السكة – المحطة الفلسطينية
بعد عامين من الإبادة المنظمة ومحاولاتٍ يائسة لتفكيك نسيج المجتمع، تنهض غزة لتقول بحزم ما كان ينبغي قوله منذ زمن: ليس كل من لبس زيًا أو حمل شارة أو تاجر باسم “العمل الإنساني” شريفًا — كثيرون كانوا ولا يزالون عصابات مرتزقة تسرق من جوع الناس وتبيع وطنهم بكبسة زرّ أو صفقة تافهة.
الداخلية أعلنت حملة لمعاقبة من نهب أموال المواطنين أو تلاعب بمواد الإغاثة — وهي بداية ضرورية.
فالعار لا يُمحى بتصريحاتٍ رقيقة؛ الاسم الحقيقي للذي يختبئ وراء لقب “تاجر الإغاثة” هو: لصّ مخاتل خان شعبه مقابل حفنة دولارات وبصمة احتلال.
أما من تعاون بلا حياء مع العدو، فخيانته لا تُقاس بسعرها المادي فقط، بل بمدى تورطه في تعميق معاناة الأمهات والأطفال والجرحى.
لن نرضى بعبارات المجاملة أو بـ”متروكوا للتحقيق” كصيغة مهذبّة تطول التحقيقات وتدفن الملفات.
الشعب يريد مساءلة فعلية، لا استئنافاً إدارياً لملف يصدئ في الأدراج. يجب أن تكون المساءلة علنية: استدعاء، تحقيق مستقل، محاكمة قانونية، ومصادرة أموال وممتلكات استُحصلت بغير وجه حق، وإعادة توزيعها على من يحتاجها فعلاً. لا مكان في غزة لمن راهن على نجاة المحتل أو وظّف فوضاه لكسب ريع أو سلطة هشة.
أما الخطاب العام، فليكن واضحًا: من باع سمعته باع آخر ما تبقّى من كرامة؛ ومن تاجر بالدماء والخبز لن يجد شرف العودة إلى المجتمع قبل أن يكفّ عن تلميعه.
لن نقبل بعفوٍ اجتماعي يطبع الخيانة باسم “الصلح المحلي” قبل أن تُسترد الحقوق وتُستعاد الأموال، قبل أن تقف العدالة وجهًا لوجه مع من تصرف كعميل وعملاء.
وفي رسالة قاسية للذين راهنوا على “الاحتلال الناعم” لاستثمار الفوضى: لقد فشلتم. فشلكم لم يكن عسكريًا فحسب، بل كان أخلاقيًا وروحيًا.
غزة تعلن اليوم أنها لن تسمح بعودة أعوان الاحتلال إلى مناصب أو أدوار، وأن دفتر الحساب سيُفتح أمام الجميع، بلا مجاملات.
الضمير لا يُشترى، والذمّة لا تُقايض، ومن خان وطنه لن يجد في الشوارع ترحيبًا ولا في التاريخ مَكانًا.
المطلوب الآن عدالة سريعة وشفافة، وإجراءات رادعة تحفظ للمجتمع كرامته وممتلكاته، وتُعلم كل مُغرِرٍ أنّ الوطن ليس سوقًا تُقام فيه صفقات الخيانة
