عباس كرزاي فلسطين موجز تاريخ الانحدار
- Alsekeh Editor
- 10 مارس، 2024
- المحطة الرئيسية, المحطة الفلسطينية
- 0 Comments
السكة – المحطة الفلسطينية.
لو أتيح لك وتجولت في شوارع الضفة الغربيةشهداء الأقصى في عام 2003، أي بعد ثلاث سنوات من انطلاق الانتفاضة الثانية، فحتماً لن تخطئ عينك الجدران التي كُتبَ عليها؛ “لا لكرزاي فلسطين”، شعارٌ خطّته أيدي كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة فتح.
كان حامد كرزاي قادماً على ظهر دبابة أميركية ليتولى رئاسة أفغانستان عام 2001، فيما لم يكن “كرزاي فلسطين” -على حد تعبير كوادر شهداء الأقصى- سوى ذلك الذي جاء على إثر تصفية ياسر عرفات عام 2004. إنه محمود عباس أبو مازن، الشيخ الذي يمسك اليوم بمقاليد ثلاث سلطات دفعة واحدة: رئاسة السلطة الفلسطينية وقيادة منظمة التحرير وقيادة حركة فتح.
وعلى مدار العقدين الماضيين، عمل أبو مازن على إفراغ الثلاث سلطات من أي فاعلية سياسية، وهو الآن ينتظر بفارغ الصبر هزيمة المقاومة في غزة ليقدم نفسه مجدداً كبديل للمقاومة المسلحة، مثلما فعل بعد انتهاء الانتفاضة الثانية.
لا شيء جديد في ذلك، فالنظام الدولي بقيادة الولايات المتحدة لم يكلّف نفسه عناء تقديم خمرٍ جديدة أو حتى أواني جديدة لتلك الخمر، فالذي يُطرح اليوم هو نفسه الذي طرح بالأمس: القبول بفكرة “مسار الدولتين”، وليس “الدولتين” كما يُشاع، والفارق بينهما كبير، فالمسار عملية ليست غايتها إنجاز أهدافها بل تأجيلها، وأهميتها تكمن في منحها إحساساً وهمياً بـ”الحل”، كما تعطي الفاعلين السياسيين لغة سياسية يمكن للأذن الدولية سماعها.
مرّ على ولادة السلطة الفلسطينية قرابة الثلاثين سنة، لكن فكرة الدولة سكنت قادة الفصائل قديماً، حتى أصبحت هاجساً يؤثّر على الأهداف ويغيّرها خلال الطريق. لطالما قطعت فكرة الدولة الطريق على فكرة التحرير، وبدلاً من أن تكون الدولة نتيجة طبيعية للتحرير، تحولت لعائق أساسي أمامه، كما لو كان شدة الخوف من ضياع الشيء السبب الرئيسي في تضييعه.
وبدلاً من مراجعة المسار بمجمله، جرى طرحه باستمرار بوصفه الطريقة الوحيدة لعمل الحقل السياسي الفلسطيني، فيما بدا كل ما هو خارجها لا يعدو كونه رومانسية ثورية لم تدرك بعد ما الذي تعنيه “الواقعية السياسية”. أما السلطة الفلسطينية، فتولت تعريف “الواقعية” بعد أن جعلتها رديفة للقبول بمسار التنازلات.
طُرح مشروع الدولة كعائق أمام توسع الانتفاضة الاولى ، وطرح مجدداً كعائق أمام توسع الانتفاضة الثانية ، وها هو يطرح اليوم مجدداً على وقع طوفان الاقصى ، فما بال المؤمن يلدغ مرات عدة من نفس الجحر!
تاريخ الرغبة في “مسار الدولة”
لقد كان تأسيس حركة فتح عام 1957 حدثاً سياسيّاً فارقاً، فبعد نكبة عام 1948 أدرك الفلسطينيون بأن مصيرهم يُترك لهم شيئاً فشيئاً. وكانت نكسة عام 1967، الانفجار الأخير لهذه الحقيقة التي استحالت لوعي بالذات الوطنية، وهي اللحظة التي التقطتها فتح، لتنفصل بذلك عن مسار الأحزاب العربية، ومستفيدة من طريقة عمل “الإخوان المسلمين” في تأسيس التيارات العريضة. وفي الوقت الذي جاءت فيه هذه المحاولة كتعبير عن فشل الأنظمة العربية في اختبار القضية الفلسطينية، جرى تقليد هذه الأنظمة شبراً بشبر وذراعاً بذراع.
