سميحة خريس تكتب عن نزيه أبو نضال

السكة – المحطة الثقافية – سميحة خريس تكتب عن نزيه أبو نضال

أمام وجهه الخَجل المرتبك مثل طفل يشيدون بانجازه.عجزت عن قول كلمة في حق الناقد نزيه ابو نضال في حفل تكريمه الذي اقامه بيت تايكي مغتنما اصداره كتابين، ذلك ان فكرة التكريم كانت تجعله يفزع، ربما لأنه يعرف مقدار الود الذي سيغمره به الأصحاب. أبو نضال او غطاس صويص، الذي سخّر اهتمامه على مدى سنوات للأدب النسوي جامعاً وباحثاً ومهتماً استثنائياً بهذا المجال على تفاوت الانجاز، يمكن الركون إلى انه ارشيف حقيقي للحركة النسوية الابداعية العربية من ناحية ، كما هو مرجع لحركة الادب الأردني بكتّابه من مبدعين ومبدعات من ناحية اخرى. ويبدو ان الحديث عن النشاط الدائم للرجل في تتبع ما يصدر في الساحة، وتحليله وتصنيفه والمساهمة في تقديمه للقارىء، امر يعرفه كل المثقفين، ويحسب له حراكا وطنيا فائقا، حيث لا يتجاوز الذين لهم مثل هذا الاهتمام والجلّد، اصابع الكف الواحدة، ونزيه يفعل ذلك بمحبة ودون تصورات مسبقة على القراءة. قبل اعوام عندما التقيت للمرة الاولى بالناقد نزيه ابو نضال، كان يصطحب روائيا شاباً ليقدمه للصحافة، وبدا متحمساً وهو يروج للروائي زياد قاسم. في الحقيقة لا اعرف ناقداً يقوم بفعله. انه يقتحم بالمبدعين الأبواب والنوافذ ويعمل على تقديمهم. لكن صورته كناقد مهتم وجاد ليست ما اريد الحديث عنه، فلست حتى مؤهلة للحكم على النقّاد ومدى ما يضيفون ويقدمون، ونترك كل هذا للتاريخ يفصل ويؤشر على أهمية كل منهم، ولا يمنعني هذا أن اصفق بحرارة للاخلاص والجدية والمتابعة الدؤوبة. ما اريد ان اعرج عليه هو ذلك الانسان. اعترف ان صباحات تبدأ بالروتين والاعتياد، يخترقها “ايميل” من ابو نضال يحتوي ملفاً للصور الجميلة أو الموسيقى الشافية للروح أو العبر والكلمات المجنحة، يغير الرجل طعم اليوم من بعيد، دون أن يتكلف. يشبه نفسه دائماً، الوجه الضحوك والانسان المتفائل، والشقيق الحاني. لعل كل مبدع شعر بتلك الهبات عبر التقاء ابو نضال، حتى عندما يتعامل مع النص، فانه من انجح النقاد في تجنب القسوة المفرطة، لا يُحبط ولا يتجنى ولا يغالي ولا يجمِّل. بسيط مثل نفسه، رائق ومغاير لجيل عانى من الصدمات فجفت ينابيعه، في حين ظل هذا النبع الفحيصي متدفقاً عذباً، في الوقت نفسه الذي كان فيه محتفظاً بصلابته ووضوحه تجاه القضايا السياسية والفكرية والانسانية الكبرى. لم تتلون قيمه، ولم يسمح للمتغيرات تصغير خطابه وفعاله. هذا الرجل النبيل شهدت على حكمته وخلقه الرفيع حين كانت الساحة تعج بالموتورين والخصومات الصغيرة التافهة، ببساطته المحببة وقوته المستترة، كان لا يسمح للصغائر في تسيّد الموقف، وفوق هذا كله هو رجل للحياة ، محب عطوف، فائض العطاء، معتدل في اخذه، يتقن قراءة الوجه الأجمل للحياة. احياناً كثيرة، على شدة اعجابي بشخصية الانسان نزيه، انتبه بشدة لتلك الروح فائقة الجمال والحضور التي ترافقه في رحلة الحياة، زوجته الواعية الدافئة الرقيقة “نينا”. واظن ان اكتمال تلك الصورة كان بالاثنين معاً. قد يقول قائل ان المساحة التي هيئت لي في “الرأي” لا يتوجب ان يكتب فيها عن شخوص إلا من موقعهم الثقافي، وانني حولتها الى مساحة شخصية. واقول هنا ان الجانبين لا ينقسمان وان هناك بشرا بيننا قد نكرمهم لانجاز ابداعي ، وسيكون من الأجدر ان يتضاعف التكريم حين يجتمع لدى المرء جد عملي ومسؤولية عالية ومزايا اخلاقية تجعل الخير يظلل من يقتربون.

الصورة في مؤتمر الرواية في القاهرة وتضم: نزيه وسميحة خريس وبسمة نسور والراحل الياس فركوح وجميلة عمايرة

Leave A Comment

NEW