مسؤول استخبارات إسرائيلي : “حسين الشيخ رجلنا في رام الله”.
- Alsekeh Editor
- 1 أغسطس، 2023
- المحطة الرئيسية, المحطة الفلسطينية
- 0 Comments
السكة – المحطة الفلسطينيه
نشرت مجلة “فورين بوليسي” تحقيقاً مطولاً عن حسين الشيخ، وصفته بأنه الزعيم الفلسطيني الذي نجا من موت فلسطين.
وقال آدم راسغون وأرون بوكسرمان، في تقريرهما، إن السياسي الفلسطيني الشيخ مشى إلى قاعة المؤتمرات المحصنة في وزارة الدفاع الإسرائيلية بتل أبيب، في شباط/ فبراير 2022، وقلة من الفلسطينيين دخلوا الحرم الداخلي للجيش الاسرائيلي ، ورحّبَ به قادةُ الجيش الكبار، وقيادة أجهزة الأمن والاستخبارات في شين بيت. فالرجل، الطويل، الودود، الذي يدهن شعره بالجيل، يعتبر الوسيط بين السلطة الوطنية وإسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويتحدث العبرية بطلاقة، ويحثّ على التعاون، وليس الصدام مع إسرائيل.
الشيخ: لم تكن السلطة قادرة على تقديم الأفق السياسي للشعب، ولم تكن قادرة على حل المشاكل المالية والاقتصادية النابعة من الاحتلال، لكن البديل الفوضى والعنف.
وكان مرة ناشطاً وسُجن، إلا أنه يعمل من خلف الأضواء الآن لمنع انهيار السلطة الوطنية الفلسطينية التي يقودها الرئيس محمود عباس. ويَعتبر رجالُ السلطة في إسرائيل الشيخ رجلاً براغماتياً، بقدرة خارقة لإيجاد أرضية مشتركة. ونقلت المجلة عن مسؤول استخبارات إسرائيلي متقاعد قوله: “هو رجلنا في رام الله”.
ويرى الكثير من الفلسطينيين أن نهجه للحفاظ على الوضع القائم يعني احتلالاً بلا نهاية، ودخل عقده السادس اليوم.
وقال إن جدته زارت قريتهما المدمرة في عام 1948 دير طريف، ورأت مجموعة من أشجار البرتقال، فحضنتها وبكت.
ومع ركود المفاوضات مع الإسرائيليين حول الحكم الفلسطيني، أخبر الشيخ الجنرالات قائلاً إنه ينظر إلى نفسه في المرآة، ويتساءل إن كان يرتكب الخطأ في مواصلة التعاون مع إسرائيل: “إن لم يكن هناك شريك على الجانب الإسرائيلي يؤمن بالسلام وحل الدولتين للشعبين، فهل أنا أقوم بخيانة دموع جدتي؟”، و”هل تستطيعون تخيل ما يشعر به الفلسطيني العادي الذي يعيش في المخيم”.
وبعد ثلاثة عقود، لم يعد الكثير من الفلسطينيين يؤمنون بحل الدولتين ، وهناك حكومة متطرفة إسرائيلية تؤمن بالتوسع الاستيطاني، والفلسطينيون منقسمون بين السلطة في الضفة الغربية، و”حماس” في قطاع غزة.
وبالنسبة للكثيرين فإن الشيخ يقوم بالعمل القذر، وهو وجه النخبة في السلطة الوطنية، والذين يعيشون، حسب مسؤول سابق في السلطة الوطنية يعيش بالضفة الغربية، “احتلال الشخصيات الكبار”، وهي الشخصيات التي تمرّ عبر نقاط التفتيش من دون توقف، وتحصل على الرواتب العالية التي تمول فيلّاتهم المسيّجة بأشجار النخيل في أريحا، ورحلاتهم السياحية لأوروبا، أما أبناؤهم فيذهبون للحفلات في حيفا ويافا داخل إسرائيل، وهي مدن يمنع على بقية الفلسطينيين الوصول إليها.
