السكة – المحطة الفلسطينية- رصد قال أرييل كاهانا كبير الكتاب والمحللين في صحيفة “اسرائيل هايوم” فاعتبر أن الصفقة التي تم التوصل إليها برعاية ترامب هي “اتفاقية معيبة، تم التفاوض عليها في وقت غير مناسب وفي ظل ظروف غير مواتية”. مضيفاً أن “ثمن الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين هو إعادة تأهيل حماس عسكرياً واقتصادياً وحكومياً. وكل هذا بسبب ضغط واستعجال ترامب”.ويقول كاهانا: “الضغوطات الصارمة التي وضعها ترامب لنتنياهو لإتمام الاتفاق قبل تنصيبه رئيساً هي التي دفعتنا للقبول بهذه الصفقة، لكن كان من الممكن الانتظار لتأمين شروط أفضل”. معتبراً أن “إسرائيل باتخاذها هذه الخطوة، تكرر خطأً تاريخياً، حيث أدت عمليات الإفراج الجماعي عن الأسرى الفلسطينيين باستمرار إلى إطلاق موجات من الإرهاب المتجدد. كان هذا النمط واضحاً في عام 1985 بعد صفقة الجبهة الشعبية – القيادة العامة، التي عجلت بالانتفاضة الأولى، ومرة أخرى مع “صفقة شاليط” في عام 2011 ، والتي شهدت إطلاق سراح يحيى السنوار، مهندس السابع من أكتوبر.
يضيف الكاتب الإسرائيلي: “من المتوقع أن يندمج الأسرى المفرج عنهم حديثاً بسرعة في شبكة حماس الواسعة في الضفة وغزة وقطر وتركيا، حيث من المرجح أن يقوموا من هناك بتنظيم هجمات جديدة ضد إسرائيل. وهذا السيناريو أشبه بالسماح للولايات المتحدة لمعتقلي غوانتانامو بالانتشار على طول حدودها مع كندا والمكسيك بعد عام من أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، أو السماح لهم بالانضمام إلى قوات طالبان ضد القوات الأميركية في أفغانستان”، على حد وصفه.
ويختتم كاهانا مقالته بالقول إنه “من عجيب المفارقات أن ترامب هو الذي يضغط الآن على نتنياهو لقبول الاتفاق الذي تم طرحه في مايو/أيار 2024 من قبل إدارة بايدن ــ وهو الوقت الذي كان فيه السنوار لا يزال على قيد الحياة ولم تبدأ عملية الاستدعاء ضد حزب الله بعد، وكان حزب الله لا يزال يشكل تهديدا كبيرا، ولم يكن سلاح الجو الإسرائيلي قد نجح بعد في تحييد أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية… إن غياب الفطنة الاستراتيجية في هذه الصفقة صارخ، وما يثير الحيرة هنا: لماذا يسعى ترامب إلى دفع إسرائيل الصديقة إلى اتفاق كهذا مع عدوها اللدود!”.
“استفيقوا وتخلصوا من كبريائكم”
من جهته، يقول اوري مسعاف الكاتب في صحيفة “هآرتس”، إنه “يجب على الإسرائيليين الاستفاقة والتخلص من كبريائهم وشكر الرئيس ترامب على فظاظته وقسوته مع نتنياهو، لأنه لم يبق شيء من كل الهراء الذي وضعه رئيس الوزراء حول محور فيلادلفيا، وممر نتساريم، أو إنهاء حكم حماس وتدمير قوتها، أو إعادة الاستيطان إلى غزة، أو حتى تطبيق “خطة الجنرالات” في شمال القطاع”.
وقال مسغاف: “لقد أُهدرت الكثير من الكلمات والثرثرة على الخطاب الإسرائيلي المتغطرس الأناني. وبحلول الوقت الذي اقترب فيه حفل تنصيب ترامب، لم يتطلب الأمر سوى بضعة تهديدات عامة ولكنها صريحة من ترامب، ومبعوث خاص لم يدرس العلوم السياسية في جامعة برينستون، ولكنه جاء من عالم الأعمال والصفقات، لكي ينهي هذه المهمة. وعندما طلب نتنياهو من مبعوث ترامب ستيفن ويتكوف تأجيل اجتماعاتهما إلى ما بعد السبت اليهودي، رد عليه بلغة سوقية. وعقد الاجتماع في موعده المحدد؛ وتحركت الصفقة إلى الأمام”.
ويقول الكاتب الإسرائيلي إن “هذا يحدث مع ترامب الفظ. حيث لم يناسب الإسرائيليين بايدن الطيب والكريم الذي كان من الممكن التوصل إلى نفس الصفقة في مايو/أيار الماضي على يديه، وهو ما كان ربما سينقذ أرواح أكثر من 100 جندي قتلوا في غزة، ومن يدري كم عدد الرهائن الذين قتلوا أيضاً”.
يردف مسغاف: “كما كان من الممكن أن تنتهي الحرب في الشمال في وقت أبكر، بكل ما ترتب عليها من خسائر وأضرار. يا لها من جريمة فظيعة ارتكبتها حكومة نتنياهو- بن غفير ضد إسرائيل والإسرائيليين، بفضل إدارة أمريكية متعاطفة وعاجزة. لذا، يتعين علينا أن نتغلب على كبريائنا كإسرائيليين ونقول شكراً لترامب… صحيح أنه شخص فظيع وغير سوي وخطير، لكننا نحتاج في بعض الأحيان إلى مجرد التحدث بوضوح والقيام بما يجب القيام به، دون تعقيد كل شيء على نحو مروع كما يفعل نتنياهو”.
