نضال النساء المسلمات في أمريكا لاستعادة حقوقهن
- Alsekeh Editor
- 24 يوليو، 2023
- المحطة الرئيسية, محطة عرب تكساس
- 0 Comments
السكة – محطة عرب تكساس
كانت الشابة الأمريكية المسلمة آلاء المصري تبلغ من العمر 18 عاماً فقط عندما أُلقِيَ القبض عليها، كان ذلك في صيف 2020، حين احتج مئات الآلاف من الأشخاص في جميع أنحاء الولايات المتحدة على مقتل جورج فلويد وهو رجل أسود كان أعزل من السلاح، حين قُتِلَ أثناء اعتقاله من قبل الشرطة الأمريكية.
ساعدت المصري في تنظيم بعض الاحتجاجات في ميامي بفلوريدا، ارتدت حجابها بفخر، تماماً مثلما فعلت طوال الأعوام الاثني عشر الماضية، وأمسكت بمكبر الصوت وتظاهرت وطالبت بالعدالة، كما تروي ذلك لموقع ميدل ايست اي البريطاني.
أُلقِيَ القبض على أكثر من 10 آلاف شخص خلال احتجاجات جورج فلويد التي أدانت العنصرية ووحشية الشرطة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وكانت المصري واحدة من هؤلاء المعتقلين.
لكن ما ميز اعتقال آلاء المصري عن الآخرين هو أنه طُلِبَ منها خلع حجابها من أجل التقاط صورة احتجازها، أوضحت المصري للضباط أن الحجاب فريضة دينية، وأنها لن تخلعه، لكن لم يستمع أحد، وبدلاً من ذلك نزع أحدهم الحجاب عن رأسها والتُقطت الصورة، كما يقول الموقع البريطاني.
“التجريد من الحجاب كان شيئاً لا يُطاق”
جابت صورة المصري “بدون حجاب” الفضاء الإلكتروني، بدأت صورة شعرها الذي حرصت على إخفائه عن العالم تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، وبدأت حسابات بريدية عشوائية في مضايقتها.
قالت المصري لموقع Middle East Eye البريطاني وهي تتذكر ما شعرت به في تلك اللحظة: “شعرت بأنني عارية، شعرت بعدم الاحترام إلى درجةٍ صارخة”.
وأضافت: “الحجاب هو حمايتي، هذا شيء أعتز به، وإن انتزاعه من دون أي احترام جعلني أشعر وكأن كل قوتي قد خارت”.
قصة المصري هي مجرد واحدة من قصصٍ عديدة، توجد قوانين فيدرالية في الولايات المتحدة لحماية حق المرأة في الاستمرار في ارتداء الحجاب عند القبض عليها، ولا توجد قوانين تمنع الضباط من خلعه أو المطالبة بذلك.
قالت المصري: “لم تكن قطعة القماش هذه فقط هي التي غطت شعري، لقد كان رمزاً لفريضةٍ دينية، لقد كان رمزاً لفهم أن الجمال ليس جسدياً أو مادياً”. وأضافت: “إن التجريد من الحجاب كان شيئاً لا يُطاق”.
كيف تتعامل مؤسسات إنفاذ القانون الأمريكية مع حقوق المحجبات؟
لكل ولاية في الولايات المتحدة سياستها الخاصة في التعامل مع الحجاب أثناء الاعتقالات، بعد اعتقال المصري وقَّع أكثر من 330 ألف شخص على عريضة تدين معاملتها من قبل إدارة الإصلاحيات في البلاد.
في بيان لصحيفة The Miami Herald رداً على الانتقادات الموجهة لمعالجتها للقضية، قالت الولاية إنها يمكن أن “تستوعب النزيلات اللاتي يرتدين الحجاب لأسباب دينية”، وأشارت إلى أنها كانت تراجع الأمر “لضمان الامتثال لسياساتنا”.
