الاقتراب الاردني من نقاشات حركة فتح… وعمان «تقترب بحذر

السكة – المحطة الفلسطينيه -كتب بسام بدارين

يحترز الأردن بوضوح من بعض تفاصيل الاشتباك مع الواقع الموضوعي الفلسطيني وهو يجد نفسه مضطراً للاقتراب أكثر من ملف الضفة الغربية.
لكن سياسة الاحتراز الأردنية وبحكم الواقع الموضوعي، أصبحت مؤخراً “أقل تحفظاً”، بسبب الوقائع على الأرض في أجهزة السلطة الفلسطينية واحتمالات وسيناريوهات انهيار الوضع القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة لعام 1967.
هذه المرة، مصالح الأردن المباشرة على المحك، والاشتباكات التي يمكن أن تبرمجها عمان تتحول إلى جزء من مضمون ومنطوق الأمن القومي والوطني ولاحقاً الحدودي الأردني، خصوصاً في ظل وجود حكومة يمين إسرائيلية متطرفة. وراقبت عمان قبل يومين تفاصيل المبالغة والتضخيم التي لجأ إليها الجانب الإسرائيلي عندما تحدث الإعلام العبري عن عملية ضخمة لتهريب أسلحة من جهة شرق الأردن باتجاه الغرب.
على جرعات، قدم الإسرائيليون وسط صمت الحكومة الأردنية سلسلة روايات حول هذه العملية الضخمة التي تبين لاحقاً أنها ليست ضخمة، لا بل ليست عملية، وإنما على الأرجح تتعلق بمجموعة شبان قرروا التسلل إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة بحثاً عن الرزق والعمل والفرص الأفضل.
ردت عمان بوضوح لاحقاً بالإعلان عن “ضبط شخص يحمل الجنسية الإسرائيلية” تسلل إلى المملكة بصورة غير شرعية، في إشارة تلفت النظر إلى أن عمان تستطيع أيضاً الكشف عن تسللات من الجانب الآخر. وبدأت الحدود الأردنية مع كيان الاحتلال في منطقة الأغوار تشهد الكثير من محاولات التسلل، فيما تمضي قدما محاكمة السلطات القضائية الأردنية وتحقيقاتها في حادثة شهيرة لها علاقة بعضو البرلمان الأسبق عماد العدوان، ونحو 6 متهمين آخرين في قضية تهريب أسلحة عبر منطقه الجسور.
وقد بات مباشراً أن حدود المملكة مع الكيان دخلت في سياق سوء الاتصالات وانعدام مناخ الثقة، حيث “لعبة إسرائيلية” فيها الكثير من سوء النوايا والمبالغات وما يتم إخفاؤه.
وعلى نحو أو آخر، تبدو سياسة الاقتراب الأردني من ملفات الضفة الغربية قسرية وإجبارية واضطرارية، وحذرة جداً للغاية؛ تجنباً للتفسيرات الغامضة.
ومن الواضح لجميع الأطراف أن ما يسمى بالسيناريو الأردني في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة بات جزءاً من النقاشات حتى داخل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. وفي سياق التفاعلات ما بين السلطة الوطنية الفلسطينية ومجموعات ممثلي الفصائل الفلسطينية، وحتى في سياق الحوار الداخلي الفلسطيني المرتبط بالمصالحة بين حركتي فتح وحماس، يبدو أن الاحتمال الأردني كما تسميه اليوم بعض الأوساط الفتحاوية، أصبح جزءاً من النقاشات الفلسطينية الداخلية.
وهي مسألة سعت المؤسسات الأردنية طوال عقود لتجنبها بعد توقيع اتفاقيتي أوسلو ووادي عربة. ثمة ما يوحي أردنياً بأن الوصاية الهاشمية تحديداً في القدس والدور الأردني في القدس قيد الضغط، وأن الحاجة ملحة للاستعداد لأسوأ الاحتمالات في هذا السياق. وحالة الصمت الدبلوماسية الأردنية تعني الانتقال من بيانات الشجب والاستنكار والتنديد الدبلوماسية العلنية إلى الاشتباك خلف الستائر والكواليس عبر قناة الاشتباك الوحيدة المتاحة سواء للأردن أو للرئيس محمود عباس، وهي القناة الأمريكية حصراً.
هنا تحديداً تبنى سيناريوهات وتصورات، وتستضيف واشنطن لقاءات أمنية ودفاعية الطابع تتحدث عن مستقبل القضية الفلسطينية، وهنا حصرياً يلتقي المسؤول الدبلوماسي الأمريكي هادي عمرو، ببعض القيادات الفلسطينية في المجتمع الأمريكي ويتحدث معها عن تآكل شعبية السلطة.
وفي الزاوية الحرجة نفسها، يحصل لقاء لا يفهمه حتى الجمهور الأردني ولا النخب التي تتابع تطورات العلاقة الفلسطينية الأردنية، حيث يستضيف وزير الخارجية أيمن الصفدي زوجة الأسير مروان البرغوثي في عمان. ويصدر بيان رسمي عن استقبال الوزير الصفدي لفدوى البرغوثي، في الوقت الذي يتبين فيه لاحقاً أن الأسير سلم رسالة خاصة للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عبر زوجته، وفقاً للصحافة الإسرائيلية. تتسرب المعطيات والتقارير الداخلية عن حالة صراع داخل أقطاب حركة فتح.
وهو الموضوع الأكثر أهمية منذ عام تقريباً في إطار استراتيجية الاشتباك الأردني على مستوى مؤسسات الدولة العميقة، حيث إن عمان مهتمة جداً بما تسميه وحدة حركة فتح في مواجهة أي استحقاق لاحق يمكن أن يحصل في الأراضي المحتلة، وحيث إن عمان ترى بأن الشرعية الفلسطينية أولاً ووحدة حركة فتح ثانياً، هما جسر الثقة الوحيد المتاح للحفاظ على مصالح الأردنيين والفلسطينيين إذا ما حصل المحظور الذي حذر منه العاهل الملك عبد الله الثاني علناً عدة مرات، وهو يرى أن أسوأ ما يمكن حصوله هو انهيار الوضع القانوني في الضفة الغربية.
وهي مرحلة بات واضحاً تماماً أن الأردن يحاول بناء تصور واستراتيجية للتعامل مع تطوراتها إذا ما تدحرجت سيناريوهات انهيار الوضع الفلسطيني، كما سمته جلسة عمل مغلقة .

 

اترك تعليقا

NEW