عبدالله شقير يكتب : أحلام التميمي .. أين المصير؟

السكة – محطة المقالات – كتب رئيس تحرير السكة عبدالله شقير 

عاد اسم أحلام التميمي إلى الواجهة الإعلامية وغدا يتصدر وسائل الإعلام المحلية والعربية ومواقع التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة بعدما تناقلت وسائل إعلام ومواقع إخبارية أنباءً مفادها عزم السلطات الأردنية إبعاد التميمي خارج الأردن وتسليمها للولايات المتحدة الأمريكية مما أثار جدلا واسعا في الأردن لم تنتهِ تداعياته بعد، فما الذي حدث ؟
يوم الأحد الماضي في 2 فبراير 2025 أعلن الديوان الملكي الأردني عن لقاءٍ مرتقب للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض في 11 فبراير/ شباط الجاري ، وفي مساء اليوم نفسه نشرت وسائل الإعلام المحلية والعربية خبرًا يفيد بإبلاغ السلطات الأردنية حركة حماس أن الأردن سيبعد الأسيرة الأردنية المحررة أحلام التميمي عن البلاد .
من هي أحلام التميمي

أحلام التميمي امرأة أردنية من أصل فلسطيني ومن مواليد محافظة الزرقاء (شمال شرق العاصمة الأردنية عمّان) عام 1980 ، تلقت تعليمها الأساسي والثانوي في مسقط رأسها قبل أن تلتحق بجامعة بيرزيت في الضفة الغربية لإكمال دراستها الجامعية حيث درست الإعلام هناك ، ثم عملت في مجال الصحافة في الضفة الغربية في مجلة (ميلاد) التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية وقناة (الاستقلال)، وهي قناة تلفزيونية محلية كانت التميمي تقدّم فيها برنامجًا أسبوعيًا .

في عام 2000 التحقت التميمي بصفوف كتائب عز الدين القسام مما شكل نقلة نوعية في حياتها السياسية حيث صُنّفت كأول امرأة تلتحق بكتائب القسام التي تأسست عام 1984 ، وأُسند إليها دورا إداريا لمساندة كتائب عز الدين القسام في الأماكن التي تنشط فيها ساعدها في ذلك إجادتها للغة الإنجليزية وعملها الصحفي .

وفي 9 أغسطس عام 2001 قادت أحلام عملية استشهادية نفذها الاستشهادي عز الدين المصري في مطعم (سبارو بيتزا) بالقدس أدت إلى مقتل 15 إسرائيليا منهم اثنان يحملان الجنسية الأميركية وإصابة أكثر من 130 آخرين ، ثم اعتقلتها قوات الاحتلال الإسرائيلي يوم 14 سبتمبر/أيلول من ذلك العام ، وحكم عليها بالسجن المؤبد 16 مرة حتى وُصفت بعميدة الأسيرات الفلسطينيات آنذاك ، ولبثت في سجنها حتى أفرج عنها في أكتوبر عام 2011 في صفقة تبادلٍ للأسرى بين “إسرائيل” وحماس ، والتي شملت الإفراج عن 1027 أسيرا فلسطينيا مقابل الجندي الإسرائيلي الأسير لدى حماس جلعاد شاليط .

عادت أحلام التميمي بعد الإفراج عنها إلى الأردن مسقط رأسها لتحظى بحماية قانونية ودستورية في وطنها الذي ولدت فيه .

الجدل الدولي :

تصدرت التميمي عناوين الصحف العربية والعالمية بسبب تصريحاتها العلنية التي كانت تفتخر من خلالها بالهجوم الذي قادته ، مع دعوات منها للقيام بمثل هذا الهجوم وتكراره ، فأثارت تصريحاتها سخط عائلات الضحايا مما حدا بالولايات المتحدة الأمريكية أن تضعها على قائمة الإرهاب ، وسعت الحكومة الأمريكية للضغط على الأردن لتسلمها التميمي ولكن دون جدوى ، حتى برزت قضية أحلام كمثال على التعقيدات السياسية والقانونية في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي ، وظهور تحديات كثيرة في تحقيق العدالة عبر الحدود الدولية .

وبالعودة إلى الشارع الأردني وما أثير حول قضية أحلام التميمي فقد استنكرت الحكومة ما أشيع عن سعي السلطات الأردنية إبعاد التميمي عن الأراضي الأردنية أو تسليمها إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث نفى رئيس مجلس النواب الأردني أحمد الصفدي الأخبار المتداولة حول طلب السلطات من الأسيرة الأردنية المحررة من السجون الإسرائيلية أحلام التميمي مغادرة البلاد .
الرأي القانوني والدستوري

في اتصال هاتفي تم رصده مع النائب صالح العرموطي حول قضية التميمي لم يتعرض العرموطي لصحة الأنباء التي تم تناقلها حول عزم السلطات الأردنية إبعاد أحلام التميمي عن البلاد وقال بأن الأمر كله منوط بمواطن أردني على أرض أردنية ، وأن هذا الأمر مفصل دستوريا ، فلا يجوز بأي حال إبعاد أي أردني يحمل الرقم الوطني عن البلاد حسب الدستور والمواثيق التي تم التوقيع عليها من قبل مجلس النواب ، وبيّن أن هذا الأمر منصوص عليه في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والعهد الدولي العام لحقوق الإنسان وفي الميثاق العربي لحقوق الإنسان وفي إعلان القاهرة لحقوق الإنسان أيضا ، وأنها كلها قد نصت على عدم جواز ترحيل مواطن عن بلده .

وقال العرموطي أن الولايات المتحدة كانت قد طالبت الحكومة الأردنية منذ سنوات بترحيل التميمي عن البلاد وتسليمها للولايات المتحدة فصدر قرار عن محكمة الصلح ومحكمة الاستئناف ومحكمة التمييز بعدم جواز ترحيل التميمي عن البلاد ، وكان الحكم قضائيا لا تستطيع الحكومة الأردنية أن تخالفه بعدما اكتسب الدرجة القطعية وأصبح ملزِما وحجة على الكافة ، ومن واجب الحكومة أن تنفذه وأن تلتزم به .

إن أحلام التميمي كمواطنة أردنية تتمتع بحماية دستورية وقانونية ، ولا يحق لأي جهة دولية كانت أن تطالب بإبعادها عن بلدها ، وأي قرار يصدر بالإبعاد أو تسليمها لجهات أخرى يعد انتهاكا واضحا للدستور الأردني ، ومن يخالف الدستور يعتبر إرهابيا بنص قانون منع الإرهاب .

 

اترك تعليقا