حزب الله أقفل هواتفه ويستعد للرد في الميدان.. والجماعة الإسلامية تخلي مركزها في بيروت
- سمير قطيشات
- 31 يوليو، 2024
- المحطة الرئيسية, المحطة العربية
- 0 Comments
السكة – المحطة العربية
نقلت إسرائيل المواجهة إلى مرحلة جديدة من التصعيد وباتت كل الاحتمالات مفتوحة على الجبهة اللبنانية بعد العدوان على الضاحية الجنوبية واغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران.
وأوردت صحيفة “الأخبار” القريبة من حزب الله أن الحزب أقفل هواتفه، والعبارة الوحيدة التي سمعها كل من حاول، من لبنان أو خارجه، السؤال عن موقفه من العملية، كانت أن الجواب في الميدان، وأن لا مجال لأي كلام سياسي بعد هذا العدوان، وهو الموقف الذي دفع بعواصم غربية إلى التحسب من اندلاع مواجهة كبيرة على الجبهة اللبنانية مع العدو.
ونقلت عن مسؤولين رسميين استياءهم من عملية “التضليل” الامريكية والوعود بعدم استهداف إسرائيل أهدافاً في بيروت أو الضاحية.
ومن تل أبيب، قال وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت إن تل أبيب لا تريد الحرب، لكنها تستعد لكل الاحتمالات. أما وزير خارجية العدو يسرائيل كاتس فاعتبر أننا أوصلنا من خلال استهداف فؤاد شكر رسالة بأن من يؤذينا سنؤذيه بقوة. وشدد على أن السبيل الوحيد لمنع الحرب مع حزب الله هو تنفيذ القرار 1701.
شكر تحت الأنقاض
وفيما تواصلت الجهود بصعوبة لرفع الأنقاض من المبنى المستهدف في الضاحية معقل حزب الله والمباني المجاورة، بقي مصير المستشار العسكري لأمين عام حزب الله حسن نصرالله، القائد فؤاد شكر، مجهولاً.
وصدر عن العلاقات الإعلامية في الحزب بيان صباح الأربعاء جاء فيه: “كما بات معروفاً قام العدو الصهيوني بالاعتداء على الضاحية الجنوبية لبيروت أمس الثلاثاء بتاريخ 30-07-2024 حيث استهدف مبنى سكنياً في أحد أحيائها ما أدى إلى استشهاد عدد من المواطنين واصابة آخرين بجروح وحصول دمار كبير في عدد من طبقات المبنى. وكان القائد الجهادي الكبير الأخ السيد فؤاد شكر (الحاج محسن) حينها يتواجد في هذا المبنى”.
وأضاف البيان “تعمل فرق الدفاع المدني منذ وقوع الحادثة على رفع الأنقاض بشكل حثيث ولكن ببطء نظراً لوضعية الطبقات المدمرة وما زلنا حتى الآن بانتظار النتيجة التي سيصل إليها المعنيون في هذه العملية، في ما يتعلق بمصير القائد الكبير والعزيز ومواطنين آخرين في هذا المكان، ليبنى على الشيء مقتضاه”.
وأفيد بأن حزب الله يريد التيقن بالدليل العلمي من استشهاد شكر قبل إصدار أي موقف، وقد اعتمد هذا الأسلوب بعد استهداف القائدين عماد مغنية ومصطفى بدر الدين.
وفي وقت لاحق، ذكرت أنباء صحافية عن العثور على جثة شكر تحت الأنقاض مع شخصية أخرى غير لبنانية.
وارتفعت حصيلة ضحايا الغارة الإسرائيلية، التي استهدفت الضاحية الجنوبية مساء الثلاثاء، إلى 5 شهداء بينهم طفلان، و74 جريحاً، وقد عولج معظمهم، بحسب وزارة الصحة، إذ خرج 65 من المستشفيات، ولا يزال 9 يحتاجون للاستشفاء، خمسة منهم في حالة حرجة.
وتم عصراً تشييع الطفلين الشهيدين أميرة وحسن فضل الله من بلدة عيناثا البالغين من العمر 6 و10 سنوات في روضة الحوراء زينب في الغبيري، وسط صيحات الغضب وهتافات “هيهات منا الذلة”، و”أمريكا الشيطان الأكبر”، و”الموت لإسرائيل”. فيما تم تشييع الشهيدة وسيلة بيضون في بلدتها الشهابية في قضاء صور.
