الذكاء الاصطناعي و فوضى التضليل الإعلامي
- سمير قطيشات
- 24 أبريل، 2023
- محطة المنوعات
- 0 Comments
السكة – محطة المنوعات – متابعات
كان إليوت هيجينز – مدون وصحفي بريطاني ومؤسس شركة Bellingcat المتخصصة في إنتاج التحقيقات الصحفية – قد قرأ عن لائحة الاتهام المتوقعة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، عندما قرر تخيل لحظة القبض عليه لمحاكمته.
لجأ إليوت إلى برنامج للذكاء الاصطناعي، وطلب منه صورا للحظة اعتقال ترامب، ثم نشر الصور المزيفة بالذكاء الاصطناعي على موقع تويتر، ويظهر في الصور ترامب محاطًا بالضباط، فيما صحب الصور تعليق يقول: التقاط صور لترامب أثناء عتقاله .
قال هيجينز في مقابلة مع واشنطن بوست: كنت أتحمل الأمر، اعتقدت أن الصور المزيفة بالذكاء الاصطناعي ربما سيقوم خمسة أشخاص فقط بإعادة تغريدها.
بعد يومين، بلغ عدد مشاهدات الصور المزيفة بالذكاء الاصطناعي التي تصور حدثًا لم يحدث أبدًا، ما يقرب من 5 ملايين مشاهدة، مما دعا إلى دراسة هذه الحالة من التعقيد المتزايد للصور التي يتم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي بسهولة، والتي يسهل نشرها، ومدى قدرتها على إحداث ارتباك في المجتمع.
لقد كانت الصور المزيفة بالذكاء الاصطناعي لترامب مثالًا بارزًا للانتشار الفيروسي لهذا النوع من الصور، والتي يمكن استخدامها لنشر معلومات مضللة وإثارة الاضطرابات.
جدير بالذكر أن مختبر الأبحاث ميدجيرني Midjourney استطاع إنتاج صورة فنية بواسطة الذكاء الاصطناعي، في أغسطس الماضي، أثارت جدلاً عندما فازت في مسابقة فنية في معرض ولاية كولورادو الأمريكية.
وقد شمل انتشار الصور المزيفة بالذكاء الاصطناعي على مواقع التواصل الاجتماعي مسؤولين أمريكيين منتخبين رفيعي المستوى، مما دفع المنصات التي واجهت انتقادات واسعة بسبب ضعف استجابتها للتحكم في المعلومات المضللة التي تقف وراءها شركات الذكاء الاصطناعي، إلى اتخاذ إجراءات.
الأمر امتد من الصور المزيفة بالذكاء الاصطناعي إلى الفيديوهات ، حيث نشر الناشط اليميني المتطرف جاك بوسوبيك فيديو للرئيس جو بايدن يعلن فيه إعادة التجنيد العسكري للأمريكيين للانخراط في الحرب الروسية على أوكرانيا.
في الشهر الماضي، ظهر مقطع فيديو مزيف انتشر بسرعة على تويتر للسناتور الأمريكية الديموقراطية إليزابيث وارين، وهي تزعم أنه لا ينبغي السماح للجمهوريين بالتصويت، وارتفعت شعبية مولدات الصور المزيفة بالذكاء الاصطناعي، التي تنشئ صورًا بناءً على تعليمات مكتوبة، من حيث الشعبية والأداء، فيطلب المستخدمون طلبات تتراوح بين الطلبات العادية مثل رسم سانتا كلوز إلى الطلبات غير المنطقية مثل الكلب الألماني في الفضاء بأسلوب الزجاج الملون، ويخرج برنامج الذكاء الاصطناعي صورة تشبه لوحة احترافية أو صورة واقعية .
وبحسب واشنطن بوست فقد أصبحت الصور المزيفة بالذكاء الاصطناعي تثير جدلاً أكبر حول خطر المحتوى الذي تم إنشاؤه والذي لا يمكن تمييزه من الصور الأصلية.
الصور المزيفة بالذكاء الاصطناعي ستغّيب الحقيقة
ويشار إلى إن الصور المزيفة بالذكاء الاصطناعي المفرطة في الواقعية ستخرج الفنانين من سوق العمل . ويقول آخرون إن الصور التي لا تشوبها شائبة ستجعل الحملات الوهمية مصدقة.
وقد قال أستاذ الطب الشرعي الرقمي بجامعة كاليفورنيا في بيركلي (هاني فريد) إن شركات الذكاء الاصطناعي يجب أن تفكر على نطاق أوسع في الأضرار التي قد تساهم فيها الصور المزيفة بالذكاء الاصطناعي من خلال استمرارها في التطوير المتواصل للتقنيات، مضيفا أنه بإمكانها وضع علامات مائية لتمييزها ومنع الحسابات المجهولة من إنشاء الصور.
ولكن فريد، أعرب عن خيبة أمله قائلا إنه من غير المرجح أن تبطئ شركات الذكاء الاصطناعي دعم الصور المزيفة بالذكاء الاصطناعي .
السناتور الأمريكي الديمقراطي مارك وورنر، رئيس لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ لصحيفة واشنطن بوست، علق على قضية الصور المزيفة بالذكاء الاصطناعي، قائلا : إن المشرعين أصدروا تحذيرات مماثلة حول إمكانية قيام وسائل الإعلام الاصطناعية بنشر معلومات مضللة وبث الفتنة بشكل عام، مضيفا أن هذه التكنولوجيا أصبحت الآن قادرة بشكل لا يصدق.
الصور المزيفة بالذكاء الاصطناعي أداة إبداعية!
ولكن على الجانب الآخر، يرى البعض أن الصور المزيفة بالذكاء الاصطناعي أداة جمالية مثالية.
تقول جولي ويلاند، مصممة جرافيك في ألمانيا تبلغ من العمر 31 عامًا إنها تستفيد من قدرة برنامج Midjourney على إنشاء شكل يد بشرية أكثر واقعية، مضيفة أنها تستمع برؤية الصورة التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، أو جعل الصورة تتطابق مع ما تطمح إليه من جمال وإبداع، وقالت أحب الحصول على صور جميلة وواقعية من Midjourney.
في غضون ذلك، أشارت NPR في التغطية التي سبقت الانتخابات الرئاسية لعام 2020، إلى المخاوف من أن الصور المزيفة بالذكاء الاصطناعي المصممة عبر برامج الشركات الناشئة يمكن أن تؤدي إلى الفوضى، خاصة للقدرة الكبيرة للمعلومات المضللة على الانتشار بسرعة من خلال الروايات الحزبية أو التعديل الخادع للصور التي تعزز من الأكاذيب الصريحة.