وقال غاندي الرابي، المحامي في رام الله: “النخبة الفلسطينية هي المنتفع الحقيقي من العملية السلمية”. وفي الوقت الذي يتنافس الكثيرون على خلافة عباس (87 عاماً) فإن لدى الشيخ فرصة حقيقية، رغم عدم شعبيته، وبسبب علاقاته القوية مع إسرائيل والولايات المتحدة.
وفي تحقيق “فورين بوليسي”، قالت المجلة إنها قامت، وعلى مدى تسعة أشهر، بمقابلة 75 فلسطينياً وإسرائيلياً وأمريكياً وأوروبياً، بمن فيهم مسؤولون ودبلوماسيون ورجال أعمال ودعاة حقوق إنسان، وقدموا صورة عن صعود الشيخ لأعلى منصب في صنع القرار الفلسطيني.
وفي مقابلة نادرة بمكتبه برام الله، اعترف الشيخ بوجود انقسام بين السلطة الوطنية والرأي العام: “لم تكن السلطة قادرة على تقديم الأفق السياسي للشعب، ولم تكن السلطة قادرة على حل المشاكل المالية والاقتصادية النابعة من الاحتلال”، و”لكن ما هو البديل عن السلطة؟ الفوضى والعنف”.
وينظر المسؤولون الأمريكيون إلى الشيخ بطريقة أفضل من السياسيين الفلسطينيين الذين تعامَلوا معهم. ففي لقائه الأخير مع الرئيس جو بايدن ظل عباس “يتكلم مدة 25 دقيقة مثيرة للغثيان، قبل أن يسمح لبايدن التفوّه بكلمة”، حسب مسؤول في الإدارة الأمريكية. أما رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، فعادة ما يلقي على الزوّار الكبار محاضرة لمدة 40 دقيقة عن التاريخ والقانون الدولي، حسب دبلوماسيين أمريكيين وأوروبيين.
مسؤول أمريكي: شعبية الشيخ بين الفلسطينيين تشبه شعبية الشاه في كانون الثاني/يناير 1979، (في إشارة لوضع حاكم إيران قبيل الثورة الإسلامية).
أما الشيخ “فعندما تدخل غرفة معه، فإنك تعرف أنه يرغب بحلول”، حسب قول المسؤول في الإدارة. ووصفه دبلوماسي في المنطقة بأنه “حلال مشاكل، يريد حلها وليس الحديث النظري عنها”. لكن شعبيته بين الفلسطينيين تشبه شعبية الشاه في كانون الثاني/يناير 1979، حسب قول مسؤول الإدارة، في إشارة لوضع حاكم إيران قبل شهر من الثورة الإسلامية.
وتقول المجلة إن قصة الشيخ تتبع مسيرة الحركة الوطنية الفلسطينية لهذا المأزق الحالي. وكان عمره 7 أعوام عند احتلال الضفة عام 1967، وسجن في سن الـ 17 عاماً، وخرج من السجن بعد اندلاع الانتفاضة، في عام 1987. وبعد إنشاء السلطة الوطنية، في بداية التسعينات من القرن الماضي، صعد في صفوفها، وعملَ في الأجهزة الأمنية الفلسطينية الناشئة، قبل أن يصبح مسؤولاً عن السلطة العامة للشؤون المدنية، في 2007. وتنسّق وزارته العلاقات مع إسرائيل، بما في ذلك التصاريح التي تسمح للفلسطينيين بتجنّب القيود أثناء تحركاتهم. وقصّته من ناشط بالسترة إلى زعيم مكروه تعكس الصدع بين القيادة الفلسطينية والشعب، الذي لم يعد يؤمن بأنها ستحررهم من الاحتلال، علاوة عن بناء دولة لهم.
ويعمل الشيخ مع الإسرائيليين لمنع الهجمات ضد إسرائيل وتحديث البنى الفلسطينية. ويقول إنه من المهم مواصلة التعاون مع إسرائيل، والحفاظ على أمل بعيد بدولة في يوم ما: “علينا تضييق الفجوة بيننا”، و”مهما كانت الإنجازات صغيرة فهي مهمة”.