كانت معركة الكرامة عام 1968 حدثاً عسكريّاً حوّل فتح من كونها وجهة نظر إلى “أمٍ للجماهير”. ومع أن الحدث بذاته لم يكن انتصاراً فارقاً، إلا أنه كان تكثيفاً رمزياً لإمكانية محاربة “إسرائيل” وكسر هيبتها. ومن الجيد أن ننتبه لذلك ونحن نراقب حدث الطوفان، الذي لم تولد بعد اللغة السياسية الخاصة به، فنتائج الطوفان تنظر بترقب للعقل السياسي الذي سيطلق العنان لمخياله استجابة لجموح الإرادة وتعبيراً عنها.
صيغت الهوية الفلسطينية على يد حركة فتح بشكل أساسي حاملة نوع من التساكن الفصامي بين مقولتين: “التحرير بالكفاح المسلح”، والآخر ينشد “مسار الدولة” كأرضية للعمل السياسي وغاية له.
كانت فكرة التحرير تسكن بجانب فكرة الدولة، دون أن تتنافرا. وبالأساس، كان هذا تحديداً اختراع فتح الذي سيظلّ ملازماً للحركة الوطنية إلى يومنا هذا. لكن الهوس بالدولة تسلّل تدريجياً مكان هدف التحرير، بعد أن أحكمت عليه الخناق، وهذا التاريخ من الهوس رصده يزيد صايغ في كتابه “الكفاح المسلح والبحث عن الدولة: الحركة الوطنية الفلسطينية، 1949-1993”.
لقد جعل التجاور بين فكرتي الدولة والتحرير، الانحدار نحو الهاوية سلساً، فمن الميثاق القومي الفلسطيني الأول عام 1964 (والذي صار فيما بعد الميثاق الوطني)، وحتّى حضور الرئيس الأمريكيّ بيل كلينتون في التعديل على الميثاق عام 1998، هناك 34 سنة، كانت كفيلة بحرف المسار، من “استعادة فلسطين كاملة” إلى “الدولة الفلسطينيّة الديمقراطيّة التي يتعايش فيها العرب واليهود” إلى مجرّد سلطة تبنت شعار “الدولة الفلسطينيّة المستقلّة” التي بإمكانها التواصل مع من أسمتهم “القوى اليهوديّة التقدّمية” إلى القبول بـ “دولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران” و”الاعتراف بدولة إسرائيل” و”حل النزاع بالطرق السلمية”.
وقفزاً إلى ما قبل طوفان الأقصى بأيام، فقد كتب الأسير إبراهيم حامد مقالاً مهماً نشر على “مجلة الدراسات الفلسطينية”، حمل عنوان: “في إعادة الاعتبار لتحرير فلسطين”، جاء فيه: “في عملية العبث هذه التي جرى فيها تغيير الأهداف العليا واستبدالها، طُرحت ثلاثة أهداف وطنية بديلة، ليُستعاض بها عن هدف تحرير فلسطين الجامع، وهي مثلما أُعلنت في سنة 1974 (سنة تغيير وجهة الرأس السياسي الفلسطيني): حقّ العودة؛ وحقّ إقامة دولة؛ وحقّ تقرير المصير. وغدا “خطاب الحقوق” هذا خاضعاً لمنطق الحقوق التي تسمح بها قوانين الأمم المتحدة الجائرة بحقّ فلسطين وقضيتها”.
يضيف حامد: “والمفارقة هنا، أن “تحرير فلسطين” عندما يتم إنجازه الفعليّ كهدف، فإن هذه “الحقوق الثلاثة” وغيرها ستصبح تحصيل حاصل! غير أن طرحها منذ سنة 1974 جاء ليُستعاض به عن هدف التحرير الذي تم إقصاؤه. ثم إن أي حق من هذه الحقوق، هو من النوع القابل للتفاوض عليه، وهو ما برهنته التجربة لاحقاً، بل إن هذا المنطق التنازلي، جعل حتى هذه الأهداف الثلاثة نسياً منسياً”.
