الثلاثاء, ديسمبر 30, 2025

الأكثر

الرئيسيةمحطة المقالاتفي مشهدٍ تراجيدي يبدأ في الصباح ولا ينتهي بحلول المساء هكذا يقضين...

في مشهدٍ تراجيدي يبدأ في الصباح ولا ينتهي بحلول المساء هكذا يقضين أسيرات سجن الدامون روتينهّن اليومي..

السكة – محطة المقالات – منية سلاطنة

في ظل مواكبة عصر التطور والعولمة، استطاعت أسيرات من سجن الدامون المشاركة في (تريندات) روتين الحياة اليومية المنتشرة مؤخراً على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن بطريقةٍ خاصة اعدّتها “السكة” عبر مقابلة حصرية مع إحدى الأسيرات المحررات عن فترة محكوميتها المنقضية (18) شهرا في سجن الدامون، وفي مشهد تراجيدي روَت لنا الأسيرة كيف كانت تقضي يومها وباقي الأسيرات قبل السابع من أكتوبر وما بعده، ومن هنا بدأت المفارقة ..

أمّا قبله: فكان الصباح يبدأ في سمائِهنّ تمام الساعة الثامنة بما يسموه (الفورة) بلغة السجون، وينتهي في تمام السابعة مساءً، خلال ذلك الوقت كُن الأسيرات يَهرعن إلى إنجاز مهامِهن المرهونةِ بمِزاج السّجان قبل أن تتكدّس إلى أيامٍ أُخَر .. فَمنهُنّ من كانت تسترق الخمسة عشر دقيقة للاستحمام قبل الازدحام، وأخرى لغسل ملابسها المُحتكمة فيها لنظام (الدَّوْر) وإلّا ضاعت منهُن تلك الفرصة! والأُخريات المُتبقيات يُحاولن ممارسة رياضة المَشي في الساحة المُغلقة أملاً بتشتيت الأفكار والوساوس التي نالت من أعصابهنّ جرّاء العزل عن الحياة والنور..

اما عن إعداد الطعام فقد كُنّ الأسيرات يرشحنَ انفسهنّ لمهمة توزيع الطعام المحدد كَمّاً ونوعاً من قبل إدارة السجون على باقي الزنازين تحت مسمى(الخولياه)؛ في سبيل الخلاص من غياهب الزنزانة المُعدّة للموت البطيء، حيث يقمن بإعداد طعامهن بأنفسهن بأقل الإمكانيات والموارد المتاحة.

وفي حيثيات الزيارات النادرة، كُنّ الأسيرات ينتظرنَ مواعيد مُحاكمتهن بفارغ الصبر؛ حيث يركبن (البوسطة) التي تُقلهّن إلى الجورِ والظلام ، كُن يعرفن جيداً بأنها ستنقلهن من عتم الزنزانة إلى عتم السنين ، ولكن استراق بعض النظرات إلى عائلاتهن داخل قاعة المحكمة هو ما كان يُهوّن عليهّن ما سبق..

أما فيما بعد السابع من أكتوبر فانتقل الحال من دُجى الظُلم إلى دياجير المصير ..

حيث حُرمت الأسيرات من كل ما سبق ذكره: أُغلقت الزنازين على مدار (24) ساعة لا شمس ولا هواء ولا مُتنفّس، قمعٌ وضرب وشتائم، صودرت إمكانياتهنّ البسيطة من تلفاز أو راديو، لا أدوات للمطبخ رغم شُحّها (سخان الماء، الغاز الحراري أو بما يسمى البلاطة)، لا غسيل للملابس كالمُعتاد، زي واحد صيفاَ وشتاء! يتم غسله ولبسه مباشرة، فُرض عليهنّ منع الاستحمام كعقوبة .. بردٌ قارس وأمراض جلدية، تراجع صحي ملحوظ..

تذكر أسيرتنا المحررة بأنها خسرت عشرة كيلو من وزنها خلال شهر واحد فقط لسوء الوضع ورداءة الطعام، ولربما رداءة الصمت العالمي وسوء قوانينه المُتهالكة والعاجزة عن النظر في قضيّتهن ونُصرتهنّ.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا