قراءة متأنية في أحداث بطولة القدس بين الوحدات والفيصلي
- Alsekeh Editor
- 31 مايو، 2023
- المحطة الرئيسية, محطة الرياضة
- 1تعليق
السكة – المحطة الرياضية – كتب عبدالله شقير
إن الناظر في الأحداث المؤسفة التي حدثت في اللقاء الذي جمع بين قطبي الكرة الأردنية الفيصلي والوحدات في بطولة “القدس والكرامة” يستشعر خيبة عظيمة وغرابة تدور في الأذهان تجعل القارئَ للمشهد في حيرة كبيرة مستمدة من صور كثيرة وشواهد عالقة في الذهن ومختزنة في الذاكرة لا تجعل الحقيقة جلية أمامك .
فمع نهاية الشوط الثاني للقاء والذي كانت نتيجته تشير إلى التعادل الإيجابي حدث احتكاك بين لاعبينِ من كلا الفريقين مما يحدث عادة في ملاعب كرة القدم ، فلا تكاد مباراة تخلو من هذه الاحتكاكات والمشاحنات التي تنتهي في وقتها ولا تتجاوز أُطُر المودة والأخلاق التي تفرضها الروح الرياضية، فمثل هذه الأخطاء لا تُنبِتُ في القلوب حقدا ولا تولد حالة من الاحتقان فيما أَلِفْناهُ في ملاعب كرة القدم .
ولكن المشهد كان مختلفا في هذه المباراة ، وحدثت صدامات بين اللاعبين ومع الحكم أدى إلى نزول الجمهور إلى الملعب ، ومن المعروف في مثل هذه الحالة التي تهيج فيها جموعٌ من الناس لا يصلح معها الحُكم على التصرفات النابعة من كل فرد ، لأنها حالةٌ تَذهَلُ فيها الأذهان ، ويذهب معها التعقل ويقل فيها الإدراك .
إن الصورة التي يجب النظر في شأنها أشمل من البحث في بذرة هذا التصادم والمتسبب له ، ولعل الأمر كان وليد اللحظة ، ولا يسعنا في مثل هذا المقام الرياضي أن نوسع الثوب وهو ضيق لا يَحتمِل أن يكون واسعا إلا في التآخي والمحبة والإكرام .
ولكن ومع الأسف كان من نتائج هذه الأحداث أنْ عقد مجلس إدارة نادي الفيصلي اجتماعا أصدر على أثره بيانا آثر فيه عودة الفريق إلى عمان ، بعد أن أكد على متانة العلاقات التي تجمع الشعبين الأردني والفلسطيني وحِرص النادي على مشاركة الأهل في فلسطين كل احتفالية كروية تدعم صمود الشعب الفلسطيني في نضاله الوطني .
وفي محاولة من فريق موقع السكة الإخباري لإجراء اتصال للتحاور مع أحد أعضاء الهيئة الإدارية في نادي الفيصلي لاستصدار رأي من خلاله في مجمل ما حدث ، أشار إلى حساسية الموقف وأكتفى بالالتزام بما جاء في البيان الصادر عن النادي .
ولعلنا في موقع السكة نؤكد على اللحمة التي تجمع الشعبين الأردني والفلسطيني ونثمن الدور الذي يقوم به الشعب الأردني في دعم صمود الأهل غرب النهر .
ومن خلال النظر في الأحداث التي حدثت في المباراة ، وتعقيبا على مجرياتها فإنه لا بد من توضيح أمر هو راسخ في الأذهان فيما يخص فريقي الوحدات والفيصلي وجمهور كل منهما ، كونهما فريقين أردنيين ، وجماهير كلا الفريقين هما المكون الأساسي للشعب الأردني ، والذين انصهرت دماؤهما وجرت في شريان واحد أنبت جيلا لا يُنتزعُ منه دمٌ ولا لحمٌ دون لحم الآخر ودمه .