بالموازاة، أخلت الجماعة الإسلامية، التي يشارك جناحها العسكري “قوات الفجر” في بعض العمليات العسكرية في شبعا وكفرشوبا، مركزها في منطقة الملا في بيروت، في سياق الإجراءات الاحترازية بعد تنفيذ الطيران الإسرائيلي غارات معادية على الضاحية وطهران والسيدة زينب في دمشق، وبعد نشر معهد “ألما” الإسرائيلي للدراسات، في وقت سابق، مراكز محسوبة على الجماعة رداً على “الهدهد”. إلا أن نائب الجماعة عماد الحوت نفى إخلاء المركز وأدرج ما حصل في إطار الإجراءات الاحترازية.
مجلس وزراء طارئ
تزامناً، أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال ترؤسه جلسة طارئة لمجلس الوزراء “أن مسؤليتنا الوطنية استدعت عقد اجتماع استثنائي للحكومة للتصدي للعدوان الإسرائيلي وادانة الاغتيال وقتل الأطفال ومواكبة التطورات الامنية التي حصلت مساء أمس ونقلت الوضع من حالة الاشتباك إلى وضعية الخطر المفتوح على مخاوف كبيرة، من خلال استهداف العاصمة باعتداء إسرائيلي سقط بنتيجته ضحايا أبرياء، وكأن لبنان أضحى ساحة للحرب والقتل والدمار. وكنت اتمنى لو ان الوزراء المقاطعين شاركوا في الجلسة اليوم، لأن نهج المقاطعة غير مفيد في هذا الظرف الخطير”.
وقال ميقاتي: “هنا بيروت تقصف وتُغتال فيها العدالة الانسانية، وهناك الجنوب لا يزال تحت القصف والحرق والقتل والتهجير وتدمير البلدات، على مشهد من العالم، وكأن كل ما يحصل من إجرام هو مجرد حادث. اننا ندين بقوة هذا الاعتداء على الضاحية الجنوبية لبيروت، ونرفع الصوت محذرين من تفلت الأمور نحو الأسوأ، إن بقي العدو على رعونته وجنونه الإجرامي القاتل. ونتوجه بالتعزية من اهل الضحايا ونأمل أن تتوقف حالة القتل، متسائلين عن سبب هذا التطور ومتخوفين من تفاقم الوضع إن لم تسرع الدول المعنية وكل المجتمع الدولي للجم هذا التفلت الخطير”.
وأضاف: “ندين بقوة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ونرى في هذا العمل خطراً جدياً بتوسع دائرة القلق العالمي والخطر في المنطقة. كما نتقدم بالتعزية من أهالي ضحايا مجدل شمس العربية في الجولان المحتل. وندعو العالم، الشاهد على جرائم اسرائيل، إلى إجبارها على وقف إطلاق النار والتزام القرارات والقوانين الدولية وتنفيذ القرار 1701، وكفى ان يكون العالم شاهداً على اجرامها وخروقاتها التي تجاوزت عشرات الآلاف”.
وتابع: “ندائي إلى اللبنانيين، ان نتكاتف جميعاً ونكون قادرين على إثبات وحدتنا وتأكيد تضامننا مع اهلنا ورفضنا لأي اعتداء يطال أي منطقة من لبنان. اننا نطالب فوراً بتنفيذ القرار 1701 كاملاً وبحذافيره، وندعو المجتمع الدولي ووسطاء السلام إلى أن يكونوا شهوداً للحق ويدينوا الباطل ويعملوا في سبيل الأمن والاستقرار. سنبقى على تواصل دائم مع أصدقاء لبنان والاخوة العرب لمنع تفاقم الأمور، والعمل من أجل الحؤول دون تفاقم الأوضاع التي تنذر بأخطار حادة ستكوّن انعكاساتها كبيرة “.