منحت فصائل المقاومة أبا مازن الهدوء الذي يريده، فانطلق في مشروعه لتصفيتها. تصدّت له المقاومة في غزة عام 2007 بحكم انسحاب الإسرائيليين من القطاع، مما أتاح لها لاحقاً تطوير مشروعها المقاوم، فيما لم تنجح في تكرار الحسم في الضفة بسبب تواجد الإسرائيليين فيها، وهذه باختصار حكاية تشكل المسارين المختلفين لغزة والضفة.
مع قدوم أبو مازن للحكم عام 2005، كانت الانتفاضة الثانيّة تلفظ أنفاسّها الأخيرة. رفَعَ شعارَ “القضاء على عسكرة الانتفاضة”، وتعهد بذلك في أوراق اعتماده الجديدة أمام المجلس التشريعي. كانت أجيالُ الانتفاضة المؤسِسَة قد رحلت بين شهيد وأسير إثر اجتياح “السّور الواقي”، ومن تبقى من المطاردين، فتح لهم أبو مازن بابًا وصيّرهم جنودًا في أجهزته الأمنيّة، أما من رفض استبدال الوظيفة الأمنية بالنضال فقد جرى اغتياله أو اعتقاله، تماماً كما جرى ويجري اليوم مع المجموعات المسلحة في الضفة، أمثال “عرين الأسود” و”كتيبة جنين” و”كتيبة طولكرم”.
استُقدم الجنرال الأمريكي كيث دايتون لإعادة بناء الأجهزة الأمنية من جديد، فالطريقة التي انفلتت فيها في الانتفاضة الثانية لم تعجب رعاة مسار “الدولة”. “ما فعلناه هو بناء رجال جدد”؛ صرح دايتون مزهواً أثناء خطابه في “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط” عام 2009، ومعه ولد مصطلح “الفلسطيني الجديد”. نقل دايتون كلمات ضابط فلسطيني كبير، في حفل تخريج الدفعة الأمنية التي تدربت تحت إشرافه: “لستم هنا لتتعلموا كيف تقاتلون إسرائيل”! قال الضابط الفلسطيني الجديد، فعقب دايتون فخوراً: “سألني ضبّاطٌ في الجيش الإسرائيلي: كم من هؤلاء الرجال الجدد تستطيع أن تصنع؟”.
وفي ميزانية السلطة الفلسطينية السنوية لعام 2016، والتي بلغت 4.25 مليارات دولار، حظي قطاع الأمن لوحدة بما نسبته 28% من الموازنة، حيث يستلم 64 ألف موظف عسكري 3.9 مليار شيكل من إجمالي فاتورة الرواتب، وهو ما يعادل ميزانيات الصحة والزراعة والتعليم مجتمعة. بعد الانتفاضة الثانية شكّل الأمن جوهر مهمة السلطة، فيما تخففت لاحقاً من باقي المهام.
استعان عبّاس بسلام فيّاض لإتمام “الإصلاح الاقتصاديّ” المُشابه “للإصلاح الأمنيّ”. والذي كان يعني “تنظيف” النظام الماليّ من أي وسيلة يمكن فيها للمال أن يفيد المقاومة. سيطروا على طرق تحويل الأموال وجمع التبرعات والمؤسسات الخيريّة ولجان الزكاة، وسلّطوا البنوك على الناس تنهشهم فارتفعت نسبة القروض الممنوحة خلال الفترة بين عامي 2007 و2017 بنسبة أكثر من 460%. وكان الإحساس الوهمي بالرفاه مترافقاً بالإحساس الوهمي في الاقتراب من الدولة.
