مصر تهدم المقابر وتشتت سكانها الاحياء

السكة – المحطة العربية – وكالات

يتوالى الغضب والانتقاد تجاه الإجراءات التي تقوم بها السلطات المصرية بخصوص  هدم مقابر  شخصيات عامة وتاريخية تقع في منطقة حي الخليفة جنوب العاصمة المصرية القاهرة، حيث وجَّه نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي هجوماً شديداً تجاه السلطات بسبب عدم “احترامها” للأموات وإصرارها على هدم المقابر من أجل تشييد بعض الطرق والكباري.

الحكومة المصرية تقول إن سبب هدم المقابر أنها تعمل على “تطوير” منطقة القاهرة التاريخية بهدف استعادة الوجه الحضاري للعاصمة. وتشمل خطتها  تطوير المناطق التاريخية والتراثية، وتحسين شبكة الطرق وتوفير مناطق انتظار للسيارات لتحقيق سيولة مرورية، وإزالة المناطق العشوائية ونقل سكانها إلى شقق سكنية بديلة.

مقابر القاهرة
هدم جزء من مقابر الإمام الشافعي ضمن مقابر القاهرة القديمة

الصحفي المصري والناشر  هشام قاسم  قال في تعليق له عما يحدث في مصر من هدم للمقابر إنه ذهب إلى المقابر، حيث تقوم الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة المصرية بالهدم لمعرفة مصير قبر والدته المدفونة هناك، لكنه لم يجد إجابة، إذ امتنع القائمون على عملية الهدم من إخباره بأي تفاصيل تذكر. 

غضب وانتقادات للحكومة المصرية بسبب هدم المقابر

لكن الانتقادات التي تطال  الحكومة  تتعلق بكون المقابر المُعرضة للهدم تتعلق بأسماء عدد من الشخصيات العامة والمشاهير، مثل شيخ الأزهر الأسبق محمد مصطفى المراغي، والشاعر والسياسي محمود سامي البارودي، وعميد الأدب العربي الأديب طه حسين، فضلاً عن مقابر لعدد من الأمراء والمماليك.

حيث يضم حي الخليفة العديد من المقابر، تعرف باسم جبانات الامام الشافعي  والليثي. سبق أن أصدرت محافظة القاهرة قراراً بإزالة 2700 مقبرة ونقلها إلى أماكن جديدة في مدينتي 15 مايو والعاشر من رمضان، وأخطرت الأسر لنقل رفات موتاها. وسيتم استخدام المنطقة بعد إخلائها في توسعة طريق صلاح سالم، وإنشاء جسر مروري لتسهيل الحركة المرورية، حسب تصريحات حكومية رسمية.

في المقابل منعت محافظة القاهرة التي تشرف على عملية الهدم وصول جموع كبيرة من أقارب المتوفين، وكذلك لم تسمح للصحفيين أو لأية وسائل إعلام بالدخول إلى مناطق الإزالة، وقد تحدثت صحيفة  التايمز   البريطانية، عن مقابر القاهرة الشهيرة المعروفة باسم “القرافة”، والتي توصف بأنها مدينة موتى ولكنها مسكونة في الوقت ذاته، وهي تحوي قبوراً لشخصيات مهمة في تاريخ منطقة الشرق الأوسط بأكملها، ولكنها الآن مهددة بالإزالة.

الصحيفة البريطانية وصفت تلك المقابر بأنها “واحدة من أروع مقابر العالم”.. فالحياة كانت دوماً تدب في مدينة الموتى بالقاهرة، سواء عبر الزوار أو سكان المقابر الفقراء، ولكن هذا الأمر قد ينتهي قريباً. فحسب الصحيفة البريطانية فلن ينجو لا الأحياء ولا الأموات في ظل مواصلة الرئيس السيسي لخططه الطموحة باعادة بناء القاهره  على الشاكلة التي يرغب. فمن المقرر أن يمر محور (طريق سريع علوي) عبر منطقة “القرافة”، وهو ما يضع خط نهاية للمقبرة التي يعود تاريخها إلى الفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي، حسب الصحيفة البريطانية.

ومدينة الموتى مُسجَّلة ضمن قائمة مواقع التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، والتي قالت إنَّها لم تتلقَّ اتصالات من السلطات المصرية بشأن خططها.

هدم المقابر التي تخص المماليك في مصر

في سياق موازٍ، فقد سبق أن أصرت الحكومة على هدم  مقابر المماليك أو قرافة المماليك لبناء محور مروري، وهي مقابر تحوي مجموعات جنائزية فريدة لسلاطين وأمراء المماليك وأسرهم، من أروع ما أنتجته العمارة المملوكية في العالم الإسلامي، تجاورها قباب منفصلة متناغمة معها، بجانب مقابر العائلات الأرستقراطية المصرية الحديثة والتي لا تقل روعة في عمارتها وحسن بنائها وتفردها عن مقابر المماليك.

يذكر أن من  المقابر  التي سوف يتم هدمها كذلك مقبرة شيخ الأزهر الأسبق محمد مصطفى المراغي وكذلك فقد تم هدم مقبرة محمد عز العرب، أحد قادرة ثورة 1919 والصديق المقرب للزعيم سعد زغلول.

الانتقادات التي طالت الحكومة على منصات التواصل الاجتماعي تحدثت عن قيمة تلك المقابر كأثر تاريخي يجب الحفاظ عليه وأن السلطات كان يجب عليها أن تبحث عن بدائل من أجل الحفاظ على هذه المقابر وأن تضمها إلى آثار مصر التاريخية وليس التفريط فيها مثلما يحدث الآن.

الباحث المصري إبراهيم المصري والمعني بدراسة التراث وتوثيق التاريخ وخاصة تاريخ المقابر، قال في تصريحات خاصة إن معظم المقابر التي يتم هدمها الآن في مقابر الإمام الشافعي يعود تاريخها إلى نهاية عصر محمد علي، وبعضها يعود إلى ما قبل مئتي عام. كما قال إن دوره والفريق الذي يعمل معه من الباحثين، هو توثيق تاريخ المقابر في مصر وحماية التراث في المقابر المصرية.

 

عرب بوست وكالات

اترك تعليقا

NEW