قالت المصري إنها متأكدة من أن شيئاً ما قد تغيَّر، لأنه بعد خمسة أشهر من اعتقالها تلقت مكالمة من صديق في السجن. قال لها إنه كان برفقة امرأة مسلمة محجبة اعتُقِلَت للتو، لكنهم لم يخلعوا حجابها، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، فازت امرأتان مسلمتان في معركتهما الخاصة حول هذه القضية في مدينة نيويورك.
انتهاكٌ منهجي لحقوق النساء المسلمات في أمريكا
في العام 2017، أُلقِيَ القبض على جميلة كلارك وأروى عزيز، بفارقٍ زمني ستة أشهر بين الأولى والثانية، ولكنهما واجهتا المحنة نفسها، طُلِبَ منهما خلع الحجاب في صورة الاحتجاز، رفضت كلتاهما، وكانتا محاطتين بالرجال، ثم رضختا.
وفي العام التالي، اجتمعتا ورفعتا دعوى قضائية تتعلق بالحقوق المدنية، بحجة أن “سياسات إدارة شرطة نيويورك لتصوير المعتقلين تنتهك الحقوق الدينية لأي مواطنة تُجبَر على خلع الحجاب، لأنه يحجب الوجه، لكن ذلك يمكن أن ينطبق على الحجاب أو القلنسوة أو الشعر المستعار لليهود الأرثوذكس أو عمامة السيخ”.
وفي عام 2020، في محاولة لتسوية الدعوى، وافقت شرطة نيويورك على تغيير سياستها والسماح للمتديِّنات بالتصوير وهن يرتدين الحجاب، ما دامت وجوههن مكشوفة. وبموجب شروط اتفاقية التسوية كان على شرطة نيويورك مراجعة دليل الدوريات الخاص بها، ليعكس السياسة الجديدة وتدريب الضباط وفقاً لذلك.
نصت التسوية على أن الاستثناءات يمكن أن تحدث أثناء عمليات التفتيش على الأسلحة أو الممنوعات، أو إذا رأى الضابط أن الحجاب يشكِّل تهديداً على سلامة الآخرين.
كان ألبرت فوكس يمثل كلارك وعزيز. بينما غيرت إدارة الشرطة سياستها، يقول إن المرأتين لا تزالان تكافحان من أجل الحصول على تعويضاتٍ لمحاسبة شرطة نيويورك عن الانتهاكات السابقة.
استعادة الحقوق من الشرطة الأمريكية
في العام 2017، كانت مدينة لونج بيتش بولاية كاليفورنيا قد وافقت على دفع 85 ألف دولار لتسوية دعوى قضائية فيدرالية رفعتها امرأة مسلمة خُلِعَ حجابها على يد ضابطٍ رجل أثناء احتجازها لدى الشرطة.
دفعت الدعوى التي رفعتها في عام 2016 إدارة شرطة لونغ بيتش إلى التراجع عن سياستها التي تمنع النساء من ارتداء الحجاب.
وفي فبراير/شباط 2018، قامت إدارة شرطة نيويورك بتسوية قضية رفعتها ثلاث نساء مسلمات لحوادث منفصلة تتعلق بالنزع القسري للحجاب، بما في ذلك أثناء التصوير أثناء الاحتجاز.
وبعد شهر، قامت امرأة مسلمة أخرى في نيويورك بتسوية قضية رابعة ضد إدارة الشرطة لأسبابٍ مماثلة. وفي المجموع، دفعت الإدارة 265 ألف دولار على الأقل للحوادث الأربع.
لا تزال كثير من الولايات الأمريكية متخلفة عن الركب
ولكن في الوقت الذي يُحرَز فيه تقدمٌ في أقسام الشرطة في جميع أنحاء البلاد، لا تزال النساء في أجزاء أخرى من الولايات المتحدة مجبرات على خلع حجابهن. في الشهر الماضي فقط، رفعت امرأة مسلمة من غراند رابيدز بولاية ميشيغان دعوى قضائية ضد مكتب عمدة مقاطعة كينت، لأنها اضطرت إلى خلع حجابها للحصول على صورة احتجاز.