مظاهرات في إسرائيل ضد حكومة نتنياهو 18 يونيو، 2024/ AA
“الإسرائيليون محبطون، ولكن”
الرئيس السابق لشعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي اللواء يسرائيل زيف قال في حوار إذاعي حول صفقة غزة إن “هناك الكثير من الإحباط لدى الإسرائيليين اليوم، ولا توجد مشاعر ارتياح. لكن علينا دائماً أن نأخذ في الاعتبار أن كل يوم إضافي من الحرب ينطوي على ثمن إضافي، لذلك يجب علينا أولاً أن نكون شاكرين لأنه تم التوقيع على هذه الاتفاقية…مع ذلك كان ينبغي التوقيع على هذا الاتفاق قبل هذا الوقت بكثير وإعادة الرهائن أحياء، وإنقاذ حياة العديد من الجنود”.
وحول مستقبل حماس قال زيف: “رغم أنه تم سحق حماس وغزة، فإن هذه الصفقة تعيد السلطة لحماس في قطاع غزة، وذلك لأننا لم نفعل شيئاً لاستبدالها. ضمن هذه الصفقة، كان من الممكن خلق الظروف لتشكيل حكومة جديدة هناك لا تنتمي لحماس… لقد أتيحت لنا الفرصة لإصلاح السلطة الفلسطينية في رام الله، لكن الحكومة لم تكن مستعدة لسماع ذلك، وكل ذلك لأسباب سياسية”.
“حماس لا يمكن اقتلاعها من جذورها”
الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي في صحيفة “معاريف ” بين كاسبيت، قال تعقيباً على التوصل إلى صفقة مع غزة “إن الدموع تخنق الحناجر، وينبض القلب بوتيرة متسارعة، وينبغي للمرء أن يركز على الأمل، لأن الكابوس على وشك الانتهاء. دولتنا كانت في الجحيم لمدة 467 يوماً. والآن يبدأ طريق الإصلاح”.
وأضاف كاسبيت أنه رغم ذلك، “يجب أن نتذكر أن نتنياهو مارس خدعة شريرة وحاول إقناع من حوله بأننا انتصرنا حقاً في محور فيلادلفيا وأن حماس انهارت حقاً في غزة. المشكلة أن تفاصيل الصفقة أصبحت معروفة فيما بعد، ستخرج إسرائيل من محور فيلادلفيا وحماس لم تنهار”. وأردف الكاتب: “أن الشكر يقدم اليوم لشخص غير متوقع، وهو دونالد ترامب، معبود اليمين الإسرائيلي، مسيح المستوطنين، الرجل الذي كانت القاعدة بأكملها تنتظره حتى نحصل على إذن رسمي لمواصلة حربنا (العادلة) ضد غزة.. لكن هذا الرجل فعل العكس تماماً وأسدل الستار على نتنياهو، وعلى أبواقه الجوفاء، واليمين المتطرف”.
وأردف الكاتب الإسرائيلي: “كان من الممكن أن نفهم قبل بضعة أشهر أنه لا يوجد “نصر كامل” في غزة، وأن فكرة حماس لا يمكن اقتلاعها من جذورها.. بل إن حماس حية وبصحة جيدة في الضفة الغربية على الرغم من أننا موجودون هناك منذ عام 1967 ويعمل الجيش الإسرائيلي هناك كل ليلة.. لقد انتهت الحرب، لكن المعركة لم تنته بعد. يوماً ما، خلال شهر أو شهرين، أو عام أو عامين، ستعود حماس وتعيدنا إلى حقيقة ما يتعين علينا القيام به طوال الوقت: محاربة الإرهاب وقتل الإرهابيين وتفكيك كل عش الدبابير قبل أن يلسع”.
واختتم كاسبيت مقالته بالقول إن “هذه الصفقة لا تطاق. إن الثمن الذي ندفعه باهظ. ومع ذلك، يجب ألا ننسى أن إسرائيل فازت بالحرب. وإن كان ليس نصراً كاملاً، وقد حدث أهم شيء كان يجب أن يحدث: غزة أصبحت في حالة خراب. حتى أن الأمر يبدو أسوأ مما فعلته أمريكا بهيروشيما وناجازاكي بالقنبلة النووية”، على حد تعبيره.
أسرى فلسطينيون في سجن مجدو، أرشيفية/ Ynet
“نتنياهو يقودنا مرة أخرى إلى خطأ مدمر”
في النهاية، يقول ايهود يعاري، معلق الشؤون العربية في القناة 12 الإسرائيلية إن “نتنياهو يقودنا مرة أخرى إلى خطأ مدمر بالموافقة على إخراج أسرى حماس من السجون، فخروج أشخاص مثل إبراهيم حامد وعباس السيد، يعني قيادة جديدة لحماس ذات خبرة كبيرة. هؤلاء الأشخاص يخططون بالفعل من السجن لكيفية تولي القيادة مثلما تولى السنوار القيادة في غزة بعد إطلاق سراحه في صفقة شاليط 2011، ويعملون جيداً كيفية توجيه حماس إلى طرق عمل أخرى”، على حد وصفه.
وأضاف يعاري: “ما زال هناك وقت للضغط على نتنياهو – ومن العار أن نضيع الوقت على سموتريتش – حتى لا يتم جرنا إلى زاوية إخراج أسرى حماس الثقيلين. وستكون النتيجة مدمرة، ومن الأفضل أن يقيم هؤلاء الأسرى احتفالات في قراهم في الضفة الغربية وغزة بدلاً من مقابلتهم كأعداء متمرسين في الخارج مثل صالح العاروري ونائبه زاهر جبارين، حتى يكونوا دوماً تحت المراقبة لمتابعتهم والتعامل معهم إذا لزم الأمر.. نتنياهو يقودنا مرة أخرى إلى خطأ لا داعي له! كل من يفهم شيئا عن مكافحة الإرهاب سيقول له ذلك”.