لقد جرى تصوير مرحلة ما بعد الانتفاضة الثانية على أنها مرحلة بناء الدولة، بل وعد سلام فياض أنها ستحدث خلال سنتين. وسلام فياض هو واحد من الأسماء التي ورد اسمها مجدداً لتولي إدارة قطاع غزة في مرحلة “ما بعد حماس” المتخيلة بعد طوفان الأقصى، على الرغم من أنه لم ينجح وقتها رغم كل الدعاية المهولة التي رافقته، فقد أطلقت عليه ألقاب كثيرة، منها: “مارشال الفلسطيني”، كما وصفته إحدى الصحف الغربية وقتها، وقال عنه الصحفي البريطاني روجر كوهين: أهم ظاهرة في الشرق الأوسط، أما الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس المعروف بمبالغته فوصفه بـ “بن غوريون الفلسطيني”. لم يحرز فيّاض أكثر من 1.20% من مجموع الأصوات في انتخابات المجلس التشريعي لعام 2006، ولكن هذه النسبة لا تعني شيئًا مادام الرجل هو “الأكثر قدرة على التحدث بلغتتنا” كما وصفه داني أيالون، السفير السابق لـ”إسرائيل” في الولايات المتحدة.
في نهاية مرحلة “الإصلاح الأمني والاقتصادي” التي أشرف عليها محمود عباس، اجرى استطلاع رأي في مستوطنات الضفة حول سبب تفضيل المستوطنين السكن في المستوطنات، فجاءت النتيجة بـ 70٪ من سكان المستوطنات يختارونها لأغراض الرفاه، وهذا بالضبط ما يعنيه جوهر وجود السّلطة اليوم؛ أن تؤمّن الرفاه لدولة المستوطنين المحيطة بها، وهو عكس ما كانوا يزعمون.
ما تبقى لنا: واقع الضفة بعيداً عن الرموز
واقع الضفة اليوم يحكي بشكل واضح عن استحالة إقامة دولة مستقلة، فلقد جرى ربط كل شيء جغرافيا وحياتيا بــ “إسرائيل”.
الجغرافيا
تسيطر “إسرائيل” على 60% من الضفّة عسكريّاً، وهي المنطقة التي تُعرف بمنطقة “ج”. فيما تُشكِّلُ المنطقتان “أ” و”ب” نحو 40% من مساحة الضّفة الغربيّة، ويُفترض رسميّاً أنّها تحت حكم السّلطة الفلسطينيّة بشكلٍ جزئيّ ومتفاوت. نحن نتحدث عن 165 قطعةٍ جغرافيّة مكتظّة ومخنوقة وممنوعة عن التوسّع والتواصل. أما شوارع المستوطنين فيبلغ طولها 49 كيلومتراً، تشمل 43 نفقاً وممرّاً تحت أرضيّ، وهي تأكل باستمرار من مساحة الضفة، ومحظورة غلى الفلسطينيين الذين يسلكون حولاها الطرق الالتفافية باستمرار، وهي طرق يتراوح طولها بين ضعفيّن وخمسة أضعاف من طول الطرق المباشرة.
المستوطنون
بحسب تقرير “هيئة مقاومة الجدار والاستيطان”، فقد تجاوز عدد المستوطنين في الضفّة الغربيّة الـ 720 ألفاً (بما يشمل شرق القدس)، موزّعين على أكثر من 170 مستوطنةً وأكثر من 180 بؤرةً استيطانيّة، عدا عن آلاف الوحدات الاستيطانيّة التي تُصادِقُ عليها حكومة الاحتلال باستمرار، فيما بلغ عدد المواقع الاستيطانيّة والقواعد العسكريّة الإسرائيليّة في الضّفة الغربيّة 435 موقعاً مع نهاية عام 2017. بُنيت كذلك عشرات المستوطنات لتشكّل طوقاً لحماية القدس ولمنع أيّ تواصلٍ جغرافيٍّ وبشريٍّ بين مدن جنوب القدس (بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور والخليل وحلحول) وشمالها (رام الله والبيرة وقراها)، وهي المستوطنات المعروفة بما يُسمّى “القدس الكبرى”. أضف إلى هذا كله عمليات المصادرة والتهجير المستمر في مناطق الأرياف والأغوار والتجمعات البدوية وغيرها.