يحمي التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة الكثير من الحريات الأساسية في البلاد، بما في ذلك حرية الدين وحرية التعبير وحرية الصحافة والحق في التجمع والحق في تقديم التماس إلى الحكومة.
وفي قضية ذات شأن كبير في العام 1990، قالت المحكمة العليا إن التعديل الأول لا يحمي الأفراد المتورطين في أعمال غير قانونية كجزء من احتفالٍ ديني.
وفي أعقاب الحكم، أصدر الكونغرس في عام 1993 قانون استعادة الحرية الدينية، والذي “يضمن حماية المصالح في الحرية الدينية”.
وفي عام 2000، أصدر الكونغرس قانون استخدام الأراضي الدينية والأشخاص، الذي يحظر على الحكومة فرض “عبء كبير” على ممارسات السجناء الدينية، ما لم يتمكن المسؤولون من إظهار الحاجة الملحة للقيود.
عملٌ غير منطقي
عندما يُلقَى القبض على أحد، تُلتَقط له صورة احتجاز لتحديد هويته والاحتفاظ بسجلٍ له. عادةً ما تُصوَّر النساء اللاتي يرتدين الجحاب بحجابهن في الصور، سواء كان ذلك في رخصة القيادة أو جواز السفر، إلخ.
لذا، فإنه “من غير المنطقي أن يجبر القانون النساء على خلع حجابهن”، على حد قول عايدة شيف القاضي في حديثها لموقع Middle East Eye.
في عام 2013، تلقت عايدة مخالفة مرورية لقيادتها بدون رخصة. في يونيو/حزيران من ذلك العام، فاتها موعد المحكمة لأنها قالت إنها اضطرت إلى اصطحاب ابنتها إلى المستشفى لحالة طارئة، بعد فترة وجيزة أصدر قاضٍ أمراً باعتقالها.
بعد أن سلمت نفسها قالت إن ضباط مقاطعة رامسي أخبروها بأن تخلع حجابها وعباءتها. وقالت إنها اعترضت بسبب وجود رجال، لكن بمجرد اعتراضها قالت إنها دُفِعَت إلى زنزانة، حيث طُلِبَ منها خلع حجابها أمام ضابط.
قالت عايدة إنها وافقت على خلع حجابها في صورة الحجز، بعد أن وُعِدَت بأن الصورة لن تُنشَر للجمهور، هذا بينما زعمت أن الضباط أعطوها ملاءة سرير ثم قميصاً لاستخدامها كحجاب. وقد احتُجزت في زنزانتها لمدة 23 ساعة بسبب “السلوك المجادل”.
في اليوم التالي، عندما أُطلِقَ سراحها، اكتشفت أن صورة الحجز الخاصة بها أصبحت سجلاً عاماً ومتاحاً عند الطلب، لذا رفعت دعوى قضائية وتم التوصل إلى تسوية.
“الحجاب حجابي.. إنه يخصني”
في عام 2014، قامت مقاطعة رامسي بتحديث سياساتها لضمان عدم إجبار النساء المسلمات اللواتي يرتدين الحجاب على خلعه أمام الرجال، وتقدم المقاطعة الآن حجاباً معتمداً للنساء المسلمات في السجن.
كجزء من التسوية، يتعين على مكتب مأمور المقاطعة تدريب ضباط الإصلاحيات على كيفية توفير أماكن إقامة دينية للمسجونات.
وافقت المقاطعة أيضاً على إتلاف النسخ الصلبة والإلكترونية من صورة الحجز الخاصة بها، في عام 2019، أمر القاضي بتسويةٍ بقيمة 120 ألف دولار من المقاطعة.
قالت عايدة: “الحجاب حجابي، إنه يخصني، إنه حريتي، هذا حقي وإيماني، أنا مسلمة، والطريقة الوحيدة التي يمكنك من خلالها التفريق بيني وبين غير المسلمة هي الحجاب، إنه ملكي، وكافحت من أجله، كان ذلك أشبه بالحرب، لقد أرادوا أخذ شيء يخصني لمجرد أنني ارتكبتُ خطأً”.