الشرطي المصري الذي أعاد بوصلة البُعد القومي للقضية
- Alsekeh Editor
- 5 يونيو، 2023
- كتاب السكة, محطة المقالات
- 0 Comments
السكة – محطة كتاب السكة – كتب عبدالله شقير
ضجت وسائل الإعلام خلال اليومين الماضيين حول العملية التي نفذها الشرطي المصري في الأراضي الإسرائيلية بعد اجتيازه السياج الحدودي وقتلِهِ لثلاثة جنود إسرائيليين وجرْحِ أحد الضباط حسبما أعلن الجانب الإسرائيلي .
وواصلت القنوات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي في نشر أخبار وصور وفيديوهات عبثية للخروج بسبق صحفي في تغطية هذه العملية البطولية .
وتلخيصا لما حدث فإن الشرطي المصري كان قد اخترق السياج الأمني الواقع بين الحدود المصرية والإسرائيلية بواسطة الدخول من ممر طوارئ لا يعلمه إلا المعنيون بأمره من الجانب المصري والإسرائيلي ومشى مسافة 5 كم متر في منطقة صعبة وقتل جنديين إسرائيليين في موقع يبعد 150 مترا عن السياج الحدودي ، وعند وصول الدعم حصل اشتباك بين شرطي الأمن المصري مع جنود الدعم وقتل جنديا ثالثا قبل أن يرتقي شهيدا.
واختلفت الأخبار الواردة لتوصيف هذه العملية ، فالعملية في نظر الساسة المصريين والرواية الرسمية للدولة المصرية تحاول أن تجعل من الحادثة عملا فرديا حدث بطريق المصادفة بعد مطاردة الجندي المصري لمجموعة من مهربي المخدرات .
أما الجانب الإسرائيلئ الصهيوني فيراه عملا إرهابيا تخريبيا كعهدنا بهم وبتصريحاتهم التي لا تعني أحدا من الشعوب العربية .
أما في نظر الشعب المصري والشعوب العربية فإن العملية عمل بطولي جاء إثباتا وتأكيدا لمعنىً سعت إسرائيل منذ قيامها لإخفائه عن جمهورها وشعبها القابع في أرض فلسطين ، وتسعى كل الأنظمة العربية للتقليل من شأنه وإخفاء مظاهره ، وهو أن إسرائيل تعيش في وسط لا ولن يُكِنّ الود لها أبدا ، وليس لها في قلوب من يحيط بها إلا الكراهية ، وهنا تكمن القضية .
لقد جاءت عملية هذا الشرطي لتنشيط ذاكرة من نسي ، وتنبيه عقل من غفل عن الحقيقة الجلية بأن إسرائيل لا مكان لها في أرض فلسطين ، وأن حظها العاثر جاء بها إلى هذه الأرض المقدسة ليقضي الله أمرا كان مفعولا ، وذلك منذ أن اختار هرتسل فلسطينَ كوطن قومي لليهود ، فصاروا جيرانا للعرب الذين وإن أجبرتهم السياسة أو الواقع السياسي والقوى الفاعلة على توقيع اتفاقيات ومعاهدات سلام ، وما يتبعها من توقيع تفاهمات لتطبيع العلاقات مع الدول العربية فإن الحقيقة ستبقى هي الحقيقة ، والتي تنمو وتتنامى في صدور الشعوب العربية قاطبة وهي الكره لهذا الكيان الصهيوني ، الذي اغتصب الأرض والمقدسات في أرض فلسطين واسألوا التاريخ .
إن مسألة التطبيع بين إسرائيل وعدد من الدول العربية قضية عند تتتبَّع مساراتها ورهاناتها فأنه يتجلى في ذهنك سؤالان رئيسان : هل سيفضي التطبيع في نهاية المطاف إلى إرساء دعائم السلام في المنطقة ويمهد لبناء الثقة بين أعداء الأمس؟ وهل سيشعر المواطن العربي بعوائد هذا السلام ؟ الحقيقة أن إسرائيل لم تنجح في قلب هذه الأفكار السائدة بين الشعوب العربية والتي تنظر إلى الدولة الصهيونية كسرطان خبيث اعترى جسد الدولة العربية ، وأصاب فلسطين في قلبها وقدسها وجميع بلداتها ، ولا بد لهذا الداء الخبيث من دواء يقتلعه ويقتلعها من جذورها بالمقاومة التي تتكرر وتتكرر من الفلسطينيين أنفسهم في الداخل ، ومن أحرار الشعوب العربية الذين قدموا أرواحهم في سبيل إيصال رسالة إلى الدولة العبرية المحتلة تقول : إن التطبيع الذي تسعون لتحقيقه مع بعض الدول العربية لا يتعدى أن يكون حبرا على ورق ، أقرته الأنظمة العربية ورسمه الساسة في الوقت الذي رفضه أحرار الوطن العربي وشعوبه الممتدة من شرقه إلى غربه حتى يأذن الله بزوالكم طال العهد بكم أم قَصُر .
ولعلي أستذكر في هذا المقام قول الراحل شعبان عبدالرحيم حين قال :
أنا بكره إسرائيل وأقولها لو اعتقل ..
انشالله أموت قتيل أو أخش المعتقل ..
لقد نطق بلسان كل عربي حر شريف داعمٍ للأهل في فلسطين كلها وفي غزة هاشم .