جثث مقطّعة في مشفى ناصر ومخاوف من كارثة بسبب نقص الوقود

السكة – المحطة الفلسطينية

مع زيادة عدد الضحايا الذين يصلون إلى مشفى ناصر الطبي، بسبب المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإثنين في خان يونس، ناشدت وزارة الصحة في غزة المواطنين بضرورة التبرع عاجلاً بالدم للجرحى والمرضى داخل المشفى نظراً للنقص الحاد والكبير في وحدات الدم.

وبينت أن ذلك “يشكل تهديداً خطيراً لحياة المرضى والمصابين في ظل المجازر المستمرة التي تنفذها قوات الاحتلال بحق الأبرياء والمدنيين”.

«مقطّعون»

وقال رجل وصل إلى المستشفى في سيارة إسعاف تحمل جثثا إن أفراد أسرة ومنهم أطفال “مقطعون قطعا” بعد تعرضهم للقصف بينما كانوا نائمين.

وبات المستشفى على شفير التوقف التام عن العمل، بسبب شُح الإمدادات الطبية وبينها الوقود اللازم لمد المكان بالكهرباء الضرورية لتشغيل الأجهزة الطبية، وهو آخر مستشفى شامل في جنوب قطاع غزة بعد إخلاء المستشفى الأوروبي في مدينة رفح.

وأطلقت إدارة مستشفى ناصر مناشدة عاجلة لجميع المؤسسات الدولية والإنسانية والصحية بضرورة التدخل، لإمداد المجمع الطبي بما يلزمه من وقود، لضمان استمرار تقديم الخدمة للمرضى وجرحى الحرب.

الطبيب محمد صقر مدير قسم التمريض في المشفى حذر من توقفه عن العمل وموت المرضى اختناقاً على أسرة المستشفى خلال الساعات المقبلة بعد نفاد آخر 500 لتر من الوقود المتبقي لديهم. وقال: “نحن على وشك أن ينفد الوقود المتبقي لدينا، وهذا هو السيناريو المرعب، أن يموت مرضى العناية السريرية والأطفال الخدج في قسم رعاية حديثي الولادة بعد انقطاع الكهرباء”.

وزاد : “استقبلنا خلال نحو 3 ساعات مئات الشهداء والمصابين جراء القصف الإسرائيلي على مناطق خان يونس أثناء عمليات النزوح”.

ولجأت إدارة مستشفى ناصر إلى اتباع نظام التفضيل بين الأقسام، نظراً لشُح الوقود، فقطعت الكهرباء عن حوالي 90% من الأقسام، ووجهت كمية 500 لتر من الوقود المتبقية إلى قسمي عناية القلب والرعاية المركزة بالإضافة إلى مركز رعاية حديثي الولادة، وفقاً للطبيب صقر، الذي أضاف أن أقسام الباطنة والجراحات والأقسام الإدارية جميعها بلا كهرباء.

مدير مركز رعاية حديثي الولادة أشار إلى وجود حوالي 19 طفلاً من الخدج (الرضع) في مركز رعاية حديثي الولادة، محذراً من أن “نفاد الوقود يعني توقف الكهرباء، وبالتالي تعطل الأجهزة الطبية والموت الحتمي لجميع الأطفال الموجودين في الحضانة”، بالإضافة إلى 12 حالة في العناية المركزة و8 مرضى في مركز عناية القلب سيموتون اختناقاً.

الوضع الكارثي في مستشفى ناصر سيزداد صعوبة إذا لم يتم فتح المعابر والسماح بدخول شاحنات الوقود إلى قطاع غزة، حسب تعبير صقر، الذي أكد خلال حديثه قائلا : “ لم يعد لدينا وقت كافٍ لتجديد المناشدة، فقط بضع ساعات، وللأسف قد نفقد المزيد من الأرواح”، موضحاً أن المستشفى الشامل الوحيد الذي يعمل في مدينتي خان يونس ورفح، جنوبي قطاع غزة، هو مستشفى ناصر الطبي.

ويقدم المستشفى الخدمة الصحية لحوالي مليون و200 ألف مواطن ونازح في جنوب قطاع غزة، حسب صقر الذي قال : ”صراحة الضغط علينا رهيب، يستنزف الموارد الطبية بشكل كبير جدا. الطواقم الطبية منهكة، وتواجه نقصاً كبيراً في المعدات والإمدادات الطبية والمهمات، وتعمل تحت ضغط رهيب جدًا في ظل العدوان الإسرائيلي”.

في الأول من تموز/ يوليو 2024، قررت وزارة الصحة في غزة إخلاء مستشفى غزة الأوروبي بشكل احترازي، إثر أوامر الإخلاء التي أصدرتها القوات الإسرائيلية للمناطق الواقعة شرق وجنوب خان يونس. ونُقل المرضى في سيارات إسعاف من مستشفى غزة الأوروبي إلى مستشفى ناصر، لكن اضطر كثر منهم إلى المغادرة والسير على الأقدام لمسافة عشرة كيلومترات للوصول إلى هناك.