وختم ميقاتي: “قصف الضاحية هو قصف لمبادرات الخير ومساعي التهدئة والتفاهمات، ونحن سنبقى نعمل في سبيل إنقاذ بلدنا وحماية مجتمعنا من أي خطر، مؤكدين أن لبنان لا يريد الحرب بل الحفاظ على كرامة ابنائه وسيادته على الارض والبحر والجو، من دون أي تهاون بحقوقه”.
اتصالات دبلوماسية
وواصل رئيس الحكومة لقاءاته الدبلوماسية فالتقى وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام جان بيار لاكروا الذي زار ايضاً رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب على رأس وفد ضم المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت وقائد القوات الدولية العاملة في الجنوب “اليونيفيل” الجنرال أرولدو لازارو.
واستقبل ميقاتي سفير فرنسا هيرفي ماغرو الذي عبّر عن “قلقه من الأوضاع الحالية التي تتجه نحو التصعيد”. وقال “نحن للأسف في وضع حذرنا منه دائماً، ولقد دعونا باستمرار الأطراف المعنية لعدم التصعيد، ولهذا بذلنا الكثير من الجهد في الأشهر الأخيرة لمحاولة تلافي التصعيد، ولا اسباب لدينا لعدم الإستمرار في مساعينا للتهدئة”. ومن زوار ميقاتي السفيرة الأمريكية ليزا جونسون التي غادرت من دون الإدلاء بتصريح.
إلى ذلك، تلقى رئيس الحكومة اتصالاً من وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس الذي عبّر “عن تضامن بلاده مع لبنان في الأوقات الصعبة التي يمر بها”. وشدد على “العمل في كل المحافل لإبعاد المخاطر عن لبنان”، معتبراً “ان الحل السلمي كفيل وحده بتأمين الاستقرار في المنطقة”.
وزراء في الضاحية
وفي إطار الإعراب عن التضامن مع أبناء الضاحية الجنوبية، قام وفد وزاري بتفقد المباني المتضررة من الغارة، وأكد منسق خطة الطوارئ الحكومية الوزير ناصر ياسين “أن أقل الإيمان بعد جلسة مجلس الوزراء أن نقف إلى جانب أهلنا في الضاحية بعد هذا الاعتداء الغاشم الذي تعرضوا له وأن نعزي الشهداء ونحزن لسقوط الأطفال والضحايا المدنيين”. وقال “من الواضح أن آلة القتل المستمرة منذ شهر تشرين الأول أكان في الجنوب أو في فلسطين نرى مثالاً من همجيتها اليوم، وقد ناقشنا مطولاً في مجلس الوزراء كيفية متابعة كل ما يقوم به الرئيس نجيب ميقاتي من ناحية حماية للبنان من توسع هذه الاعتداءات، ولكن ناقشنا ايضاً كيفية أن نكون جاهزين إلى جانب أهلنا في حال توسع هذه الاعتداءات كي نستطيع تأمين الحد المقبول من الحاجات”.
وكان في استقبال الوفد الوزاري نائبا حزب الله علي عمار وأمين شري. ورأى عمار “أن استهداف منطقة سكنية يدل على تمادي العدو الإسرائيلي في العدوان وسنقوم بواجباتنا كاملة للتصدي له”. ولفت إلى “اننا اعتدنا على تجاوز العدو الإسرائيلي للمواثيق الإنسانية والقوانين الدولية، والمقاومة سترد في الوقت المناسب لصد هذا العدوان”.
من جهتها، دانت هيئة الرئاسة في حركة “أمل” العدوان الإسرائيلي الغاشم الذي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت، وأشارت في بيان إلى أن الجريمة التي ارتكبها الكيان الإسرائيلي “تستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً وأممياً عاجلاً لوقف آلة القتل الاسرائيلية وعدوانيتها التي باتت عابرة ليس فقط للحدود الجغرافية إنما أيضا للقوانين والقواعد الأخلاقية والإنسانية ولكافة شرائع حقوق الإنسان، وإن إستمرارها على النحو القائم منذ ما يزيد عن تسعة أشهر ونيف من غزة الى لبنان وسوريا واليمن والعراق وصولاً إلى ما حصل فجراً من اغتيال آثم وجبان لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس الأخ إسماعيل هنية سوف يضع المنطقة وأمنها واستقرارها في مهب الجنون والإرهاب الإسرائيليين”.