كشف تحقيق في مذبحةٍ بحق قرية فلسطينية مدمرة، نفذتها قوات إسرائيلية عام 1948، عن ثلاث مقابر جماعية محتملة، تقع تحت منتجع شاطئي يقام حالياً شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة، حسبما نقلت صحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 25 مايو/أيار 2023.
وادعى ناجون ومؤرخون فلسطينيون منذ فترة طويلة، أن الرجال الذين عاشوا في طنطورة، وهي قرية سكنها ما يقرب من 1500 شخص بالقرب من حيفا، أُعدِموا بعد استسلامهم للواء الإسكندروني الإسرائيلي، وأُلقِيَت جثثهم في مقبرة جماعية يُعتقد أنها تقع تحت منطقة أصبحت الآن موقف سيارات لشاطئ سياحي.
في السنوات الأخيرة، أثارت مجموعة متزايدة من الأدلة على مذبحة طنطورة جدلاً كبيراً في إسرائيل، وقد واجه فيلم وثائقي إسرائيلي الصنع حول ما حدث في القرية رد فعل عنيفاً على نطاق واسع، العام الماضي، بمجرد صدوره.
يحدد التحقيق الجديد الشامل الذي أجرته وكالة الأبحاث Forensic Architecture، ما تقول إنه موقع مقبرة جماعية ثانٍ في قرية طنطورة السابقة، إضافة إلى موقعين محتملين آخرين، في أكثر الأبحاث شمولاً حتى الآن.
قامت الوكالة، ومقرها بكلية غولدسميث، في جامعة لندن، بتحليل بيانات رسم الخرائط والصور الجوية من حقبة الانتداب البريطاني، مع الإشارة إلى شهادات شهود عيان جُمِعَت حديثاً من الناجين والجناة وسجلات الجيش الإسرائيلي.
استُخدِمَت البيانات لإنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد تحدد المواقع المحتملة لعمليات الإعدام والمقابر الجماعية وكذلك حدود المقابر الموجودة سابقاً، وما إذا كان قد أُزيلَ أيٌّ من المقابر.
خطوات على الأرض
صدر تقرير طنطورة بتكليف من “عدالة”، وهي منظمة حقوقية فلسطينية تركز على القضايا القانونية، بناءً على النتائج، وقدم الأربعاء 24 مايو/أيار، التماساً قانونياً هو الأول من نوعه في إسرائيل نيابة عن العديد من عائلات طنطورة التي لا تزال في البلاد لترسيم المواقع.
قالت سهاد بشارة، المديرة القانونية لمركز عدالة: “من الصعب القول بعدم وجود مقابر جماعية في طنطورة. من الواضح أن حقوق العائلات في زيارة هذه المواقع والحق في الدفن بكرامة قد انتُهِكَت بموجب القانونين الإسرائيلي والدولي”.
وُصِفَت مقبرة طنطورة الجماعية التي حُدِّدَت في السابق، على أنها تقع في حقل مفتوح، بالقرب من شجيرات الكمثرى الشائكة وثلاث أشجار أخرى، ويُعتقد الآن أنها تقع أسفل موقف السيارات، رغم عدم استخراج الجثث من الموقع أو التنقيب عنها.
موقع القبر الثاني، في بستان بالقرب من ساحة القرية، يشبه الموقع الأول، ويُعتقد أيضاً أنه الآن تحت الخرسانة في موقف للسيارات. في الصور الجوية، يبدو أن كليهما طويل ويغطي مساحة تبلغ نحو ثلاثة أمتار عرضاً وثلاثين متراً طولاً، وموجهة على طول محور شرق-غرب، وعند الحد الشمالي لحقل مفتوح.
يُعتقد أن أحد مواقع الإعدام المحتملة كان فناءً خلف منزل عائلة الحاج يحيى. وبحسب ما ورد، عُثِرَ على عظام بشرية في الموقع بعد سنوات، مما دفع الباحثين إلى تقييم أنه قد يكون هناك أيضاً مقبرة جماعية هناك.
كان عدنان الحاج يحيى، البالغ من العمر الآن 92 عاماً، يبلغ من العمر 17 عاماً عندما سقطت طنطورة في أيدي القوات الإسرائيلية. وقد شهد في العديد من المنشورات الأكاديمية والصحفية على مر السنين، أنه هو وصديق له أجبرهما الجنود على حفر قبر في الموقع وإلقاء عشرات الجثث فيه.
تأمل لجنة عائلات طنطورة و”عدالة” أن يؤدي التحقيق الذي تجريه وكالة Forensic Architecture، إلى مزيد من التحقيقات في أحداث نكبة 1948.
وطُرِدَ ما يقرب من 700 ألف شخص -نحو نصف السكان- من منازلهم في الحرب التي أدت إلى إنشاء إسرائيل، ودُمِّرَت نحو 500 قرية.
وقالت وكالة Forensic Architecture، إن مشروع التحقيق الخاص بقرية طنطورة هو الأول ضمن سلسلة التحقيقات البصرية التي تجريها المنظمة في المذابح المُبلَغ عنها المتعلقة بالنكبة.