لقد كان المشهد عَقِبَ المباراة التي شهدت هذه الأحداث المؤلمة مختلفا تماما ، حمل في ثناياه متانة العلاقة التي تجمع الفيصلي والوحدات كفريقين أردنيين ، حيث ظهرت الممازحات بين اللاعبين ، وتوجهت بعثة كلا الفريقين إلى مدينة الخليل في زيارة مُرتب لها لمقابلة محافظ المدينة ووجهائها ، والتنسيق للذهاب إلى مدينة القدس وزيارة المسجد الأقصى المبارك .
وعند اتصال موقع السكة مع السيد زياد شلباية للاستفسار منه على مجريات ما حدث أكد على متانة العلاقة التي تربط الفريقين ، ونقلَ لنا صورة المشهد الذي يربط اللاعبين بصداقة متينة ، وما يعتريها من محبة وتآخي وضحك وممازحات لا تنتهي ، يظهر من خلالها علاقات متجذرة راسخة في صدور الفريقين لا يعيها الجمهور من بعيد ، وذلك من خلال تواجدهم في الفندق ، وأثناء الزيارات التي قام بها اللاعبون .
وبالعودة إلى الجماهير لتفصيل القول في ردة فعلهم أثناء المباراة وما بعدها ، وبالاتكاء على مواقفَ سابقةٍ مشابهةٍ أيضا لأحداثها فإن الحيرة والغرابة تحيط بالعقول في محاولة لتفسيرها ، فحالة التآخي والصداقة والجيرة والمحبة التي تجمع الصديق بصديقه والجار الكريم بجاره وعلاقة النسب والمصاهرة نراها تنتهي على المدرجات ، ويظهر بدلا منها حقد دفين في الأعماق لا تعلم كيف تحرك في النفوس في تساؤل قديم لا تعلم له إجابة ولا يُدرَك له تفسير، وكأن عُصبة مدسوسة بين الجماهير لها صلات بقوى خفية أهدافها مركزة لتشتيت الشعب الواحد وتفريقه وتمزيقه بما لا يخدم وطنا ولا أمة ، ولا تنتهي هذه الحالة من العصبية والعنصرية على المدرجات بل تراها تنتقل كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي ، لتبدأ من هناك قوى أخرى تعمل على تغذيتها وتأليب الشعب على نفسه لتمزيق الوحدة الوطنية ، والأغرب من هذا كله تلاشي المؤثرين والعقلاء وأصحاب العقول والأفهام من المشهد كله ، فلا تكاد تجد نُصحا ولا ناصحا أمينا على الثوابت ولا على قيم الدين القويم .
إنه لمن الجميل تلك التأكيدات التي صدرت من إدارة كلا الناديين التي أكدت وتؤكد دوما على الوحدة الوطنية بين عنصري الشعب الأردني من شرقي النهر وغربه ، والتي تجلت في مواقف كثيرة لا ينكرها إلا مجحف وناكر لكل معروف ، حيث لمسنا هذه الوطنية وهذا الانتماء قد تبدّى ظاهرا جليا في تفجيرات عمان وفي أحداث الكرك وفي حادثة استشهاد معاذ الكساسبة وفي غيرها من الأحداث التي برزت فيها اللحمة بين أطياف الشعب الأردني ، وتجلت علاقة المودة والقربى التي لا يفيد معها أي ممارسات لتمزيق أواصرها ، ولعلنا نجد في البيان الصادر من وحدة الجرائم الإلكترونية في مديرية الأمن العام – الذي جرّم كل من ينشر أو يعيد نشر خطابات تحض على الكراهية وتثير النعرات – تأكيدا على هذه الوحدة التي جعلت من الشعب الأردني شعبا واحدا متماسكا لا يفرقه شيء أكان منبته في شرق النهر أو غربه .
Zakaria Abo Yahia
كلام موزون وبليغ أحسنت النشر اخوي ابو محمود
لا بارك الله فيمن يدب الفتنة بين العائلة الواحدة