ويقع بناء السلطة الهش على كتفي عباس، إلا أن الشيخ لم يخفِ رغبته بخلافته، ما أدى لغضب معارضيه الذين اتهموه بمحاولة مراكمة السلطة. وقام بزيادة حضوره على منصات التواصل، وحوّلَ نفسه لوجه السلطة العام، وتنقَّلَ في رام الله بموكبه وحرسه الأمني. لكن قلة ترى أنه زعيم شرعي، فمثل النخبة المقربة من عباس، “بدأ الشيخ كجزء من الشعب، ولكنه أصبح معزولاً بالكامل.
وبالنسبة لقطاع كبير من الرأي العام فهو يمثل كل شيء خطأ مع السلطة: منفصلة عن الواقع، فاسدة ومرتبطة بإسرائيل”، كما يقول تمير هيمان، الذي قاد المخابرات الإسرائيلية حتى عام 2021.
وقال الدبلوماسي الفلسطيني السابق محمد عودة: “لا يمكنك فرض كرازي” على الفلسطينيين، في إشارة لحامد كرازي الزعيم الأفغاني من 2002- 2014.
وفي أثناء لقائه مع القادة الإسرائيليين، في شباط/فبراير 2022، قال الشيخ إن القرار للتقدم نحو مستقبل أفضل هو بيدهم، من دون أن يفكر بما يمكن أن يقدمه القادة الفلسطينيون، وفي النهاية حصل على تنازلات من دون أن يقترب إلى الدولة المستقلة.
وأشارت المجلة إلى رحلة تعليم الشيخ نفسه عن إسرائيل أثناء فترة سجنه، في عام 1978، حيث سجن لمدة 11 عاماً بتهمة الانتماء لخلية سرية. كما ذكرت المجلة بحالة رام الله والقرى المحيطة بها قبل الاحتلال، حينها لم تكن هناك مستوطنات ولا سلطة وطنية، وهي أيام يتذكرها البعض بنوع من الحنين، حيث كان الواحد يركب السيارة ويمضي إلى غزة أو الحدود مع لبنان. ولم يكن الشيخ قيادياً في حركة الإضراب عن الطعام، ولكنه كان طموحاً، حيث اعتقد أن الشخص الذي ليس لديه طموح “هو رجل ميت”، كما قال جمال طميلة، ناشط في “فتح” قضى فترة معه “فقط الأموات لا أهداف لديهم”.
المجلة: مثل النخبة المقربة من عباس، بدأ الشيخ كجزء من الشعب، ولكنه أصبح معزولاً بالكامل.
وقضى الشيخ سنوات قليلة يبحث عن موقعه في النظام الجديد بعد أوسلو، وعمل فترة كعقيد في المخابرات، وملاحقة المعارضة مثل “حماس”، وفي الشرطة، لكن طلاقته باللغة العبرية منحتْه ميزة لبناء علاقات قوية مع المسؤولين الإسرائيليين.
وكضابط شاب، ما بين 1994 و1997، قام بمهمة الترجمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في الاجتماعات المشتركة. وفي تحرك لم يكن مفكراً به قبل 30 عاماً، سافرَ إلى حيّ رامات هشرون في تل أبيب، لكي يعلم الشبان الإسرائيليين حول التعاون الفلسطيني- الإسرائيلي وفرص السلام. وقال يوني فيغل، القائد العسكري السابق لرام الله، والذي دعا الشيخ: “لقد قدّمه لهم بلغة عبرية واضحة”.
اندلعت انتفاضة الأقصى، إلا أن الشيخ لم يشارك فيها: “حسين كان في قيادة فتح، وعمل كل الأشياء، ولكنه لم يكن مقاتلاً أو قائداً ميدانياً”، كما يقول شالوم بن حنان، الضابط المتقاعد من شين بيت.
وحطمت الانتفاضة الثانية فرص التسوية السلمية. وبحلول عام 2017، أصبح الشيخ حارس بوابة عباس، إلى جانب مدير المخابرات ماجد فرج.
وتقول المجلة إن أبو مازن ساعدَ على صعود الشيخ لأنه يفضل المستشارين الذين لا يتحدون سلطته. وأشارت إلى تسريب قال فيه الشيخ إن عباس هو “أخو الـ66…”، والذي زعم أنه مفبرك.