يستعد المستوطنون باستمرار ليوم الحسم في الضفة الغربية، مدعومين بتيار سياسي يرى في الضفة الغربية استمراراً للمشروع الصهيوني أرض “يهودا والسامرا”. فخلال عام 2023، أصدر بن غفير نحو 38 ألف رخصة سلاح جديدة. وبعد 7 أكتوبر تضاعفت طلبات المستوطنين لترخيص امتلاك السلاح فيما كشفت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يدرس تسليح عناصر أمن المستوطنات في الضفة الغربية، بصواريخ مضادة للدروع.
العمال
لقد قامت دولةُ المستوطنين في الضفّة، وهم على مقربة من إعلانها بشكل رسمي، وإتمام تهجير أكبر قدر من الناس في مناطق (ج، ب)، ويتكدّس الفلسطينيون على هامشها في أحزمةِ فقرٍ مكتظّة، يجري تحويلهم -بعد ضرب مقومات صمودهم- إلى أيدي عاملة رخيصة عند دولة المستوطنين.
وقد شهدت السنوات الخمس الأخيرة الارتفاع الأكبر والأسرع في أعداد العمّال الذين يعملون لدى الاحتلال الإسرائيلي؛ كان في الربع الأول من العام 2022 أكثر من 173 ألف عامل يعملون في أراضي الـ48، إضافةً إلى 31 ألفاً يعملون في مستوطنات الضفّة، وهم يُشكّلون أكثر من 18% من إجمالي العمالة الفلسطينيّة في الضفّة وغزّة (إذا ما أخذنا أرقام الضفّة وحدها فإنّ نسبتهم من مجمل العمالة حوالي 25%). وهو الملف نفسه الذي تستخدمه “إسرائيل” اليوم لمعاقبة السكان ثم ضبطهم أمنياً في الضفة الغربية.
مآلات السلطة
تخلّت السلطة عن مكونها السياسي، وانخرطت نخبتُها في شبكةٍ واسعةٍ من الفساد والمصالح، ولم يتبق من دورها إلا الشق الأمني، فقد أصبح الحاكم الفعلي للضفة ضابطُ الجيش الإسرائيلي المسمّى بـ “المنسّق”، في حالة تشبه مرحلة روابط القرى. والشأن المدنيّ أيضاً مندرجٌ تحت إطاره الأمني ومحكوم به، يعمل كأداةً أمنيّةً لإدارةِ السكان، بما فيها مسائلِ العلاج والتراخيص والتصاريح والإعفاءات وأذونات السفر وما إليها. ولذلك فإن الشخصين اللذين يتهيآن لوراثة أبو مازن يُعبّران تماماً عن هذه الخلاصة: حسين الشيخ؛ منسِّق الإدارة المدنيّة والمُنَفِّذ لخُطَط المنسق، وماجد فرج؛ منسِّق الإدارة الأمنيّة.
الطوفان: أفق جديد
إن تاريخ المواجهات بيننا وبين “إسرائيل” تحكمه قواعد اشتباك بحكم موازين القوى غير المتكافئ، وتبعاً لذلك كان المخيال السياسي يضيق ليحاول تحصيل شيء من الواقعي الذي أمامه، مما جعل الواقعي يستمر في التقلص، وتستمر “إسرائيل” في التمدد على حسابنا، وقد أخذنا اللهاث خلف “مسار الدولة” إلى خسارة قضايانا الأساسية كلها.
قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كانت القضية الفلسطينية على وشك الاندثار، لكن الطوفان قفز بها إلى الأمام، ومازالت اللغة السياسة المنوط بها التعبير عن هذا الحدث لم تولد بعد. إن وضع هذا الإنجاز مجدداً في إطار “مسار الدولة” سيطيح بكثافته، وسنجد أنفسنا مجدداً أمام صيرورة طويلة من التفاوض على التفاصيل وتفاصيل التفاصيل، فيما “إسرائيل” لا تعبأ بالمعاهدات والوثائق، وتستمر في خلق حقائقها على الأرض.
الطوفان هو تذكير بأن المهمة الأساسية هي “تحرير فلسطين”، بعد أن تراكم فوقها غبار اللغة “الواقعية” للسياسة، والتي أثبتت الوقائع عدم واقعيتها.
المصدر الجزيرة نت