية يجب ان تكسر، …. ذلك انه اذا انتصرت امريكا على روسيا فالصين عندها تنكسر وستخرج امريكا اقوى من ذي قبل واكثر شراسة واستغلالا ، بينما يكون انتصار روسيا هو انتصار للصين وعندها تتظافر الجهود الصينية والروسية للدخول في عالم التعددية وتغيير شكل وطبيعة وماهية العلاقات الدولية وايقاف التغول الاميركي الجامح
( ان غدا لناظره قريب)
( وللامل بقية )

اترك تعليقا