في لقاء مع المسؤولين الأمريكيين، عام 2017، قال إن الدعوة للمصالحة بين “فتح” و”حماس” ستنتهي بسقوط الصواريخ على رأسه، حسبما قال مسؤول في إدارة بايدن. وقال الشيخ: “أؤمن بشكل مطلق بنهج أبو مازن”، و”هو يثق بي، وأشكره على هذا”.
وحتى اليوم يرفض الهجمات على الإسرائيليين، ويقول إنها تعطي مبرراً لإسرائيل: “أنا مع مقاومة الاحتلال، ولكنني ضد استهداف المدنيين”، و”أدعم المقاومة للاحتلال الإسرائيلي، ولا زلت مؤمناً بهذا، ولكن كيف؟”.
ويقول نيكولاي مالدونيف، المبعوث الأممي الخاص للشرق الأوسط سابقاً، إن الشيخ يعمل من خلال “وضع منفصم”، فهو “يجلس على حد السكين، ويحاول العمل في كل العوالم بنفس الطريقة”، مضيفاً: “عليك تقديم الخدمات لشعبك وتعرف جيداً معارضة الناس لأنك لا تقودهم نحو حل الدولتين الذي وعدتهم به منذ وقت طويل”.
وترى المجلة أن الأوضاع المتدهورة، وخاصة في الأشهر الأخيرة، تضيف بعداً جديداً للإحباط الناجم عن نفاق القيادة الفلسطينية التي تدعو للعدل على الساحة الدولية، وتواصل الفساد.
وعادة ما يجد الفلسطينيون الناقدون للسلطة عبر منصات التواصل، أو ينظمون احتجاجات، أنفسهم في المعتقل، بل وأسوأ. في إشارة لمصير نزار بنات، في حزيران/يونيو 2021، الذي مات عند اعتقال الأمن له.
ويقول مهند كراجة، محامي حقوق الإنسان: “لعب الاحتلال أولاً وأخيراً دوراً في معاناتنا، ولكن شيئاً فشيئاً أصبحت السلطة عبئاً موازياً من خلال قمعها للنشاط السياسي والمجتمع المدني والفساد الواسع والمراسيم المعادية للديمقراطية”.
أشارت المجلة إلى فساد متعلق بطريقة الحصول على تصريح رجال الأعمال، والمسؤولة عنه وزارة الشيخ، حيث يقدم تجارٌ نوعاً من “التحلية” للحصول عليه.
وتكافح السلطة للتعامل مع سخط الرأي العام، ويقول صبري صيدم، المسؤول في “فتح”: “نحن لسنا ملائكة”، مضيفاً أن محاولات مناقشة عيوب الحكم الفلسطيني هي حرف للانتباه عن الكفاح ضد الاحتلال الإسرائيلي.
ويقول عزام الأحمد، المسؤول البارز في “فتح”: “أحياناً أدافع عن السلطة وقادتها، ولكنني أعرف أنني مخطئ”، وأنه “يدافع عن أمور لا يؤمن بها”.
ويقول الشيخ إن أمثلة القمع والفساد هي انحراف: “اُنظر، لا أقول إن أداءنا هو 100%”. ويقول بن حنان: “عندما تتحدث للفلسطينيين فسيقولون لك: فساد، فساد، فساد”.
وأشارت المجلة إلى فساد متعلق بطريقة الحصول على تصريح رجال الأعمال، والمسؤولة عنه وزارة الشيخ، حيث يقدم تجارٌ نوعاً من “التحلية” للحصول على التصريح.
ورفض وزير التنمية الاجتماعية أحمد مجدلاني المزاعم حول الفساد الحكومي المستشري: “هذه القصص التي تشركني بها تافهة”.
وقال الشيخ إنه حاول معالجة المشكلة، ونفى استشراء الفساد، وأصدرَ بياناً نفى فيه الاتهامات بشكل كامل: “هل تريد معرفة عدد من أحيلهم إلى المدعي العام؟