ومنذ ذلك التاريخ أصبح مستشفى ناصر يستقبل حالات بشكل أكبر، إذ انتقلت جميع الحالات من المستشفى الأوروبي إلى هناك، شاملة الحالات الخطرة، تبعاً للطبيب الفلسطيني، الذي بيّن: “لم تكن عندنا أسرة شاغرة لنستقبل المرضى في منطقة خدمتنا، فما بالك باستقبال عشرات الحالات من (الأوروبي) خلال ساعتين فقط. الأمر كان صادمًا خاصة أننا استقبلنا ما لا يقل عن 30 حالة خطرة في أقل من ساعة، وجرى التعامل معها من قبل طاقم طبي منهك وسط عدم توافر المستلزمات الطبية”.

وتوجد أكثر من 15 حالة في مركز رعاية حديثي الولادة في المستشفى ، 4 حالات منهم تعتمد في التنفس على الأكسجين اعتمادًا كليًا، بينهم حالتان تعتمدان على جهاز التنفس الصناعي، الذي يحتاج إلى الكهرباء، وفقاً للطبيبة العاملة في المركز، إيمان أبو يوسف، التي أشارت إلى أن نفاد الوقود سيؤدي إلى توقف محطة الأكسجين في المستشفى عن العمل، ما يعرض حياة الأطفال المواليد للخطر.

الطبيبة الفلسطينية أضافت أن خطورة نفاد الوقود تزداد مع الحالتين اللتين تتنفسان عن طريق جهاز التنفس الصناعي، لأنه لا يوجد بديل لهذا الجهاز سوى أنابيب الأكسجين، وهي لا تفي بالغرض، محملة الاحتلال مسؤولية ما قد يحدث لهؤلاء الأطفال إذا لم يقم بفتح المعابر ويسمح بدخول شاحنات الوقود إلى المستشفيات.

مشكلة نقص الوقود في المستشفى الوحيد الشامل الذي يعمل في جنوب قطاع غزة ستخلف المزيد من الوفيات والشهداء بشكل متسارع، تبعاً لتعبير الطبيبة إيمان أبو يوسف، موضحة أن “نفاد الوقود يعني انقطاع الكهرباء، ما سيؤدي إلى توقف أجهزة الأكسجين وأجهزة الرعاية المركزة، وهذا بالطبع سينتج عنه المزيد من الشهداء في صفوف المواليد والجرحى والمصابين بأمراض خطيرة. وللأسف لا حل لهذه المشكلة إلا إذا سمح الجانب الإسرائيلي لشاحنات الوقود بالعبور إلينا”.

وتناشد طبيبة الأطفال خلال حديثها المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال، من أجل الانسحاب من الجانب الفلسطيني لمعبر رفح، وتسليمة للحكومة الفلسطينية، من أجل السماح بمرور شاحنات المساعدات من الجانب المصري، وإعادة تشغيل كامل مستشفيات قطاع غزة، وإنقاذ المرضى وخاصة الأطفال.

وحذر الطبيب في قسم العناية بالأطفال في مستشفى ناصر، عمر المدهون، من خطورة نفاد الوقود في المستشفى الوحيد الذي يعمل في جنوب قطاع غزة، الذي يعيش فيه الآن أكثر من مليون مواطن غزي: “خان يونس تعاني اكتظاظًا في السكان، وجميعهم يعتمدون في الخدمة الصحية على مجمع ناصر، ولو توقف عن العمل سيعني ذلك وفاة الكثير من المواطنين، وتردي الأوضاع الصحية للمتبقين منهم”، حسب قوله.

وفضلاً عن مشكلة نفاد الوقود وتوقف أجهزة الأكسجين عن العمل، يعاني مستشفى ناصر الطبي من صعوبات في التحكم بالعدوى، بسبب توقف المكيفات عن العمل، وفق ما أوضح الطبيب الفلسطيني، مضيفا: “أصبح الذباب منتشرًا بشكل كبير جدًا في كل الأقسام، نظرًا لفصل الكهرباء عن المكيفات والاحتفاظ بها للأجهزة الطبية، ما أفقد الغرف التوازن الحراري المطلوب، وساعد على انتشار العدوى بين المرضى”.

ويتساءل الطبيب الفلسطيني خلال حديثه عن سر صمت المجتمع الدولي تجاه ممارسات الاحتلال بحق المستشفيات في قطاع غزة: “ما سبب هذا الخذلان العالمي الذي نشهده في غزة؟ المستشفيات وما تحتاج إليه من إمدادات طبية يفترض أن تكون بمعزل هذه الحرب التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة”.

(القدس العربي)

اترك تعليقا

NEW